للعلم دور أساسي في ضمان غذاء آمن في عالم مليئ بالمتغيرات
بمناسبة اليوم العالمي لسلامة الأغذية، تسلط منظمة الصحة العالمية الضوء على الدور الحاسم الذي يلعبه العلم في مكافحة الأمراض المنقولة عبر الغذاء. وفي ظل التهديدات المتزايدة المرتبطة بالبيئة والديموغرافيا وأنماط الاستهلاك، أصبحت البحوث والابتكار ركيزتين لا غنى عنهما لضمان سلامة الأغذية.
بحوث في خدمة الصحة العامة
ويلعب العلماء دورًا محوريًا في تحديد وتقييم واستباق المخاطر المرتبطة بالملوثات الغذائية سواء كانت معروفة أو ناشئة أو متوقعة. ومن خلال دراسات دقيقة ينتجون بيانات موثوقة تساعد صناع القرار الصحي، والصناعيين، والمستهلكين على اتخاذ قرارات مبنية على العلم.
وتساهم هذه المعارف في وضع سياسات غذائية أكثر أمانًا، وتطوير معايير، والوقاية من المخاطر الصحية بفعالية.
شعار 2025: ”سلامة الأغذية: العلم وأسس اتخاذ القرارات”
تعبئة جماعية تقودها الأدلة العلمية
وتعتمد سلامة الأغذية على سلسلة من الفاعلين المترابطين: المنتجون، المعالجون، الناقلون، الباعة، الطهاة، والمستهلكون. لكل منهم دور في ضمان أن تكون الأغذية آمنة في كل مرحلة من مراحل السلسلة من الحقل إلى المائدة.
- معايير موحدة من أجل سلامة عالمية
وفي عالم أصبحت فيه سلاسل التوريد الغذائية طويلة وعالمية بشكل متزايد، تقوم الثقة على تطبيق ممارسات جيدة، وإجراءات صارمة، ومعايير معترف بها دوليًا، وهي القواعد المشتركة الضرورية لاكتشاف ومنع والقضاء على مخاطر التلوث.
- العلم، دعامة سلامة الأغذية
كل إجراء يُتخذ لحماية الأغذية يستند إلى أدلة علمية قوية، حيث يقوم الباحثون بتحليل كيفية تلوث الأغذية ولماذا تسبب هذه التلوثات أمراضًا. وبفضل خبراتهم يقيّمون المخاطر الصحية المرتبطة بالمخاطر المعروفة أو الجديدة أو المحتملة، ويقدمون توصيات عملية لصناع القرار، ولشركات الأغذية، وللمستهلكين.
- لا سلامة غذائية مستدامة بدون علم
وفي سياق تتنقل فيه المنتجات الغذائية عبر العالم وتتخطى العديد من الحدود، يضمن العلم اتساق وموثوقية عمليات التفتيش والسلامة، بغض النظر عن بلد المنشأ أو الوجهة. وبدون هذا الدعم العلمي، سيكون من المستحيل ضمان سلامة الأغذية ضمن نظام عالمي معقد كهذا.

قرارات مدروسة بفضل البحث العلمي
في عام 2025 يحتفي اليوم العالمي لسلامة الأغذية بالعلم باعتباره محركًا للثقة والوقاية. ومن خلال تعزيز استخدام البيانات والمعرفة العلمية، يمكننا ليس فقط حماية صحة الإنسان بشكل أفضل، بل أيضًا بناء أنظمة غذائية أكثر أمانًا وشفافية واستدامة.
عبء يمكن تفاديه، لكنه لا يزال ثقيلاً
تصيب الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء ملايين الأشخاص سنويًا حول العالم. جميع الفئات العمرية معنية، لكن الأطفال دون سن الخامسة والفئات السكانية الهشة هم الضحايا الأوائل. وهذه الأمراض التي يمكن الوقاية منها تتسبب في معاناة إنسانية، وتأخر في النمو، وخسائر اقتصادية جسيمة.
سياق يزداد تعقيدًا
في إقليم شرق المتوسط تمر الجهود الرامية لضمان وصول عادل إلى غذاء صحي ومغذٍ بمنعطف حاسم، إذ تتفاقم المخاطر الصحية بسبب عدة عوامل:
- التغير المناخي،
- تلوث البيئة،
- التوسع العمراني السريع،
- النمو السكاني،
- التحولات في أنماط الحياة والاستهلاك.
كما تؤدي هذه التغيرات إلى زيادة التعرض للمواد الكيميائية السامة، وبقايا مضادات الميكروبات، والعوامل الممرضة المقاومة للعلاج، مما يزيد من خطرها على صحة الإنسان.
تكلفة بشرية واقتصادية باهظة

تتجاوز تبعات الأمراض المنقولة عبر الغذاء المجال الطبي، إذ تؤدي إلى:
- ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية،
- خسائر في الإنتاجية،
- قيود تجارية،
- عوائق في التصدير،
- وتراجع القدرة التنافسية في الأسواق.
وراء أطباق طعامنا، يكمن رهان مصيري وهو ضمان سلامة الأغذية في كل مرحلة من المزرعة إلى المائدة.
تعبئة عالمية تقودها منظمة الصحة العالمية
منذ صدور القرار WHA73.5 في عام 2020، تتولى منظمة الصحة العالمية تحديث تقديرات العبء العالمي للأمراض المنقولة عن طريق الغذاء. وتشمل هذه البيانات مؤشرات مثل: معدل الإصابة، الوفيات، وعدد سنوات العمر المعدلة حسب الإعاقة (DALYs)، ما يوفر رؤية شاملة لتأثير هذه الأمراض على الصعيد العالمي.
وتُعد هذه المعطيات أساسية لتوجيه السياسات الصحية، وتعزيز أنظمة الغذاء، وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.
الاستثمار في العلم من أجل مستقبل أكثر أمانًا

في ظل عالم سريع التغير، فإن تحسين سلامة الأغذية يمر عبر:
- زيادة الاستثمار في البحث العلمي،
- تطوير تكنولوجيا مبتكرة،
- وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.
ويمثل تبادل المعارف وتوحيد الموارد وتشجيع الابتكار أدوات فعالة لضمان ممارسات غذائية آمنة، مستدامة ومتوافقة مع المعايير المعتمدة.
التزام جماعي قائم على العلم
هذا ويفتح التزام إقليم شرق المتوسط بالعلم المطبق في مجال سلامة الغذاء آفاقًا لمستقبل صحي للجميع. فمن خلال تعزيز التعاون بين الباحثين والحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني، يصبح من الممكن بناء بيئة غذائية أكثر أمانًا وشمولاً، كما أن سلامة الأغذية مسؤولية مشتركة، ووضع العلم في صلب جهودنا هو السبيل لبناء مستقبل أكثر مرونة وإنصافًا، لصحة الشعوب واستقرار الاقتصادات.
الكلمات المفتاحية: التغذية، الصحة، منظمة الصحة العالمية، الأمم المتحدة، المرض، العلم، البحث.