نظمّت وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية يوم الأربعاء، اجتماعًا تنسيقيًا هامًا حول الإطار التنظيمي المستقبلي للمشروبات المنعشة. وقد ترأس هذا اللقاء الوزير الطيب زيتوني، بحضور رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري ”كمال مولى”، إلى جانب جمعية منتجي المشروبات وممثلين عن عدة شركات كبرى في هذا القطاع.
وتندرج هذه المشاورات في إطار ورشة عمل واسعة لمراجعة القرار الوزاري المشترك الذي يحدد الخصائص التقنية للمشروبات، بهدف تكييف التنظيم الوطني مع المعايير الدولية، من خلال إدماج متطلبات أكثر صرامة في مجالات الجودة والسلامة الصحية والصحة العامة.
تعبئة وطنية من أجل منتجات أكثر أمانًا

وخلال تدخله شدد الوزير الطيب زيتوني على الأهمية الاستراتيجية للصحة العمومية في السياسات الحكومية، مذكّرًا بأن الحكومة ووفقًا لتوجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تعمل على تعزيز السلامة الصحية للمنتجات الواسعة الاستهلاك. ويتحقق ذلك من خلال مراجعة معمّقة للمعايير التقنية، اعتمادًا على مراجع علمية معترف بها دوليًا.
وأكد الوزير على ضرورة إعادة النظر في تركيبة المشروبات، خاصة ما يتعلق بنِسَب السكر، والملونات، والمنكهات الاصطناعية، وغيرها من الإضافات الغذائية التي قد تؤثر سلبًا على صحة المستهلكين وذلك من أجل توفير منتجات أكثر صحية، أكثر مراقبة، ومطابقة للمعايير الغذائية الموصى بها، مع الحد من الآثار الضارة للاستهلاك المفرط للسكر والإضافات، خصوصًا لدى الأطفال.
صحة المستهلكين: ضرورة اقتصادية واجتماعية
وتأتي هذه المبادرة استجابة لانشغال متزايد في مجال الصحة العمومية، في سياق يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الأمراض غير المعدية مثل السكري، والسمنة، وأمراض القلب والشرايين، وارتفاع ضغط الدم في الجزائر. وترتبط هذه الأمراض ارتباطًا وثيقًا بالعادات الغذائية والاستهلاك المفرط للمشروبات المحلاة أو غير المضبوطة.
وأمام هذا الواقع تسعى الحكومة إلى تحمّل الصناعيين لمسؤولياتهم، ومرافقتهم نحو انتقال تدريجي لإنتاج مشروبات أكثر توازنًا من الناحية الغذائية، مع ضمان جودتها الميكروبيولوجية وقابليتها للتتبع. ويهدف هذا المسعى إلى تحسين توعية المستهلك، والوقاية من المخاطر الصحية، وتعزيز الثقة في المنتجات المحلية.
قطاع نشِط بحاجة إلى تأطير وتحديث
كما أشار الوزير زيتوني إلى أن قطاع المشروبات يُعدّ من أكثر القطاعات ديناميكية في الصناعات الغذائية الجزائرية، حيث شهد نموًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة بفضل تنوع العرض وارتفاع الطلب. غير أن هذا النمو السريع يتطلب تأطيرًا صارمًا ومرافقة دائمة لضمان مستوى عالٍ من المطابقة الصحية والتقنية.
ودعا الوزير إلى تحديث وسائل الإنتاج، وتحسين التحكم في المواد الأولية، وتعزيز الإنتاج المحلي للمكوّنات، من أجل تقليص الاستيراد وتعزيز السيادة الإنتاجية للبلاد. ويشمل ذلك تأهيل الوحدات الصناعية، والامتثال لممارسات التصنيع الجيدة، والاستثمار في حلول مبتكرة للتوسيم، والحفظ، والاستدامة.
صناعة منظمة جاهزة لمواجهة التحديات
من جانبه أكد ”كمال مولى” رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري (CREA)، أن قطاع المشروبات يتمتع اليوم بهيكل قوي، وأدوات صناعية حديثة، وإمكانيات نمو كبيرة، ليس فقط لتلبية الطلب الداخلي، بل أيضًا للانفتاح على التصدير. كما أشاد بروح الحوار التي بادرت بها الوزارة، والتي تسمح بإشراك الفاعلين في ديناميكية إصلاح بنّاءة وتنمية مستدامة.
التزام قوي من المنتجين
هذا وقد عبّر منتجو المشروبات المجتمعون حول طاولة النقاش عن التزامهم الكامل بمرافقة هذه المبادرة. وأبدوا استعدادهم لتكييف طرقهم الإنتاجية، وتحسين جودة منتجاتهم، والامتثال للمتطلبات التنظيمية الجديدة لحماية صحة المستهلك، تثمين المنتوج الوطني، وتعزيز تنافسية القطاع في الأسواق المحلية والدولية.
الكلمات المفتاحية: مشروبات، جودة، عمليات إنتاج، مستهلك، CREA