صحة جيدة لحياة أفضل

الجوز في وجبة الإفطار : دماغ أسرع وأكثر مقاومة

حرر : بوشدوب مريم | دكتورة في التكنولوجيا الحيوية الميكروبية
23 أغسطس 2025

ماذا لو كان بإمكان طعام بسيط مضاف إلى وجبة فطورك أن يعزز قدراتك الذهنية طوال اليوم؟ هذا بالضبط ما تقترحه دراسة حديثة أجراها باحثون بريطانيون وهو أن تناول الجوز في الصباح يُحسّن التركيز، والذاكرة العاملة، ويزيد من مقاومة التعب الذهني.

على مدى سنوات، أكد العلماء على الدور المحوري للتغذية في عمل الدماغ. فالنظام الغذائي المتوازن لا يؤثر فقط على الصحة النفسية والعاطفية، بل يعزز أيضًا القدرات المعرفية، كسرعة معالجة المعلومات، والانتباه، والذاكرة قصيرة المدى. ويشير الباحثون إلى أن وجبة الإفطار تمثل لحظة استراتيجية، لأنها أول مصدر للطاقة بعد صيام الليل، ما يجعلها مؤثرة في الأداء الذهني لبقية اليوم.

لاستكشاف تأثير أحد المكسرات على أداء الدماغ، أجرى علماء من جامعة ريدينغ تجربة على 31 شابًا يتمتعون بصحة جسدية وعقلية جيدة. تناول المشاركون وجبة إفطار مع أو بدون جوز ثم خضعوا لاختبارات معرفية في فترات زمنية مختلفة خلال اليوم فورًا بعد الأكل، ثم بعد ساعتين، وأربع، وست ساعات.

وفي الوقت نفسه تم تسجيل نشاط الدماغ وأُجريت تحاليل دم لقياس التغيرات البيوكيميائية. كما راقب الباحثون تقلبات المزاج، باعتبارها عاملًا مرتبطًا مباشرة بالأداء الذهني.

خلصت الدراسة إلى نتائج مقنعة، فقد حقق المشاركون الذين تناولوا الجوز نتائج أفضل في اختبارات التركيز، والتخطيط، ومعالجة المعلومات المعقدة. وكان دماغهم أكثر استجابة حتى بعد ساعات من تناول الفطور. والأمر اللافت الآخر هو أن الجوز يبدو أنه يحافظ على اليقظة الذهنية لفترة أطول، من خلال الحد من تراجع الانتباه والتعب العقلي الذي يظهر عادة في منتصف أو نهاية اليوم.

من جهتها أكدت تحاليل الدم الفوائد البيولوجية للجوز، حيث لوحظت مستويات أكثر استقرارًا للغلوكوز، مما يوفر طاقة منتظمة للدماغ، إلى جانب ارتفاع في نسبة الأحماض الدهنية المفيدة، وخاصة الأوميغا 3، التي تلعب دورًا جوهريًا في نقل الإشارات العصبية.

وتشير هذه التغيرات البيوكيميائية إلى أن تأثير الجوز لا يقتصر على المدى القصير، بل يغذي الدماغ ويُحسن أيضه وقدرته على التنظيم.

تعود فوائد الجوز إلى تركيبته الغذائية الفريدة التي تشمل:

  • أحماض أوميغا 3 الدهنية: ضرورية لبنية أغشية الخلايا العصبية وللتواصل بين الخلايا العصبية.
  • بروتينات نباتية: تساهم في تصنيع النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين.
  • الفلافونويدات: مضادات أكسدة قوية تقلل من الإجهاد التأكسدي والالتهاب في الدماغ، وهما عاملان رئيسيان في تدهور القدرات المعرفية.

يذكر الباحثون في مقالهم المنشور في مجلة Food & Function أن “الأدلة تتزايد حول دور الفلافونويدات في تحسين الوظائف المعرفية”.

توضح ”كلير ويليامز” المشرفة على الدراسة، أن “حفنة من الجوز على الفطور قد تُعطي دفعة ذهنية حقيقية للشباب حين يحتاجون إلى أداء عقلي مثالي”، كما أن الكمية الموصى بها هي حوالي 50 غرامًا من الجوز، ويفضل أن تُدمج مع وجبة فطور كاملة مثل:

  • 150 غرام من ياوورت الفانيليا
  • 20 غرام من الموسلي الطبيعي
  • 50 غرام من الجوز المجروش

وتقدم هذه التركيبة البروتينات والألياف والدهون الصحية والكربوهيدرات المعقدة، مما يوفر طاقة مستدامة للدماغ وتركيزًا أفضل.

تؤكد هذه الدراسة اتجاهًا متزايدًا في علم التغذية وهو أن ما نأكله صباحًا يمكن أن يؤثر على أدائنا الذهني لفترة طويلة، وليس فقط على الشعور بالشبع، لذا فإن إدماج الجوز في وجبة الإفطار قد يصبح عادة ذكية، سواء كنت طالبًا، عاملًا، أو حتى متقاعدًا.

وأنت هل فكرت يومًا في تغذية دماغك من لحظة استيقاظك؟

الكلمات المفتاحية: دماغ، تغذية، جوز، فطور، فلافونويدات، ذاكرة، صحة

مقالات في نفس الموضوع