صحة جيدة لحياة أفضل

ما هو السن الذي تبدأ فيه شيخوخة الجسم؟

حرر : د. سعاد ابراهيمي | دكتورة في الطب
7 أغسطس 2025

كلنا تساءلنا جميعًا يومًا ما متى نبدأ فعليًا في التقدم في السن؟ رغم أن الشيخوخة يتم رؤيتها غالبًا كحالة ذهنية، إلا أن العلم يذكّر بأنها ظاهرة بيولوجية حقيقية بطيئة لكنها حتمية، فالتيبس عند الاستيقاظ، ضيق في التنفس بعد مجهود، إرهاق أسرع… كلها إشارات على أن الجسم يدخل مرحلة جديدة من تطوره.

وحاول فريق من الباحثين في أكاديمية العلوم ببكين الإجابة عن هذا السؤال، أين نشرت نتائج أبحاثهم في مجلة Cell، مقدمة رؤية غير مسبوقة حول اللحظة التي تبدأ فيها الشيخوخة فعليًا على المستوى الخلوي والجزيئي.

وركز الباحثون على البروتينات وهي جزيئات أساسية في بناء الخلايا ووظائفها وتنظيمها. ولأجل هذه الدراسة تم تحليل أكثر من 500 عينة من أنسجة بشرية (عضلات، أعضاء، أوعية دموية) لمتبرعين تراوحت أعمارهم بين 14 و55 عامًا.

وكشفت النتائج عن تغيّر كبير بين سن 45 و55 عامًا، مع نقطة تحول واضحة عند الخمسين، وهي مرحلة تتزامن مع تغييرات كبيرة في النشاط الهرموني.

في سن الخمسين تزداد فجأة وتيرة إنتاج 47 هرمونًا، ما يؤدي إلى اضطراب في تجديد الأنسجة وتسريع تدهورها. فكل من القلب، الجلد، وأعضاء أخرى تتأثر بشكل ملحوظ، ويعتبر الباحثون هذا الاختلال الهرموني مؤشرًا قويًا على الدخول في الشيخوخة البيولوجية.

رغم أن الشيخوخة تتسارع بدءً من الخمسين، إلا أن بعض المؤشرات تظهر أبكر من ذلك بكثير، فالشريان الأورطي وهو الشريان الرئيسي في الجسم، يبدأ في إظهار علامات التدهور منذ سن الثلاثين، وركّز العلماء على بروتين محدد يُعرف باسم ( GAS6 (growth arrest-specific 6..

وأظهرت التجارب أن حقن بروتين GAS6 في الجسم يؤدي إلى تسريع شيخوخة عدة أعضاء، ويبدو أنه يتلف جدران الأوعية الدموية ويسهم في التراجع المبكر لبعض الأنظمة.

وفقًا للباحثين لا يوجد حاليًا أي علاج يمكنه عكس أو إيقاف الشيخوخة، فكل عضو في الجسم يشيخ بوتيرته الخاصة، لكن بعض الأعضاء – مثل الأوعية الدموية – تلعب دورًا محوريًا في نشر إشارات التدهور.

وهذه النتيجة تتعارض مع وعود “التجديد البيولوجي” التي يروج لها بعض رواد وادي السيليكون مثل برايان جونسون، والواقع حسب العلماء أن الشيخوخة ليست موحدة بل تعتمد على تفاعل معقد بين الهرمونات والبروتينات وقابلية الأنسجة للتأثر.

تعتبر الشيخوخة عملية طبيعية تتشكل وفقًا لعواملنا الوراثية، ونمط حياتنا، والبيئة التي نعيش فيها. ورغم أنه لا يمكن إيقافها إلا أنه يمكن التأثير في وتيرتها، لذا فإن فهم متى وكيف تبدأ يفتح المجال أمام استراتيجيات وقائية مستقبلية، خاصة في ما يتعلق بصحة القلب والأوعية الدموية والتوازن الهرموني.

الكلمات المفتاحية: الشيخوخة؛ عملية؛ طبيعية؛ جينات؛ هرمون؛ جسم؛ صحة؛ نمط حياة.

إقرأ أيضاً: