في مشهد مفعم بالأمل والانتماء للأرض، شهدت ولاية برج بوعريريج يوماً بيئياً مميزاً، حيث احتضنت منطقة تيغرمت بدائرة جعافرة فعاليات حملة وطنية كبرى للتشجير، جاءت لتداوي جراح الطبيعة بعد الحرائق المدمّرة التي التهمت مساحات واسعة من الغطاء النباتي خلال شهر جويلية المنصرم. المبادرة الوطنية التي أطلقتها وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري بالتنسيق مع جمعية الجزائر الخضراء، حملت شعاراً يختصر الحلم والطموح: “خضراء بإذن الله”.
وزير الفلاحة يقود الحملة الميدانية من برج بوعريريج
وقام وزير الفلاحة والتنمية الريفية “ياسين المهدي وليد” بزيارة ميدانية إلى الولاية، رفقة وفد رسمي يتقدمه “فؤاد معلى” رئيس جمعية الجزائر الخضراء، وعدد من المسؤولين المحليين وممثلي القطاعات الحيوية والمجتمع المدني والمتطوعين.وقد أشرف الوزير على انطلاق عملية غرس 25 ألف شجيرة على مستوى عدة مناطق بالولاية، أبرزها منطقة تيغرمت التي كانت شاهدة على مأساة النيران في الصيف الفارط، لتتحول اليوم إلى رمز للأمل والإصرار على استعادة الحياة.
وأكد الوزير في كلمته أن الجزائر تجاوزت الهدف المسطر بزراعة أكثر من مليون شجرة على المستوى الوطني، مشيراً إلى أن “عدد المتطوعين في بعض الولايات فاق عدد الشتلات المتوفرة، وهو دليل على وعي بيئي متزايد وحسّ جماعي يعكس حب الجزائريين لأرضهم”.
الجزائر الخضراء… دموع فخر ووفاء للأرض

من جهته عبّر رئيس جمعية الجزائر الخضراء “فؤاد معلى” الذي لم يتمالك دموعه في لحظة مؤثرة بتيغرمت، عن اعتزازه الكبير بالتفاعل الشعبي غير المسبوق الذي عرفته الحملة قائلاً: “الجزائر ستظل خضراء بإذن الله، وسنعمل جميعاً على أن تبقى كذلك من خلال حملات متواصلة تمتد على مدار السنة، أين كانت كلماته المفعمة بالإخلاص بمثابة وعد جديد للطبيعة بأن أبناءها سيظلون أوفياء لها، مجندين من أجل بيئة أفضل للأجيال القادمة.
مجلة “صحتي، حياتي” تشارك بزرع الأمل

وفي لفتة رمزية تعبّر عن التزامها المستمر بقضايا البيئة والصحة، ساهمت مجلة “صحتي، حياتي” في هذه المبادرة الوطنية من خلال غرس شجيرة خضراء في منطقة تيغرمت، لتكون بذلك جزء من الجهود المبذولة لإعادة الحياة إلى المساحات التي أتت عليها ألسنة اللهب خلال الصيف المنصرم.
ولم يكن حضور المجلة مجرد مشاركة رمزية بل تجسيدا فعلياً لرسالتها الإعلامية الهادفة إلى ترسيخ ثقافة بيئية مسؤولة بين أفراد المجتمع، حيث لطالما دافعت صفحاتها عن قضايا الطبيعة، وواكبت الحملات الوطنية الداعية إلى الحفاظ على الغابات، وترشيد استهلاك الموارد، ومكافحة التلوث بمختلف أنواعه. وتحرص المجلة من خلال تقاريرها الميدانية وملاحقها الصحية على ربط مفهوم الصحة بجودة البيئة، إيماناً منها بأن صحة الإنسان تبدأ من صحة محيطه الطبيعي. فالماء النقي، والهواء الطاهر، والتربة السليمة هي أسس حياة متوازنة وآمنة. ومن هذا المنطلق كان انخراطها في الحملة الوطنية للتشجير خطوة عملية لتعزيز هذا الوعي البيئي ونشره بين المواطنين، وخاصة فئة الشباب والمتطوعين.
البيئة… مسؤولية جماعية ومستقبل أمة
وتأتي هذه المبادرة في إطار رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تعزيز الكثافة الغابية واستعادة التوازن البيئي، خصوصاً في المناطق التي تضررت بفعل الحرائق والتغيرات المناخية. فالتشجير لا يمثل مجرد عمل رمزي، بل هو استثمار في الحياة، في الهواء النقي، وفي تربةٍ تستعيد خصوبتها بفضل الجهود المشتركة بين الدولة والمجتمع المدني والمتطوعين.
وتبرز هذه الحملة كمثال حيّ على ما يمكن أن تحققه الإرادة الجماعية عندما تتوحد من أجل هدف نبيل، لتتحول الكلمات إلى أفعال، والرماد إلى خضرة، واليأس إلى أمل متجدد.
فوائد تجعل من التشجير رئة الحياة ومستقبل الأرض

وليس التشجير مجرد عمل تطوعي أو نشاط موسمي، بل هو استثمار طويل الأمد في صحة الإنسان واستقرار البيئة. فيما يلي أبرز ست فوائد جوهرية للتشجير، تبرز أهميته في حماية الكوكب وتحسين جودة الحياة:
- تنقية الهواء وتحسين جودة الأوكسجين : الأشجار تمثل المصفاة الطبيعية للهواء، إذ تمتص ثاني أكسيد الكربون وتطلق الأوكسجين، ما يساهم في خفض معدلات التلوث والغازات السامة. شجرة واحدة قادرة على إنتاج الأوكسجين الكافي لأربعة أشخاص يومياً، مما يجعل الغابات بمثابة الرئتين الخضراوين للأرض.
- مكافحة التغيرات المناخية والاحتباس الحراري: يُعد التشجير سلاحاً فعالاً في مواجهة الاحتباس الحراري، حيث تعمل الأشجار على امتصاص الغازات الدفيئة وتخزين الكربون داخل أنسجتها. وكلما زاد الغطاء النباتي، انخفضت درجة حرارة الأرض، وتراجعت آثار الجفاف والتقلبات المناخية الحادة.
- حماية التربة ومنع الانجراف: جذور الأشجار تعمل كشبكة طبيعية تثبّت التربة وتمنع انجرافها بفعل الرياح أو الأمطار. كما تحافظ على رطوبتها وتزيد من خصوبتها، ما يعزز الزراعة المستدامة ويمنع التصحر الذي يهدد العديد من المناطق في الجزائر والعالم.
- توفير المأوى والتوازن البيئي للحياة البرية: تشكل الأشجار موطناً طبيعياً لمئات الأنواع من الطيور والحيوانات والحشرات، مما يضمن استمرارية التنوع البيولوجي والتوازن البيئي. فاختفاء الغابات يعني فقدان العديد من الكائنات التي تعتمد عليها في الغذاء والمأوى.
- تحسين الصحة النفسية والجسدية للإنسان: أثبتت الدراسات أن المساحات الخضراء تساهم في خفض مستويات التوتر والقلق، وتحفّز الشعور بالراحة النفسية. كما تشجع على ممارسة النشاطات البدنية مثل المشي والجري، مما ينعكس إيجاباً على صحة القلب والجهاز التنفسي.
- جمال عمراني وسياحي مستدام: الأشجار تمنح المدن جمالاً بصرياً وروحاً حيوية، وتحول الشوارع والحدائق إلى فضاءات مريحة وصحية. كما تسهم في تطوير السياحة البيئية، وتشجع على إقامة مشاريع تنموية مستدامة تُدرّ دخلاً على السكان المحليين.
الكلمات المفتاحية : التشجير، البيئة، الغابات، برج بوعريريج، وزارة الفلاحة، جعافرة .
إقرأ أيضاً: