صحة جيدة لحياة أفضل

أوزيمبيك: دواء مضاد لمرض السكري قد يُعيد شباب الدماغ حتى 5 سنوات

حرر : د. عماد بوعريسة | دكتور في الطب
20 أغسطس 2025

دراسة أولية تكشف عن تأثير غير متوقع على الشيخوخة الخلوية

يعود دواء أوزيمبيك (الاسم التجاري للسيماغلوتيد) ليتصدر النقاش من جديد، وهو الدواء الذي يُعرف بفعاليته ضد داء السكري من النوع الثاني، وأُثير حوله الكثير من الجدل بسبب استعماله غير الطبي في فقدان الوزن، لكن هذه المرة لسبب مدهش وقد يكون ثوريا ، إذ يمكن أن يُبطئ الشيخوخة البيولوجية، بل ويجعل بعض الأعضاء مثل الدماغ تتراجع في عمرها لعدة سنوات.

ونشرت دراسة أولية يوم 14 جويلية 2025 على منصة MedRxiv والتي كشفت أن دواء السيماغلوتيد يقلل في المتوسط من العمر البيولوجي بمقدار 3.1 سنوات لدى المرضى الذين خضعوا للعلاج، مع تسجيل تأثيرات ملحوظة تصل حتى -5 سنوات على مستوى الدماغ.

للتذكير العمر البيولوجي يُشير إلى الحالة الفعلية للخلايا والأنسجة والأعضاء، وهو مؤشر يُعد غالبا أكثر دقة من العمر الزمني في تقييم الصحة العامة. يتم قياسه خصوصا عبر الساعات اللاجينية التي تحلل التغيرات الكيميائية في الحمض النووي المرتبطة بالشيخوخة.

وأُجريت الأبحاث على 108 مرضى يعانون من تضخم الدهون المرتبط بفيروس نقص المناعة البشرية، وهي حالة مرضية تتميز بتراكم غير طبيعي للدهون وشيخوخة مبكرة للخلايا. وكان هدف الباحثين تحديد ما إذا كان السيماغلوتيد الموصوف أساسا لتحسين توزيع الدهون، قادرا أيضا على إبطاء عمليات الشيخوخة على المستوى الخلوي.

وفي النتائج لم يُلاحظ أي تغيير لدى مجموعة الدواء الوهمي، بينما شهدت المجموعة التي عولجت بالسيماغلوتيد تراجعا في العمر البيولوجي بعدة مستويات من الجسم أبرزها:

  • الدماغ: حتى 5 سنوات من التجديد العمري التقديري.
  • الجهاز المناعي: تحسن ملحوظ في المؤشرات البيولوجية المرتبطة بالشيخوخة الخلوية.
  • التمثيل الغذائي: إدارة أفضل للدهون الحشوية، وهي عامل معروف بتسريع الشيخوخة.

حسب مؤلفي الدراسة قد يرجه ذلك إلى عدة آليات:

  • تقليل الدهون الحشوية ودهون البطن التي تعطل وظائف الخلايا وتسرع من تدهورها.
  • تحسين حساسية الأنسولين والصحة الأيضية بشكل عام.
  • تقليل الالتهاب المزمن، وهو أحد المحركات الرئيسية للشيخوخة الخلوية (المعروف بـ “التهاب الشيخوخة”).
  • تأثير إيجابي على الحمض النووي عبر التعديل اللاجيني، مما يقلل من تآكل الخلايا.

ولا تقتصر هذه التأثيرات على مرضى فيروس نقص المناعة البشرية، بل قد تشمل أيضا فئات أوسع، خصوصا المعرضين للشيخوخة المبكرة أو الأمراض الأيضية.

ورغم ما تحمله النتائج من وعود ، يجب التأكيد على أن هذه الدراسة لا تزال في طور النشر المسبق ولم تخضع بعد لمراجعة علمية مستقلة ، لذا فهي بحاجة إلى تأكيد من خلال تجارب سريرية أوسع وعشوائية على عينات بشرية متنوعة.

إضافة إلى ذلك يبقى استخدام السيماغلوتيد خاضعا لقيود طبية صارمة مع وجود مخاطر موثقة مثل:

  • آثار جانبية شائعة: غثيان، تقيؤ، إسهال، واضطرابات هضمية حادة.
  • اضطرابات جمالية: فقدان الكتلة العضلية، تغييرات في ملامح الوجه، نحول الأطراف.
  • مخاطر طويلة المدى: أضرار محتملة بعضلة القلب، كما أشارت دراسات حديثة على الحيوانات.
  • مضاعفات عينية: ارتباط محتمل ببعض أمراض الشبكية الخطيرة التي قد تؤدي إلى فقدان البصر.

يقول أطباء الغدد الصماء: «هذا مؤشر علمي مثير للاهتمام لكنه لا يبرر أبدا التداوي الذاتي أو إساءة استخدام السيماغلوتيد لأغراض جمالية.»

ويضيف باحثون في بيولوجيا الشيخوخة: «الآليات المضادة للشيخوخة التي تم تحديدها تبدو منطقية بيولوجيا، والجديد هنا هو قياسها بدقة في عينات بشرية باستخدام أدوات لاجينية متقدمة.»

إذا تم تأكيد هذه النتائج فقد يُمهّد السيماغلوتيد الطريق لظهور فئة جديدة من العلاجات المضادة للشيخوخة ، من خلال أدوية قادرة ليس فقط على إطالة متوسط العمر الصحي بل أيضا على استعادة وظائف خلوية تضررت بفعل الشيخوخة.

أصبح اليوم هذا التوجه الدوائي في أبحاث طول العمر الذي كان يُعتبر يوما ما ضربا من الخيال العلمي، محورا استراتيجيا، تستثمر فيه شركات التكنولوجيا الحيوية المتخصصة في الطب التجديدي والشيخوخة الخلوية.

الكلمات المفتاحية: علاج؛ عمر؛ سيماغلوتيد؛ خلية؛ أوزيمبيك.

إقرأ أيضاً: