صحة جيدة لحياة أفضل

من فطر الهلوسة إلى العلاج النفسي: السيلوسيبين يفتح آفاقًا واعدة

حرر : د. سليم بن لفقي | دكتور في علوم الأعصاب
20 يونيو 2025

منحت نيوزيلندا رسميًا في 18 جوان 2025  وتحت شروط صارمة، الترخيص بالاستخدام الطبي لمادة السيلوسيبين ، وهي المكون النشط في فطر الهلوسة، هذا الضوء الأخضر يشكل تقدمًا كبيرًا في مواجهة أشد أنواع الاكتئاب مقاومة للعلاجات التقليدية.

السيلوسيبين هو مركب مهلوس يوجد طبيعيًا في عدة أنواع من الفطر المعروف بـ”فطر الهلوسة”. ولطالما ارتبط استخدامه بالأنشطة الترفيهية أو الروحية، لكنه أصبح الآن محط اهتمام متزايد في المجال الطبي، خصوصًا بفضل تأثيراته السريعة والممتدة في مكافحة الاكتئاب.

وفي بيان رسمي أعلن ”ديفيد سيمور”، الوزير المساعد للصحة: “وافقت Medsafe على وصف السيلوسيبين الطبي خارج نطاق التجارب السريرية، وهي سابقة في نيوزيلندا.” ومع ذلك أوضح أن المادة لا تزال تُصنَّف كدواء غير معتمد، ومخصصة فقط للحالات الاستثنائية. إذ يُسمح فقط للأطباء النفسيين ذوي الخبرة والمعتمدين بشكل خاص بوصفه للمرضى الذين يعانون من اكتئاب مقاوم للعلاج.

يؤثر السيلوسيبين بشكل أساسي على مستقبلات السيروتونين من نوع 5-HT2A، والتي لها دور في تنظيم المزاج، والقلق، والإدراك الحسي. ويؤدي تنشيط هذه المستقبلات إلى سلسلة من التأثيرات الكيميائية العصبية والكهربائية، ما يغيّر مؤقتًا الروابط بين مناطق مختلفة في الدماغ. هذه التغيرات العصبية قد تفسر التأثيرات السريعة والممتدة على أعراض الاكتئاب.

وفقًا لعدة دراسات، أظهر السيلوسيبين فعالية حتى لدى مرضى يعانون من اكتئاب حاد. ففي دراسة تعود لعام 2016 تبين:

  • تحسُّنًا ملحوظًا في الأعراض يحدث غالبًا منذ الجلسة الأولى.
  • يمكن أن تستمر التأثيرات الإيجابية لعدة أسابيع أو حتى أشهر.
  • بعض المرضى ظلوا في حالة تعافٍ لسنوات بعد العلاج.

رغم إمكاناته العلاجية، فإن السيلوسيبين ليس علاجًا سحريًا، أين يتطلب استخدامه الطبي إشرافًا صارمًا ضمن بروتوكول محدد ومتابعة نفسية مخصصة. وتؤكد السلطات الصحية على ضرورة تدريب مهنيي الصحة لضمان سلامة المرضى، وتفادي المخاطر المحتملة مثل التجارب السيئة (bad trips) أو الانتكاسات، وتحقيق أفضل النتائج العلاجية.

بينما تتسم مضادات الاكتئاب التقليدية بتأثير بطيء وآثار جانبية ملحوظة، فإن السيلوسيبين يقدم طريقًا بديلًا واعدًا، خاصة لمن فشلوا في العلاج التقليدي. ويأمل الباحثون أن تحذو دول أخرى حذو نيوزيلندا، بدمج هذه المادة في إطار طبي قائم على الأدلة العلمية والاستماع الفردي لحالة كل مريض.

لطالما كانت مادة السيلوسيبين لفترة طويلة على هامش الطب، لكنها قد تصبح في المستقبل أداة رئيسية لعلاج الاضطرابات النفسية المقاومة، شريطة أن تُستخدم ضمن إطار طبي صارم وأخلاقي.

الكلمات المفتاحية: الصحة؛ السيلوسيبين ؛ الطب النفسي؛ الاستخدام الطبي؛ الفطر؛ الجزيئات.