صحة جيدة لحياة أفضل

الربو الناتج عن العواصف الرعدية: خطر غير معروف لكنه حقيقي .. كيف نحمي أنفسنا منه؟

حرر : د. فويوليتا جوليا بوزيو | دكتورة في الطب
3 أغسطس 2025

ظاهرة جوية ذات عواقب طبية خطيرة

الربو الناتج عن العواصف الرعدية ، أو ما يُعرف بـ “ربو العواصف الرعدية” (thunderstorm asthma)، هو ظهور مفاجئ لنوبات ربو خلال أو مباشرة بعد حدوث عاصفة رعدية في فصل الصيف. ويُعد اضطرابًا تنفسيًا حادًا ناتجًا عن استنشاق جزيئات مسببة للحساسية شديدة الدقة، تنتجها العواصف نفسها، وما يجعله خطيرًا هو سرعة ظهوره، وشدة أعراضه، وإمكانية إصابته لأشخاص ليس لديهم تاريخ مرضي مع الربو.

في موسم التلقيح ( مثل التبن والحبوب ) يكون الهواء مشبعًا بملايين حبوب اللقاح، وعادةً ما تكون هذه الحبوب كبيرة جدًا لتدخل بعمق إلى الرئتين، لكن أثناء العاصفة الرعدية تحدث الأمور التالية:

  • الرطوبة العالية تؤدي إلى انفجار حبوب اللقاح بفعل ما يُعرف بالتفتت الأسموزي (fragmentation osmotique).
  • كل حبة تطلق مئات الجسيمات المجهرية، بحجم بضعة ميكرونات، قادرة على التغلغل عميقًا في القصيبات الهوائية (التفرعات الصغيرة في الرئتين).
  • النشاط الكهربائي للعاصفة والتيارات الصاعدة تركز هذه الجزيئات قرب سطح الأرض، ما يجعلها سهلة الاستنشاق.

هذا المزيج يؤدي إلى رد فعل التهابي عنيف في المجاري التنفسية، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه حبوب اللقاح.

تشير الدراسات إلى أن هناك عدة مجموعات معرضة بشكل خاص:

  • مرضى الربو غير المتحكم به: 90% من الحالات الخطيرة تحدث لأشخاص مصابين بالربو ولكنهم لا يتلقون العلاج المناسب أو لا يتابعون حالتهم.
  • الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه حبوب لقاح النجيليات، حتى إن لم يكونوا مصابين بالربو مسبقًا.
  • المراهقون والشباب (بين 14 و44 عامًا): يشكلون الغالبية من الحالات الحادة.
  • الرياضيون وراكبو الدراجات والعداؤون: لتعرضهم في الهواء الطلق وقت العاصفة.
  • غير المشخصين سابقًا: بعض الأشخاص يكتشفون قابليتهم للإصابة خلال نوبة مفاجئة أولى.

يمكن أن تظهر العلامات خلال دقائق معدودة:

  • سعال جاف مستمر
  • صعوبة في التنفس، خاصة عند الشهيق العميق
  • ضيق في الصدر
  • أزيز أو صفير في الصدر
  • تزايد في ضيق النفس
  • زرقة في الشفاه أو الأصابع (دلالة على نقص الأوكسجين)
  • قلق، هيجان، أو حتى ارتباك ذهني: علامات على ضائقة تنفسية شديدة
  • استنشاق موسّع قصبي (مثل الفنتولين).
  • اللجوء إلى مكان مغلق مع إغلاق النوافذ، وتجنب أجهزة التكييف التي تسحب الهواء من الخارج.
  • الاتصال بالإسعاف إذا لم تختفِ الأعراض بسرعة.

 في المستشفى تشمل العلاجات: الأوكسجين، جلسات تبخيرة، كورتيكوستيرويد ( corticoïdes ) ، وأحيانًا الإقامة في العناية المركزة.

بالنسبة للأشخاص المعرّضين للخطر:

  • استشارة طبيب مختص بالحساسية لإجراء اختبار التحسس تجاه حبوب اللقاح.
  • اتباع علاج وقائي منتظم في حال الإصابة بالربو.
  • تجنب الأنشطة الخارجية قبل وأثناء ومباشرة بعد العواصف، خاصة في فترة انتشار حبوب اللقاح.
  • إغلاق النوافذ، وإيقاف التكييف إذا كان يعتمد على الهواء الخارجي.
  • ارتداء كمامة مفلترة (من نوع FFP2) عند الخروج.
  • متابعة نشرات حبوب اللقاح والتنبؤات الجوية

يتفق الخبراء على أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة كمية حبوب اللقاح وشدتها، كما يجعل العواصف الصيفية أكثر عنفًا. وبالتالي فإن التغير المناخي قد يجعل نوبات الربو العاصفي أكثر تكرارًا، وأبكر زمنًا وأشد خطرًا.

في عام 2016 تسببت عاصفة رعدية في ملبورن أستراليا، بكارثة صحية حقيقية وهي 10 وفيات، وأكثر من 10 آلاف حالة طارئة تنفسية خلال ساعات قليلة.

رغم أن هذه الظاهرة نادرة فإنها لم تعد استثنائية، أين يذكرنا الربو الناتج عن العواصف الرعدية بمدى تأثير البيئة على صحتنا، في حين يمكن لكل من التكفل الطبي الجيد، والمراقبة الجوية، وبعض الإجراءات الوقائية البسيطة إنقاذ الأرواح.

الكلمات المفتاحية: الربو؛ حبوب اللقاح؛ الصيف؛ العواصف العنيفة؛ التنفس؛ الصحة؛ الطب.

مقالات في نفس الموضوع