صحة جيدة لحياة أفضل

زجاجة الماء المنسية في السيارة: خطر يُستهان به

حرر : د. سعاد ابراهيمي | دكتورة في الطب
27 أغسطس 2025

عندما ترتفع درجات الحرارة، يترك العديد من السائقين زجاجة ماء في سياراتهم ظناً منهم أنهم بذلك يمنعون حدوث الجفاف المحتمل. غير أن هذه العادة البسيطة تخفي وراءها مخاطر حقيقية: حريق، تلوث ميكروبي، وانتقال مواد كيميائية إلى الماء.

خطر مجهول للصحة والسلامة

قليل من الناس يعلمون أن هناك خطر اندلاع حريق، فالزجاجة البلاستيكية الشفافة المملوءة بالماء يمكن أن تعمل كعدسة مجمعة للضوء، حيث تركز أشعة الشمس في نقطة واحدة، قادرة على تسخين مادة قابلة للاشتعال (مثل المقعد، البلاستيك أو الأقمشة).

وأظهرت تجارب أجرتها بعض فرق الأمن ضد الحرائق أن درجة الحرارة عند النقطة البؤرية قد تتجاوز 90 درجة مئوية، وهي حرارة كافية لإشعال احتراق بطيء في الأقمشة الصناعية. وبالرغم من أن هذا الحدث نادر، إلا أنه يصبح أكثر احتمالاً خلال موجات الحر، عندما تتجاوز حرارة المقصورة 50 درجة مئوية.

البلاستيك المستخدم في الزجاجات غالباً ما يكون من نوع PET (بولي إيثيلين تيرفثالات)، وليس خالياً كيميائياً. تحت تأثير الحرارة والزمن تنتقل بعض المركبات إلى الماء.

  • ثنائي الفينول : المستخدم في بعض أنواع البلاستيك والراتنج، هو من المسببين لاضطرابات الغدد الصماء، ويستطيع محاكاة عمل الهرمونات مثل الإستروجين، ما يؤدي إلى اضطراب التوازن الهرموني. وترتبط بعض الدراسات بزيادة خطر الإصابة بالسرطانات الهرمونية (الثدي، البروستات)، العقم، واضطرابات نمو الأطفال.
  • الفثالات: وهي مواد ملينة تضاف للبلاستيك لتليينه، قد تؤثر على وظيفة الخصية، تقلل الخصوبة لدى الرجال، وتزيد من مخاطر اضطرابات الأيض مثل السكري والسمنة.
  • الميكرو بلاستيك والنانو بلاستيك: وهي جزيئات صغيرة جداً غير مرئية للعين المجردة تنفصل تدريجياً. وعند ابتلاعها يمكن أن تتجاوز الحاجز المعوي وتدخل الدورة الدموية. أين أظهرت أبحاث حديثة وجودها حتى في المشيمة ورئة الإنسان. كما أن تأثيراتها طويلة المدى ما زالت غير مفهومة تماماً، لكن يُشتبه في دورها المسبب للالتهابات والسرطان.

الماء الساخن في الزجاجة البلاستيكية لم يعد آمناً، فهو يختلط بجزيئات ضارة.

بعيداً عن الكيمياء تعمل الحرارة كحاضنة بيولوجية. ففي سيارة معرضة للشمس قد تتجاوز الحرارة 50 إلى 60 درجة مئوية. والزجاجة المفتوحة تحتوي دائماً على بعض البكتيريا القادمة من الفم أو الهواء المحيط.

تجد هذه الكائنات الدقيقة في الماء الراكد بيئة مثالية للتكاثر:

  • يمكن أن تتطور بكتيريا مثل E. coli أو Pseudomonas وتسبب اضطرابات هضمية (إسهال، آلام بطن).
  • يمكن أن تتكاثر الفطريات المجهرية، مع خطر العدوى للأشخاص الضعفاء (أطفال، كبار السن، أصحاب المناعة الضعيفة).

كما أن تجمع الحرارة والزمن يحوّل الزجاجة البسيطة إلى “حاضنة” حقيقية للكائنات الدقيقة.

الاستهلاك المنتظم لماء ملوث أو متأثر بالحرارة يمكن أن يؤدي إلى:

  • على المدى القصير: غثيان، آلام بطن، إسهال، حمى خفيفة نتيجة تكاثر الميكروبات.
  • على المدى المتوسط: التعرض المتكرر للمواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء، مما يخل بالتوازن الهرموني، والنظام التناسلي، والأيض.
  • على المدى الطويل: زيادة خطر السرطان، الأمراض الأيضية (سكري النوع الثاني، السمنة)، مشاكل القلب والأوعية الدموية، والعقم.

حتى وإن كانت الزجاجة سليمة، فإن الماء الساخن في السيارة لم يعد آمناً للشرب.

  • عدم ترك زجاجة بلاستيكية معرضة للشمس داخل السيارة.
  • تخزينها في الظل عند الحاجة مثل الصندوق الخلفي للسيارة، لتقليل تأثير العدسة المكبرة.
  • تجديد الماء بانتظام بدلاً من إعادة استخدام نفس الزجاجة لأيام عدة.
  • تفضيل الزجاجات القابلة لإعادة الاستخدام من الفولاذ المقاوم للصدأ أو الزجاج، المقاومة للحرارة والمستقرة كيميائياً.
  • حمل كمية صغيرة من الماء البارد عند التنقل بدلاً من تخزين زجاجة لفترة طويلة.

ترك زجاجة ماء بلاستيكية في السيارة ليس أمراً بسيطاً، فهو مصدر محتمل للخطر: حريق نادر لكنه ممكن، تلوث كيميائي وميكروبي أكثر شيوعاً. وللحفاظ على الترطيب بأمان يُفضل استخدام زجاجات فولاذية مع تجديد الماء وتخزينه في الظل.

الكلمات المفتاحية: ماء؛ صيف؛ مسخن؛ حرارة؛ صحة؛ زجاجة؛ بلاستيك؛ سيارة؛ شمس؛ ميكروبلاستيك؛ نانوبلاستيك.

إقرأ أيضاً: