في كل عام يصادف 16 ماي اليوم العالمي للضوء، وهو احتفال أطلقته اليونسكو تخليدًا لحدث علمي بارز وهو أول عملية جراحية ناجحة باستخدام الليزر سنة 1960، والتي أجراها الفيزيائي والمهندس الأمريكي (Theodore Maiman). هذا الإنجاز التاريخي مهد الطريق لتطورات علمية وطبية لا تزال حتى اليوم تُحدث تحولًا في حياتنا اليومية.
مورد أساسي للحياة على الأرض
من دون الضوء سيكون كوكبنا عالمًا مظلمًا وباردًا وغير قابل للحياة. فالشمس تُعد المصدر الأساسي للطاقة الضرورية لكل أشكال الحياة: فهي تُغذي عملية التمثيل الضوئي، تنظم دوراتنا البيولوجية، وتؤثر على توازن النظم البيئية. وحيثما يوجد الضوء، تزدهر الحياة؛ وحين يغيب، تصبح النجاة صعبة.
لكن بعيدًا عن الدور البيولوجي، للضوء تأثير عميق أيضًا على صحتنا البدنية والنفسية. فالتعرض للضوء الطبيعي ينظم ساعتنا البيولوجية، يُحسّن المزاج، يُحفّز الانتباه، ويلعب دورًا حاسمًا في الوقاية من اضطرابات مثل الاكتئاب الموسمي.
الضوء والصحة: تطبيقات علاجية في تطور مستمر
منذ ستينيات القرن الماضي، تكاثرت الاستخدامات الطبية للضوء. فالليزر الذي جاء نتيجة أبحاث حول الضوء المتماسك، أصبح أداة لا غنى عنها في الطب الحديث ، أين يُستخدم في مجالات متنوعة مثل:
- جراحة العيون (تصحيح قصر النظر، علاج الشبكية)،
- الأمراض الجلدية (علاج حب الشباب، الصدفية، أو الأورام الجلدية)،
- علاج السرطان (العلاج الضوئي الديناميكي)،
- طب الأسنان (علاجات دقيقة، أقل تدخلاً وأكثر سرعة)،
- أمراض القلب (رأب الأوعية بالليزر).

كما تشهد العلاجات الضوئية أو ما يُعرف بـ”العلاج بالضوء” تطورًا ملحوظًا. فاليوم تُستخدم أضواء LED محددة لتحفيز التئام الجروح، وعلاج بعض أنواع الإكزيما، وحتى لتخفيف الآلام المزمنة.
وفي الجزائر تمارس تقنية “العلاج بالألوان” (chromatothérapie)، وهي طريقة تقوم على تأثير الأشعة على الجسم، من طرف الطبيبة ”هناء بورحلي زيادي ” على مستوى عيادة “جيهان هنا” (Clinique Jihane Hana).
تأثير حاسم على الصحة النفسية والأنظمة البيولوجية
لا يُعالج الضوء الجسد فقط بل يُعالج أيضًا الروح. فقد أثبتت العديد من الدراسات أن العلاج بالضوء، الذي يُحاكي شدة الضوء الطبيعي، فعّال في علاج “الاضطراب العاطفي الموسمي”، وهو نوع من الاكتئاب ناتج عن قلة الضوء في الشتاء.
كما أن التعرض المنتظم لضوء جيد النوعية يُحسن جودة النوم، يُقلل من التوتر، ويزيد من القدرة على التركيز. وفي المستشفيات ترتبط الغرف التي يصلها الضوء الطبيعي بتحسن أسرع في حالة المرضى وانخفاض في استهلاك الأدوية.
وسيلة للتنمية والتعليم والسلام
تتجاوز أهمية الضوء المجال الصحي، فهو عنصر أساسي للولوج إلى التعليم، التكنولوجيا، وحياة كريمة. فالإضاءة الشمسية تُحدث تحولًا في القرى المحرومة من الكهرباء، تمدد ساعات دراسة الأطفال، وتُحسن من ظروف الأمان. كما تُغذي الضوءُ التقنيات الخضراء، والأنترنت فائق السرعة عبر الألياف البصرية، وتُعزز استقلالية العديد من المجتمعات حول العالم.
دعوة لتعزيز التعاون العلمي
من خلال هذا اليوم تُوجه اليونسكو دعوة للدول من أجل الاستفادة الكاملة من إمكانيات الضوء في مواجهة التحديات الكبرى لعصرنا على غرار الصحة، الطاقة، التعليم، والمناخ. فالضوء كعنصر علمي ورمز للمعرفة، يُعد وسيلة عالمية لتحقيق السلام، والتقدم، والتضامن.
الكلمات المفتاحية: الضوء؛ الصحة؛ العلم؛ الليزر؛ الطاقة؛ الاكتشاف؛ الفيزياء؛ الصحة النفسية.