صحة جيدة لحياة أفضل

السرطان: الرعاية الداعمة ركيزة مجهولة لكنها أساسية في التكفل بالمرضى

حرر : د. سعاد إبراهيمي | دكتورة في الطب
26 أكتوبر 2025

عندما نتحدث عن علاج السرطان، تتجه الأذهان تلقائياً نحو الجراحة أو العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو المناعي. ومع ذلك خلف هذه الأسلحة العلاجية الثقيلة والمجهدة غالباً، يكمن جانب أساسي آخر من الرعاية: الرعاية الداعمة.

أكثر من مجرد مرافقة

ولطالما اعتُبرت هذه الرعاية ثانوية، لكنها اليوم تُعد ركناً علاجياً حقيقياً، مُثبتاً علمياً، وإن كانت لا تزال غير معروفة بما يكفي لدى عامة الناس.

يُوضح أطباء الأورام أن «العديد من المرضى يخلطون بين الرعاية الداعمة والرعاية التلطيفية، رغم أنهما نهجان مختلفان تماماً». فالرعاية التلطيفية تُقدَّم عندما لا يمكن الشفاء من المرض، بينما ترافق الرعاية الداعمة المريض منذ لحظة التشخيص، بالتوازي مع العلاجات المضادة للسرطان، لتحسين جودة حياته في كل مرحلة من مراحل العلاج.

عملياً تشمل الرعاية الداعمة جميع التدخلات غير المرتبطة مباشرة بعلاج السرطان، لكنها ضرورية لصحة المريض العامة. وهي تهدف إلى الوقاية من الآثار الجانبية للمرض أو العلاجات، وتخفيفها أو تصحيحها. ومن بين هذه الرعاية:

  • إدارة الألم والتعب من خلال وسائل دوائية وغير دوائية (الاسترخاء، التأمل، التنويم المغناطيسي، وغيرها).
  • الدعم النفسي لمساعدة المرضى وأسرهم على مواجهة القلق والاكتئاب والخوف من الانتكاس.
  • الدعم الغذائي لتجنّب سوء التغذية وتعزيز تحمّل العلاجات.
  • النشاط البدني المناسب الذي يُعتبر اليوم أداة علاجية فعّالة لتقليل التعب وتحسين الحالة النفسية وتقليل خطر الانتكاس.
  • الرعاية الاجتماعية من خلال الدعم الإداري والمهني لتسهيل العودة إلى الحياة اليومية.

الرعاية الداعمة لا تشفي من السرطان، لكنها تُحدث فرقاً كبيراً في حياة المرضى.

تتزايد الدراسات التي تُظهر فعالية هذه المقاربات التكميلية فالنشاط البدني المنتظم على سبيل المثال، يُقلل خطر الانتكاس بنسبة تتراوح بين 20 و30٪ في بعض أنواع السرطان مثل الثدي والقولون والبروستات.

كما أن الدعم النفسي المخصص يُحسن من التزام المرضى بالعلاج ويُقلل من حالات الانقطاع عنه. وأخيراً فإن معالجة الألم والآثار الجانبية مبكراً (كالغثيان واضطرابات النوم والاعتلال العصبي…) تساعد على تحمل أفضل للعلاج وتسريع التعافي.

لهذا السبب تُوصي الهيئات الصحية اليوم بإدماج الرعاية الداعمة بشكل منهجي منذ لحظة إعلان التشخيص.

تعتمد هذه المقاربة الشمولية على تعاون وثيق بين مختلف المهنيين: أطباء الأورام، الممرضين، أخصائيي العلاج الطبيعي، أخصائيي التغذية، الأطباء النفسيين، المساعدين الاجتماعيين، معالجي الاسترخاء، بل وحتى خبيرات التجميل المتخصصات.

ويستفيد كل مريض من برنامج شخصي يتناسب مع عمره، حالته الصحية، نوع السرطان الذي يعاني منه وبيئته المعيشية.

  • التحدث عن الأعراض: التعب، الألم، القلق، أو اضطرابات الجهاز الهضمي يجب ألا تُهمَل أبداً.
  • طلب الرعاية الداعمة منذ التشخيص، فكلما بدأت مبكراً كانت أكثر فعالية.
  • الحفاظ على نشاط بدني منتظم يتناسب مع القدرات، حتى وإن كان خفيفاً.
  • مراقبة النظام الغذائي وتفضيل الوجبات المتوازنة الغنية بالفواكه والخضروات والبروتينات.
  • الاعتماد على الأسرة وجمعيات المرضى لتجنّب العزلة.

الرعاية الداعمة ليست “خياراً مريحاً”، بل رافعة علاجية أساسية معترف بها من قبل المجتمع الطبي. فهي تعيد وضع المريض في مركز رحلة العلاج من خلال النظر إلى جسده وعقله وبيئته ككل لا يتجزأ.

العيش بشكل أفضل أثناء السرطان يعني أيضاً مقاومته بشكل أفضل.

الكلمات المفتاحية: السرطان، العلاج، المرض، الصحة، الجسد، العلاج، الدعم، الرعاية.

إقرأ أيضاً: