صحة جيدة لحياة أفضل

هل نوبات الهلع مجرد شعور أم هي اضطراب نفسي يستدعي علاج؟ أخصائية نفسية تكشف عن ذلك …

حرر : عائشة ولدحبيب | صحفية
27 يناير 2024

في الحياة اليومية يواجه الكثيرون مشاكل عديدة تضعهم في مواقف صعبة، ويكون البعض عرضة لتجارب نفسية معقدة نتيجة هذه المواقف، مما تجعلهم يمرون باضطرابات، ويشعرون بهلع وتوتر وخوف شديد، وتسارع في دقات القلب، كلها نوبات تهب عليهم كعاصفة مفاجئة، دون معرفة السبب الرئيسي وراء هذه المشاعر.

ان فهم تأثير هذه الاضطرابات على حياة الانسان يتطلب تسليط الضوء على جوانب عديدة. في هذا الموضوع سنتعرف على أسباب نوبات الهلع، وكيف نتعامل معها؟ وما طرق تجنبها؟ مع الاخصائية المعالجة لمويس كهينة ” مختصة في علم النفس العيادي.

تقول الاخصائية النفسانية ” كهينة لموس”، ان نوبة الهلع او ما يعرف بالعامية لدى المجتمعات العربية ” (الخلعة أو الخباط) هو أحد اضطرابات القلق، يشعر فيها المصابون بالخوف الشديد والقلق مع أعراض فيزيولوجية جسدية، والتي تأتي دون سابق إنذار، بشكل هجمات مختلفة، تستمر لعدة دقائق او اكثر وتسمى علميا نوبات الهلع (Panic attacks). مما تنتج بعض السلوكيات تجنبيه للمصاب وهذا تفاديا للمواقف التي تربطه بها سابقا.

وتشرح الأخصائية لـ “مجلة صحتي حياتي ” أهم أسباب نوبات الهلع، حيث ان السبب الرئيسي ليس واضحا وانما يمكن للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي “وراثي”، او المعتقدات السلبية، وكذا القلق والتوتر الشديد بالإضافة الى المزاد السيء، قد يصابون به عند تعرضهم بمواقف وأحداث معينة مثل: وفاة شخص مقرب، او التعرض لخيبة أمل، أو صدمة نفسية قوية.

وأضافت أن “الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب وتعاطي المخدرات والادمان هروبا من الشعور باليأس والعار لأنهم لا يستطيعون العيش بطريقة عادية، خوفهم من الذهاب للعمل والدراسة والخروج من البيت”،” وأثبتت الأبحاث أن النساء هم أكثر فئة معرضة لنوبات الهلع مقارنة بالرجال “.

رغم أن نوبات الهلع تكون أعراضها عضوية، لكنها تعتبر اضطراب نفسي يدخل ضمن قائمة ” نفسوجسدية”، ولها أعراض عديدة ذان منشأ نفسي، وبتالي تعتبر ضمن اضطرابات القلق لدى الدليل التشخيصي الخامس للاضطرابات النفسية العقلية.

وأشارت الاخصائية الى نوبات الهلع يمكن أن تحدث فجأة، وتصل الأعراض عادة الى ذروتها خلال 10 دقائق من بدايتها، بعد ذلك تختفي في فترة وجيزة. وحسب المتحدثة فان الأعراض الجسدية لنوبات الهلع تتمثل فيما يلي :

  • التعرق
  • الارتعاش او الاهتزاز
  • ألم في الصدر
  • الشعور بالخطر
  • الخوف من فقدان السيطرة
  • تسارع في نبضات القلب
  • ضيق في التنفس
  • غثيان
  • قشعريرة
  • الهبات الساخنة
  • الشعور بالخروج عن السيطرة
  • صداع شديد أو دوخة ودوار
  • الإحساس بالموت
  • الشعور بالانفصال عن النفس

نوبات الهلع مزعجة للغاية ومخيفة أيضا، فاذا استمرت هذه النوبات من 5 الى 20 دقيقة، يجب علينا استشارة المختص النفسي وعدم اهمال التشخيص، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق والمشاعر السيئة لان التوتر والقلق المزمن من أحد أسباب ظهور نوبات الهلع.

ترى الاخصائية لمويس أنه لا يوجد محفز محدد لنوبات الهلع، لكن البعض الذين يعانون من الرهاب يمكن أن يواجهوا محفزات مرتبطة بالرهاب تؤدي الى نوبات الهلع، ويمكن على سبيل المثال ان يعاني الشخص المصاب برهاب الإبر، من نوبة هلع إذا كان سيقوم بسحب دم من اجل تحاليل طبية، في هذه الحالة ممكن تبدأ النوبة في الظهور.

تعتبر الاخصائية ان هذا النهج يبنى على معتقدات المجتمع الذي يعتبر ان نوبات الهلع ” مجرد تأثير لمس أو سحر”، مما يجعلهم يعتمدون على الرقية أو العلاج البديل بدون البحث عن الأسباب الحقيقية ودون التركيز على التشخيص والعلاج النفساني المتخصص.

وأضافت المتحدثة ” على الرغم من أنني أشدد دائما على أهمية العلاج الروحي في تحقيق التوازن بين الجانب النفسي والجسدي، وهذا ليس مقتصرا على الحالات المرضية فحسب، فعلى أي شخص يمر بشعور سيء وخوف وتوتر أن يعتني بنفسه ويعتمد على الأسباب واللجوء الى مختصين وأطباء للعلاج”.

وقالت ” لا يزال المجتمع بحاجة الى ثقافة في العلاج النفسي، وفهم الاضطرابات فمعرفة ما نمر به هو نصف العلاج، وكلما ازداد الوعي بالمرض زال الخوف”.

وعن علاج نوبات الهلع فسرت الاخصائية النفسانية، ان العلاج يختلف حسب الحالة فهناك حالات تستجيب لعلاج نفسي فقط (العلاج المعرفي السلوكي) وهناك من يستجيب لعلاج دوائي ونفسي معا، لهذا من الأفضل الا نلجأ مباشرة الى الادوية لأنها تعالج الاعراض فقط بينما العلاج النفسي يساهم في التخلص من نوبات نهائيا.

هناك عدة أنواع في العلاج النفسي لمساعدة المصاب لتغيير طريقة تفكيره وتصرفاته، ويمكن ان نذكر الأنواع التي تساعد في علاج نوبات الهلع:

  • العلاج السلوكي المعرفي وفي هذه النوعية يقوم المصاب بمناقشة أفكاره وعواطفه لتحديد محفزات نوبات الهلع حتى يتمكن من تغيير سلوكياته وتفكيره وردود أفعاله، وبتالي يبدأ في الاستجابة بشكل مختلف للمحفزات وممكن ان تقل الهجمات وتتوقف.
  • العلاج بالتعرض وتشير المختصة الى انه يتم تعرض المصاب بشكل تدريجي في خياله او واقعه لاي شيء يثير هلعه، ويتعلم فيها تقنيات الاسترخاء وتمارين التنفس للتحكم في القلق.

وتساعد بعض الأدوية على تسوية الاختلالات الكيمائية في الدماغ، هناك بعض الدوية أثبتت فعاليتها مثل مضادات الاكتئاب ومثبطات فهي تساعد على منع الهجمات او التقليل منها.

بالإضافة الى العلاج الجماعي ويعتمد على جمع المرضى لتبادل الخبرات والحصول على الدعم من بعضهم. وهي من أكثر الطرق التي يستجيب فيها المصاب للعلاج

أوضحت المعالجة النفسية لمويس، على انه رغم عدم وجود طريقة محددة لوقف نوبات الهلع فورا، الا ان هناك خطوات يمكن اتخاذها لإدارة الاعراض حتى يتم حل النوبة، وتم تلخيصها فيما يلي:

  • ممارسة التنفس العميق يمكنه ان يقلل من أعراض الهلع أثناء النوبة، والتنفس ببطء وعمق قدر الإمكان من خلال الانف وإخراج الزفير ببطء من خلال الفم، مع غمض العينين لتركيز.
  • استرخاء العضلات جدد مهم لكي يتم التقليل من التوتر والبقاء واعيا.
  • اعتراف المصاب بنوبات الهلع مهم جدا لكي يستطيع الغير مساعدته.
  •  الحرص على ممارسة اليقظة الذهنية لكي يبقى لا يشعر المصاب بالانفصال عن الواقع او عن جسده.

في ختام حديثها، تؤكد الاخصائية النفسية أن نوبات الهلع قد تكون مخيفة ومزعجة في نفس الوقت وأثرها يمكن ان يستمر لفترات طويلة، لهذا حذرت المصابين بعدم اهمال حالتهم، ويجب فهم الأسباب مع مختص في المجال النفسي للتغلب والسيطرة على نوبات الهلع.

عائشة و.ح

مقالات في نفس الموضوع