صحة جيدة لحياة أفضل

متلازمة داون: قابلية للعلاج قريبًا من خلال العلاج الخلوي.. تقدم واعد في المختبر

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
21 مارس 2025

تثير إمكانية علاج متلازمة داون عبر العلاج الخلوي آمالًا متزايدة في مجال الوراثة ، أين تشير دراسة حديثة إلى أن تقنية كريسبر CRISPR-Cas9، المعروفة باسم “المقص الجزيئي”، قد تتيح يومًا ما تصحيح هذا الخلل الصبغي على المستوى الخلوي. 

تعد تقنية CRISPR-Cas9 منهجية مبتكرة تتيح التعديل المباشر على الحمض النووي بهدف تصحيح، إصلاح أو حذف التسلسلات الجينية المعيبة، ويجرى بالفعل بحثها كخيار علاجي للأمراض الوراثية النادرة، مثل الحثل العضلي الدوشيني. 

وفي دراسة جديدة نشرت في مجلة PNAS Nexus، يستكشف باحثون يابانيون إمكانية استخدام هذه التقنية لعلاج متلازمة داون، وهي حالة تتميز بوجود كروموسوم 21 إضافي بدلاً من زوج طبيعي. 

عمل الباحثون في هذه الدراسة على سلالات خلوية مشتقة من مرضى متلازمة داون، حيث تم الحصول عليها من خلايا جلدية أُعيدت برمجتها إلى خلايا جذعية، وهذا الاختيار كان ضروريًا لأنه يسمح بدراسة التأثير المباشر للتدخل الجيني على الخلايا التي تحمل الخلل الصبغي المميز لهذه المتلازمة. 

وباستخدام تقنية CRISPR-Cas9، استهدف العلماء الكروموسوم 21 الإضافي بهدف تجزئته وإزالته، لذا تمثل هذه المقاربة تطورًا مهمًا، لأنها تعالج المشكلة من جذورها، بخلاف الاستراتيجيات الحالية التي تركز بشكل أكبر على التخفيف من الأعراض. 

ومن أكبر التحديات في هذا النوع من التدخلات هو التأكد من أن إزالة الكروموسوم الزائد لا تؤدي إلى اضطرابات في الوظائف الطبيعية للخلايا. وفي هذه التجربة لاحظ الباحثون أن الخلايا المعالجة لم تُظهر أي تعديلات جينية غير مرغوبة أو تغيرات غير طبيعية في سلوكها البيولوجي. 

وبمعنى آخر بعد إزالة الكروموسوم 21 الزائد، ظلت الخلايا قادرة على الانقسام والعمل بشكل طبيعي، مع احتفاظها بخصائصها الأساسية، وهي النقطة بالغة الأهمية، لأن أي تدخل في الجينوم قد يؤدي إلى آثار جانبية غير متوقعة، مثل طفرات غير مرغوبة أو تغييرات تعيق الوظائف البيولوجية للخلايا. 

على الرغم من أن هذا النجاح يمثل إثباتًا مبدئيًا للمفهوم، إلا أنه لا يزال بعيدًا عن التطبيق السريري، وحاليًا تقتصر التجربة على خلايا معزولة ولم تُختبر داخل كائن حي. 

من جهة أخرى قبل التفكير في تطبيق علاجي على البشر، لا تزال هناك عدة تحديات رئيسية يجب تجاوزها منها: 

  • التحقق من استقرار الجينوم: من الضروري التأكد من أن الخلايا المعدلة لا تطور طفرات ثانوية أو خللًا وظيفيًا على المدى الطويل. 
  •  اختبار الفعالية على أنواع خلوية أخرى: تؤثر متلازمة داون على أنسجة وأعضاء متعددة، خاصة الدماغ، مما يستدعي اختبار هذه التقنية على الخلايا العصبية والخلايا الدبقية، وهي خلايا أساسية في تطور المتلازمة. 
  •  الأمان والأخلاقيات: أي تعديل للجينوم البشري يطرح تساؤلات أخلاقية عميقة، بما في ذلك قضايا الموافقة، المخاطر المحتملة، وإمكانية التلاعب الوراثي وتأثيراته على الأجيال القادمة. 

رغم هذه التحديات تمثل هذه الدراسة خطوة رائدة نحو علاجات جديدة لمتلازمة داون، مما يفتح المجال لإمكانية تصحيح هذه الطفرة الجينية على المستوى الخلوي. 

وقد أجرى العلماء تجاربهم على خلايا مستمدة من مرضى متلازمة داون، حيث استخدموا تقنية CRISPR-Cas9 لإزالة الكروموسوم الإضافي دون التأثير السلبي على الحمض النووي أو وظائف الخلايا. 

ومع أن هذا التطور يمثل إنجازًا مهمًا، إلا أن التجارب لا تزال محصورة داخل المختبر، مما يعني أن الطريق لا يزال طويلاً قبل الوصول إلى تطبيق سريري حقيقي. 

بالرغم من النتائج المبشرة فإن تطبيق هذه التقنية على البشر ما زال بعيد المنال، إذ تواجهه تحديات علمية وأخلاقية كبيرة قبل الشروع في تجارب سريرية. 

ومع ذلك يعتقد الباحثون أن هذه المقاربة قد تتكيف لاحقًا لاستهداف الخلايا العصبية والخلايا الدبقية، التي تلعب دورًا محوريًا في ظهور الأعراض المرتبطة بمتلازمة داون. 

تعتبر هذه الرؤية جديدة والتي قد تمهد الطريق لعلاجات ثورية، لكنها تتطلب مزيدًا من البحث والتقييم قبل أي تطبيق عملي. 

الكلمات المفتاحية: في المختبر، متلازمة داون، خلية، سريري، حمض نووي، CRISPR-Cas9، علاج، خلوي.