مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، أطلقت مديرية التجارة لولاية تيزي وزو حملة واسعة النطاق تهدف إلى الوقاية من التسممات الغذائية. إذ تعتبر هذه الحوادث الصحية شائعة خلال الصيف، وغالبًا ما تنتج عن سوء حفظ المواد الغذائية، أو الإهمال في سلسلة التبريد، أو استهلاك منتجات منتهية الصلاحية أو مخزنة بطريقة غير سليمة.
حملة ممتدة على طول الموسم الصيفي
انطلقت هذه العملية الوقائية والرقابية في الأول من جوان، وستستمر إلى غاية نهاية فصل الصيف. ويكمن الهدف في توعية التجار والمستهلكين بالمخاطر المرتبطة بالمواد الغذائية سيئة الحفظ، إلى جانب تكثيف عمليات التفتيش الميدانية، اين شدد ”عبد الكريم مرابط” مدير التجارة على مقولة: «الوقاية خير من العلاج»، مشددًا على ضرورة استباق المخاطر الصحية في ظل الإقبال السياحي الكبير.
رقابة صارمة على كافة نقاط البيع
وتجوب فرق الرقابة الصحية الأسواق، والبقالات، والمحلات، والمخابز، والمطاعم، وحتى الباعة المتجولين، وتشمل عمليات التفتيش ما يلي:
- احترام سلسلة التبريد بالنسبة للمنتجات الطازجة والمجمدة
- تاريخ صلاحية المنتجات المعروضة للبيع
- نظافة المحلات والمعدات (ثلاجات، واجهات عرض، أسطح العمل)
- ظروف تخزين المواد الحساسة (لحوم، مشتقات الحليب، أسماك، حلويات…)
- ارتداء القفازات والملابس الصحية من قبل الباعة
كما أن كل مخالفة يتم تسجيلها تؤدي إلى توجيه إنذارات أو مصادرة المواد، وقد تصل إلى عقوبات إدارية أو متابعة قضائية، خاصة في حال تعريض الصحة العامة للخطر بشكل مؤكد.
تنسيق متعدد القطاعات لتوسيع التأثير
جدير بالذكر أن هذه الحملة لا يتم تنفيذها بشكل منفرد، بل تعتمد على تنسيق بين عدة جهات منها:
- الجماعات المحلية (البلديات والدوائر)
- مصالح الأمن الوطني والدرك الوطني
- المصالح البيطرية
- جمعية حماية المستهلك
ويسمح هذا التعاون بتغطية فعالة لمجمل تراب الولاية، بما في ذلك المناطق الريفية والمعزولة التي غالبًا ما تُستثنى من حملات التوعية.
المدن الساحلية تحت مراقبة مشددة
تشهد المناطق السياحية مثل تيقزيرت وأزفون والتي تستقطب أعدادًا متزايدة من المصطافين، مراقبة مكثفة. وقد عززت مديرية التجارة الدوريات والنشاطات التوعوية هناك، أين تمّ تنصيب رُكنٍ إعلامي عند مدخل الشاطئ الكبير في تيقزيرت، حيث تُوزع منشورات توعوية وملصقات ونصائح عملية على المصطافين وأصحاب المطاعم.
التوعية من أجل ترسيخ المسؤولية

ولا تقتصر الحملة التي تقودها مديرية التجارة بتيزي وزو على الرقابة والعقوبات فقط، بل تأتي ضمن مقاربة تعليمية طويلة الأمد تهدف إلى تغيير السلوكيات وترسيخ ثقافة الوقاية، وذلك من أجل تحميل كل فاعل في سلسلة الغذاء من المنتج إلى المستهلك، مرورًا بالتجار والمطاعم والموزعين مسؤولياته. ولتحقيق ذلك تعتمد السلطات على التكوين، والتثقيف، والتوعية المباشرة في الميدان.
- بالنسبة للتجار: النظافة، اليقظة، والصرامة
يُطلب من محترفي قطاع الأغذية، خصوصًا في مجالات المطاعم وتوزيع المواد سريعة التلف، الالتزام بممارسات لا تشوبها شائبة من حيث السلامة الصحية، بما في ذلك:
- تركيب أنظمة تخزين مطابقة، تضمن حفظ المنتجات في درجات حرارة مناسبة (خاصة مشتقات الحليب، اللحوم، والأطباق الجاهزة)
- تجديد المخزون بانتظام، لتفادي عرض منتجات منتهية أو متأثرة بالحرارة
- احترام صارم لقواعد النظافة الشخصية ونظافة البيئة، والتأكد من أن الموظفين يتعاملون مع المواد الغذائية بحذر، وأن أماكن التخزين أو التحضير نظيفة، ومعقمة، ومهوّاة جيدًا
كما يُشجّع التجار على متابعة دورات تكوينية في مجال النظافة الغذائية، غالبًا ما تنظم بالشراكة مع جمعيات المستهلك أو هيئات صحية.
- بالنسبة للمستهلكين: اليقظة، الفطنة، والتبليغ
السلامة الغذائية ليست مسؤولية التجار فقط، بل للمستهلك دور محوري. وتؤكد الحملة على أهمية تبني سلوك استباقي تجاه المخاطر. لذا يُدعى المواطنون إلى:
- قراءة الملصقات بعناية، مع التحقق من تاريخ الصلاحية، شروط الحفظ، ومصدر المنتج
- رفض أي مادة غذائية مشبوهة، مغلفة بشكل سيء، أو معروضة في الهواء الطلق، أو تنبعث منها رائحة أو مظهر غير طبيعي
- التبليغ فورًا عن أي مخالفة أو منتج خطير لمصالح الرقابة التابعة لمديرية التجارة، أو عبر الأرقام الخضراء الموضوعة تحت التصرف
ومن خلال تشجيع هذه السلوكيات، تأمل الحملة في إرساء ثقافة مشتركة للسلامة الغذائية، حيث يساهم كل فرد، من موقعه، في حماية صحته وصحة الآخرين.
- مسؤولية جماعية
ترتكز هذه الإستراتيجية التوعوية أيضًا على بُعد مجتمعي وتنسيقي قوي، من خلال شراكات مع الجماعات المحلية، ومصالح الشرطة والدرك الوطني، وجمعيات حماية المستهلك، لتوسيع نطاق الحملة والوصول إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين، خاصة في المناطق السياحية المزدحمة صيفًا. فالهدف لم يعد يقتصر على معاقبة المخالفين، بل بناء بيئة غذائية أكثر أمانًا ومسؤولية، حيث يدرك كل فاعل سواء كان محترفًا أو مواطنًا أثر تصرفاته على الصحة العامة.
رهانات كبيرة في مجال الصحة العمومية
تُسجّل سنويًا في الجزائر مئات حالات التسمم الغذائي، خصوصًا خلال الصيف، وغالبًا ما تكون هذه التسممات قابلة للتفادي، لكنها قد تؤدي إلى عواقب وخيمة مثل القيء، الإسهال، الجفاف الحاد، بل وحتى دخول المستشفى أو الوفاة، لا سيما لدى الأطفال، والمسنين، وذوي المناعة الضعيفة.
ومن خلال التركيز على الإعلام، والوقاية، والرقابة الصارمة، تأمل سلطات تيزي وزو في تقليص عدد الحالات هذا العام بشكل كبير، وضمان صيف أكثر أمانًا للجميع
.الكلمات المفتاحية: تسمم ، صيف ، حرارة ، تيزي وزو ، صحة ، غذاء ، نظافة
اقرأ أيضا: