صحة جيدة لحياة أفضل

السيدة حنان تفتح قلبها لـموقع ” صحتي ، حياتي”بين الألم والأمل… أولياء مرضى الضمور العضلي يقاومون بصمت

حرر : رانية رفاد | صحفية
20 أبريل 2025

شهدت السنوات الأخيرة تضافر الجهود وتكثيف الأبحاث الطبية حول الأمراض النادرة التي تتسم بتنوع واسع في الاضطرابات والأعراض، من أبرزها مرض ضمور العضلات، الذي يُعد من أكثر الأمراض الوراثية تعقيدًا وخطورة،  فهو حالة صحية تتسبب في نقص الكتلة العضلية بالتدريج الأمر الذي يلحق الضرر بالجسم من عدة نواحي.

وتعد أمراض الضمور العضلي من أكثر الأمراض الوراثية تعقيدا وخطورة في الجزائر، إذ تؤثر بشكل مباشر على حياة آلاف من الجزائريين، خاصة منهم الأطفال في سن مبكر جدا وتؤدي إلى الإصابة بإعاقات شديدة وحتى الوفاة في بعض الحالات.

معاناة يومية لا تتوقف

يعيش أولياء الأطفال المصابين بهذا المرض معاناة مزدوجة: ألم رؤية فلذات أكبادهم يتلاشون تدريجيًا، وعجزهم أمام كلفة العلاج الباهظة والنادرة في كثير من الأحيان. تقول السيدة حنان بن عميرة، وهي أم لأربعة أطفال منهم إثنين مصابين بمرض نادر يعرف بإسم الضمور العضلي الشوكي ، أن هذا المرض هو مرض وراثي جيني يصيب الأطفال في سنواتهم الأولى، حيث يبدأ الطفل حياته بشكل طبيعي ثم، ما بين سن الثانية والنصف والثالثة، تبدأ أعراض المرض في الظهور، فتضعف العضلات تدريجيًا إلى أن يفقد الطفل قدرته على المشي أو الجري، وتبدأ العضلات في التلاشي بشكل مأساوي.

ما بين الواقع القاسي والحلم في علاج يضع حدًا لهذا المرض، تبقى قصص هؤلاء الأولياء درسًا في الصبر، والتحدي، والإيمان بأن الرحمة لا بد أن تطرق الأبواب في يوم ما. لهذا فتحت لنا السيدة حنان قلبها من خلال موقع ” صحتي ، حياتي”.

أم جزائرية تناشد: أطفال الضمور العضلي الشوكي بحاجة إلى دعم عاجل

تروي السيدة حنان رحلتها مع هذا المرض قائلة: “في البداية، توجهت إلى الجمعية الجزائرية لمكافحة الضمور العضلي بحثًا عن التوجيه والمساعدة في الوصول إلى مراكز إعادة التأهيل الحركي، لأن هذا هو الأمل الوحيد المتاح في الجزائر لتأخير تدهور الحالة، في ظل غياب العلاج المتخصص.”

وتشير حنان إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها عائلات الأطفال المصابين، ومنها غلاء المعدات الضرورية مثل أجهزة التنفس التي يصل سعر بعضها إلى 150 مليون سنتيم، وهو مبلغ يفوق قدرة أي موظف بسيط. وتضيف: “المرض لا يقتصر فقط على العضلات، بل يمتد إلى أعضاء أخرى كالجهاز التنفسي، ما يجعل أجهزة التنفس أمرًا حيويًا لبقاء هؤلاء الأطفال على قيد الحياة.”

مطلب إنساني عاجل: مراكز متخصصة وأجهزة تنفس مجانية

تطالب السيدة حنان، ومن خلال صوت جميع الأمهات المنكوبات، بإنشاء مراكز خاصة لإعادة التأهيل الحركي للأطفال المصابين بالضمور العضلي والضمور العضلي الشوكي، وتوفير كراسٍ كهربائية متحركة وأجهزة تنفس مجانًا، أو على الأقل بوصفات طبية مدعمة، تماشياً مع أبسط حقوق الإنسان في الصحة والحياة الكريمة.

التعليم… حلم مؤجل

وتسلّط السيدة بن عميرة الضوء على الجانب التعليمي، حيث تشير إلى أن ما يقارب 70% من الأطفال المرضى يضطرون إلى ترك مقاعد الدراسة في سن مبكرة، بسبب غياب التهيئة المدرسية المناسبة: لا ممرات مخصصة للكراسي المتحركة، ولا مصاعد أو تسهيلات، ما يجعل المدرسة بيئة غير مناسبة لهؤلاء الأطفال.

الدواء موجود في الخارج… والحل مؤجل

وفيما يتعلق بالعلاج، توضح السيدة حنان أن الأدوية الجينية الحديثة لعلاج الضمور العضلي الشوكي متوفرة في أوروبا، لكن للأسف لا تزال هذه العلاجات نادرة أو غير متوفرة بعد في الجزائر. ورغم إعلان السلطات عن تسجيل نوعين من الأدوية لعلاج هذا المرض، إلا أن الواقع لا يعكس هذا التقدم، ولم يظهر أي تطبيق عملي إلى حد الساعة.

ندرة العلاج وغياب التغطية

ولا يملك مرض الضمور العضلي بنوعيه الوراثي والمكتسب علاجًا شافيًا حتى اليوم، إلا أن هناك أدوية حديثة ظهرت مؤخرًا تساهم في إبطاء تطور المرض وتحسين جودة حياة الطفل ، في حين أسعار هذه الأدوية تتجاوز قدرات معظم الأسر.

مناشدة للسلطات والدولة

هذا ويطالب الأولياء بضرورة إدراج هذا المرض ضمن قائمة الأمراض المزمنة التي تشملها التغطية الصحية، وتوفير الأدوية عبر الصيدليات المركزية. كما يناشدون الدولة بإنشاء مراكز مختصة في إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي للأطفال المصابين، لتخفيف معاناتهم الجسدية والنفسية.

أمل لا يموت… معانتها جعلتها تنخرط في جمعية الجزائرية لمكافحة الضمور العضلي

من جهتها دفعت معاناة أطفالها من مرض الضمور العضلي السيدة بن عميرة إلى أن تُحول ألمها إلى أمل، وأن بإنخرط في الجمعية تهدف إلى مكافحة هذا المرض النادر والمزمن، ودعم الأسر المتأثرة به.

ودفعت معاناة أطفال السيدة ” بن عميرة ” من مرض الضمور العضلي إلى تحول ألمها كأم مكلومة إلى أمل عبر انخراطها في جمعية تهدف الى مكافحة هذا المرض النادر والمزمن مع دعم الأسر المتأثرة به .

تقول ذات المتحدثة: “في البداية شعرت بالوحدة، لم أجد من يرشدني أو يدعمني، لكنني أدركت أن هناك الكثير من الأسر يعيشون نفس المعاناة في صمت، وكان لا بد من أن نُحدث فرقًا.”

الجمعية التي بدأت كفكرة بسيطة، سرعان ما لاقت دعمًا من متطوعين ومهتمين بالشأن الصحي، وبدأت في تنظيم حملات توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تقديم استشارات لبعض الأسر. كما تعمل الجمعية على المطالبة بإدراج المرض ضمن لائحة الأمراض المزمنة التي تستحق تغطية صحية خاصة.

  ليبيا  تدخل سباق علاج ضمور العضلات: نجاحات أولية تبعت بالأمل

شهدت ليبيا خلال السنوات الأخيرة نقلة نوعية في مجال تشخيص وعلاج أمراض ضمور العضلات، بفضل جهود علمية منسقة تقودها لجنة وطنية متخصصة تضم نخبة من الاستشاريين من مختلف المدن الليبية، أبرزها طرابلس وبنغازي ومصراتة.

وفي تصريح خاصت به موقع ” صحتي، حياتي،  ، أكدت الدكتورة سميرة الترهوني، استشارية أعصاب الأطفال في مستشفى طرابلس الجامعي، أن مرضى ضمور العضلات في ليبيا لم يكونوا يحظون سابقًا بالاهتمام الكافي، حيث كانوا يُتابَعون ضمن عيادات الأعصاب العامة دون تخصيص عيادة أو برنامج علاجي خاص. إلا أن اكتشاف العلاجات الجينية الحديثة أسهم في إحداث تحول كبير في المشهد الصحي الوطني.

وأضافت الدكتورة الترهوني أن تأسيس اللجنة العلمية الوطنية لمرضى ضمور العضلات شكّل نقطة انطلاق حقيقية نحو تنظيم وتطوير الرعاية، حيث تعمل اللجنة على حصر الحالات المرضية، ومتابعة أحدث الأبحاث العالمية، والتواصل مع مراكز متقدمة في هذا المجال لتقييم فعالية العلاجات على المرضى الليبيين.

تحليل جيني دقيق.. وتشخيص غير مسبوق

ومن أبرز الإنجازات التي حققتها اللجنة، إدخال التحليل الجيني كأداة أساسية لتشخيص ضمور العضلات منذ عامي 2020 و2021. وقد أدى ذلك إلى تصنيف دقيق للحالات وتحديد الأنواع المختلفة للمرض، ما ساهم في وضع خطط علاجية مخصصة لكل مريض. وشملت هذه التحاليل نحو 149 مريضًا، تم إرسال عيناتهم إلى ألمانيا عبر شركة “بايو شنسيا” المتخصصة في هذا المجال.

وقد جاءت نتائج التشخيص على النحو التالي:

  • ضمور العضلات الشوكي: 27 حالة، بينها 6 حالات تم تشخيصها في عام 2024.
  • ضمور عضلات دوشيني: : 59 حالة.
  • ضمور العضلات الخزامي : 30 حالة.
  • أنواع أخرى نادرة: حوالي 6 حالات.

وأكدت الدكتورة أن إنشاء عيادة متخصصة بمرضى ضمور العضلات، وفتح ملفات طبية وبطاقات متابعة لكل حالة، ساهم في رفع جودة الرعاية الطبية بشكل لافت.

العلاج الجيني يغير الواقع

وفي تطور بارز، أكدت ذات المتحدثة أن الدولة الليبية وافقت على استجلاب العلاج الجيني لمرضى ضمور العضلات الشوكي، وهو إنجاز لاقى ترحيبًا واسعًا في الأوساط الطبية. وقد أظهرت التجارب السريرية نتائج إيجابية، دون تسجيل أعراض جانبية خطيرة. ومن أبرز قصص النجاح، حالة طفلة تم تشخيصها مبكرًا بعد الولادة نظرًا لوجود سوابق وراثية في العائلة. بدأت الطفلة العلاج بعد شهر ونصف فقط من ولادتها في مصر، وهي اليوم تبلغ عامين وتعيش حياة طبيعية كأقرانها.

تصنيف وتطورات في علاج ضمور العضلات الشوكي

ينقسم مرض ضمور العضلات الشوكي إلى أربعة أنواع، ويُعد النوع الأول الأكثر خطورة، إذ يؤدي غالبًا إلى الوفاة خلال أول عامين من العمر. في المقابل، أبدى المرضى المصابون بالنوعين الثاني والثالث تحسنًا ملحوظًا في حركة الأطراف العلوية بعد تلقي العلاج الجيني.

نقل المرضى للعلاج بالخارج

كشفت ، استشارية أعصاب الأطفال، أنه ضمن جهود اللجنة لتوسيع فرص العلاج، تم إرسال 20 طفلًا إلى مصر، و6 آخرين إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لتلقي العلاج الجيني، في إطار شراكات دولية تهدف إلى تحسين فرص النجاة ونوعية الحياة.

الكلمات المفتاحية : مرض الضمور العضلي ، أطفال، معاناة ، ندرة الأدوية

رجوع
التالي