صحة جيدة لحياة أفضل

فيتامين B6: محرّك أساسي للطاقة والجهاز العصبي والتوازن الهرموني

حرر : د. عماد بوعريسة | دكتور في الطب
8 يوليو 2025

عند الحديث عن النشاط والحيوية غالبًا ما يُسلّط الضوء على فيتامين C، بينما يُهمل فيتامين B6 رغم أهميته الكبيرة، فهذا الفيتامين يلعب دورًا أساسيًا في دعم طاقة الجسم، توازن المزاج، قوة المناعة، انتظام الهرمونات، وصحة البشرة. في هذا المقال سنتعرّف على فوائده الرئيسية، أعراض نقصه، مصادره الغذائية، والحالات التي قد تستدعي تناول مكملات غذائية تحت إشراف طبي.

ما هو فيتامين ب 6 – B6؟

فيتامين B6 أو البيريدوكسين هو فيتامين قابل للذوبان في الماء، أي أنه يذوب في السوائل ولا يُخزن في الجسم، مما يتطلب تناوله بانتظام عبر الغذاء، ينتمي إلى مجموعة فيتامينات B المعروفة بأهميتها في سير التفاعلات الأيضية الحيوية.

وبما أن الجسم البشري لا يستطيع إنتاجه ذاتيًا، فإن النظام الغذائي يبقى المصدر الأساسي لهذا الفيتامين، إذ يتوفر في مجموعة واسعة من الأغذية النباتية والحيوانية، ومع ذلك فإن بعض الأشخاص قد يكونون عرضة لنقصه، ما يستوجب تناول مكملات غذائية تحت إشراف طبي.

ويلعب فيتامين B6 دورًا مركزيًا في تحويل العناصر الغذائية إلى طاقة، فهو يساهم في تحليل البروتينات، الكربوهيدرات، والدهون، مما يساعد على الحفاظ على مستوى طاقة جيد طوال اليوم، وخلال فترات التوتر، الحمية، أو النشاط البدني المكثف، تزداد الحاجة إلى هذا الفيتامين، ونقصه قد يؤدي إلى التعب، انخفاض القدرة على التحمّل، أو تدني الحالة النفسية، ما يبرز أهمية إدراجه في الوجبات اليومية، حتى في الحميات منخفضة السعرات.

يُعد B6 ضروريًا لتصنيع الناقلات العصبية مثل السيروتونين، الدوبامين وحمض جاما-أمينوبيوتيريك (GABA) ، وهي مواد كيميائية تنظّم المزاج، النوم، والاستجابة للتوتر، أما في أوقات القلق أو الضغط النفسي يمكن أن يساعد المستوى الجيد من B6 في تعزيز الاسترخاء وتقليل الإرهاق الذهني. ويتكامل مفعوله مع عناصر أخرى مثل المغنيسيوم، وفيتامينات B9 وB12 وC وD وE، وأحماض أوميغا 3.

من الوظائف المهمة أيضًا لفيتامين B6 أنه يساهم في تكوين خلايا الدم الحمراء، ففي غيابه تتعطّل عملية إنتاج الهيموغلوبين، مما قد يسبب فقر الدم، وتشمل أعراضه التعب المزمن، الشحوب، وضيق التنفس.

كما يساهم B6 في تحسين إيصال الأوكسجين إلى الأنسجة، ويُعد عاملاً في الحفاظ على النشاط والحيوية، خاصةً عند الأشخاص المصابين بالأنيميا أو الإجهاد.

ويساعد البيريدوكسين في تنظيم الهرمونات الجنسية الأنثوية مثل الإستروجين والبروجستيرون، ويخفف من أعراض الدورة الشهرية على غرار الألم، التوتر، والتعب، وكذلك من هبّات الحرارة التي ترافق سن اليأس.

أما في حالات متلازمة ما قبل الحيض ، قد تساهم في تخفيف تقلبات المزاج وتقليل الانزعاج، ما يجعلها أداة طبيعية ثمينة لصحة المرأة الهرمونية.

يشارك B6 في تحليل البروتينات وتصنيع الأحماض الأمينية، وهي مكونات أساسية للكيراتين، البروتين المسؤول عن صلابة الأظافر، لمعان الشعر، ومرونة البشرة.

لذا يمكن أن يؤدي نقصه إلى هشاشة الأظافر، جفاف الجلد، تقصف الشعر أو حتى تساقطه، وهو يساهم كذلك في تكوين الكولاجين الذي يحافظ على تماسك الجلد.

لحسن الحظ يتواجد فيتامين B6 في مجموعة واسعة من الأغذية منها:

  • اللحوم: الكبد، الدجاج، الديك الرومي، لحم الخنزير، لحم البقر
  • الأسماك: السلمون، التونة، القد، السردين، السلمون المرقط
  • منتجات الألبان: الحليب، الأجبان
  • البقوليات: العدس، الحمص، الفاصوليا
  • الحبوب الكاملة: الشوفان، الأرز البني، الكينوا، الشعير
  • الفواكه: الموز، الأفوكادو، البرقوق المجفف، البابايا، الكشمش
  • الخضار: البطاطا (بقشرتها)، الفلفل، السبانخ
  • المكسرات والفواكه المجففة: الجوز، اللوز، الزبيب، المشمش المجفف

ملاحظة: B6 لا يُخزن في الجسم ويُطرح في البول، لذا يجب تناوله بانتظام.

بعض الفئات معرضة لنقص فيتامين B6، مثل كبار السن المصابين باضطرابات غذائية، الرياضيون الذين يمارسون نشاطًا مكثفًا ، النباتيين، والنساء الحوامل أو المرضعات.

في هذه الحالات يُنصح بتناول المكملات بعد استشارة طبية لتحديد الجرعة المناسبة، ويجب أن تكون المكملات مؤقتة ولا تُعد بديلاً عن النظام الغذائي المتوازن.

تشمل علامات نقص B6:

  • تعب غير مفسر وضعف عام
  • مشاكل جلدية: حب الشباب، جفاف البشرة، تشققات، التهاب جلدي
  • اضطرابات مزاجية: قلق، عصبية، اكتئاب
  • تنميل أو وخز (وقد يتطوّر إلى مشاكل عصبية خطيرة)
  • تساقط الشعر، هشاشة الأظافر
  • تشنجات عضلية، آلام منتشرة
  • تكرار العدوى
  • احمرار وتورم اللسان
  • اضطراب الدورة الشهرية

يمكن تشخيص النقص عبر تحليل دم لقياس مستوى “بيريدوكسال 5-فوسفات (PLP)”، وقد يتطلب الأمر تحاليل إضافية لاستبعاد نقص عناصر أخرى مثل الحديد أو B12.

رغم أن الفائض من B6 يُطرح عبر البول إلا أن الإفراط في تناول المكملات لفترة طويلة قد يكون سامًا، فالجرعات العالية قد تؤدي إلى مشاكل عصبية كتنميل الساقين، أو أعراض هضمية مثل الغثيان وآلام المعدة.

لذلك من الضروري الالتزام بالجرعة اليومية الموصى بها وتجنّب التداوي الذاتي.

الفئة العمرية الكمية الموصى بها
الرضع (0–6 أشهر)       0.1 ملغ / يوم           
الرضع (7–12 شهرًا)     0.3 ملغ / يوم           
الأطفال (1–3 سنوات)    0.5 ملغ / يوم           
الأطفال (4–8 سنوات)    0.6 ملغ / يوم           
الأطفال (9–13 سنة)     1.0 ملغ / يوم           
المراهقون (14–18 سنة)  1.2–1.3 ملغ / يوم       
البالغون (19–50 سنة)   1.3 ملغ / يوم           
الرجال (50 سنة فما فوق)1.7 ملغ / يوم           
النساء (50 سنة فما فوق)1.5 ملغ / يوم           
النساء الحوامل         1.9 ملغ / يوم           
النساء المرضعات        2.0 ملغ / يوم           

ليس فيتامين B6 مجرد عنصر غذائي دقيق، بل هو بمثابة مايسترو حقيقي للرفاه الجسدي، النفسي والهرموني. ويمكن لتغذية غنية ومتنوعة أن تغطي الاحتياجات اليومية منه، لكن في بعض الحالات قد تكون المراقبة الطبية والمكملات المناسبة ضرورية، فيما يبقى الاستماع إلى إشارات الجسم واتباع نمط حياة متوازن هو الاستراتيجية الأمثل للحفاظ على الطاقة والمزاج والصحة العامة.

الكلمات المفتاحية: الصحة؛ فيتامين؛ B6؛ عنصر غذائي دقيق؛ الجسد؛ النفس.

مقالات في نفس الموضوع