صحة جيدة لحياة أفضل

مضادات الاكتئاب والخرف: مزيج خطير على الدماغ 

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
26 فبراير 2025

أظهرت دراسة حديثة وجود ارتباط مثير للقلق بين تناول مضادات الاكتئاب وتفاقم التدهور الإدراكي لدى مرضى الخرف، أين تطرح هذه النتائج تساؤلات جوهرية حول استخدام هذه الأدوية، خصوصًا لدى كبار السن والأشخاص الأكثر عرضة للخطر. 

في الجزائر تُوصف مضادات الاكتئاب بشكل شائع لعلاج الاكتئاب، وهو اضطراب يؤثر على الحالة المزاجية، وكذلك على الوظائف الحركية والإدراكية، حيث تعمل هذه الأدوية بشكل مباشر على الدماغ عبر تعديل انتقال الإشارات الكيميائية بين الخلايا العصبية، بهدف استعادة التوازن العاطفي والعقلي. 

ورغم إثبات فعاليتها في تخفيف أعراض الاكتئاب، فإن تأثيرها طويل المدى على صحة الدماغ يظل محل قلق. 

لا تخلو مضادات الاكتئاب من المخاطر، إذ يمكن أن تسبب عدة آثار جانبية تؤثر على أنظمة الجسم المختلفة ومنها: 

– اضطرابات نفسية وعصبية: 

  • زيادة القلق 
  • اضطرابات النوم 
  • تشوش ذهني 
  • ارتعاش الأطراف 
  • خطر الإصابة بالصرع 
  • ضعف الوظائف الإدراكية 

– تأثيرات على الجهاز الهضمي والكبد: 

  • جفاف الفم 
  • التهاب الكبد الدوائي 
  • الإمساك 

– مخاطر قلبية وعائية: 

  • انخفاض ضغط الدم 
  • اضطرابات نظم القلب 
  • تغيرات في تخطيط القلب 

غالبًا ما يتم التقليل من شأن هذه التأثيرات ، لكنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة لدى كبار السن أو الأشخاص ذوي الحالات الصحية الهشة. 

ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة BMC Medicine، فإن مضادات الاكتئاب قد لا تكون فقط غير فعالة لمرضى الخرف، بل قد تسرّع أيضًا من التدهور الإدراكي لديهم. 

– أبرز نتائج الدراسة:

  • شملت الدراسة 18740 مريضًا مصابًا بالخرف 
  • تم تسجيل 11912 وصفة طبية لمضادات الاكتئاب 
  • أظهر المرضى الذين تناولوا مضادات الاكتئاب تراجعًا إدراكيًا أسرع مقارنة بمن لم يتناولوها 

-لماذا هذا الارتباط؟

لاحظ الباحثون أن مضادات الاكتئاب تؤثر سلبًا على وظائف الدماغ لدى هؤلاء المرضى. ورغم صعوبة تحديد ما إذا كان هذا التدهور ناتجًا عن الأدوية نفسها أو عن أعراض الاكتئاب الكامنة، فإن الارتباط كان قويًا بما يكفي لإثارة القلق. 

كشفت الدراسة أن بعض مضادات الاكتئاب تمثل خطرًا أكبر من غيرها: 

الأكثر ضررًا على الوظائف الإدراكية: 

  • الإسيتالوبرام (Escitalopram): مرتبط بأسرع معدل تدهور إدراكي 
  • السيتالوبرام (Citalopram) و السيرترالين (Sertraline): تأثير سلبي ملحوظ على الذاكرة والقدرات الإدراكية 

البدائل الأقل ضررًا: 

  • الميرتازابين (Mirtazapine): يعمل بطريقة مختلفة عن باقي مضادات الاكتئاب ويبدو أن تأثيره على الإدراك أقل حدة 

يمكن أن تساعد هذه النتائج الأطباء في اختيار العلاجات الأكثر ملاءمة لمرضى الخرف.

يقول المتخصصون: “يمكن أن تؤدي أعراض الاكتئاب إلى تفاقم التدهور الإدراكي وتؤثر سلبًا على جودة الحياة، لذلك من الضروري معالجتها.” 

لكن هذه الدراسة تكشف عن معضلة مقلقة، فإذا كانت مضادات الاكتئاب تخفف من بعض أعراض الاكتئاب، فإنها قد تسرّع في الوقت ذاته تدهور الإدراك لدى المرضى. 

أمام هذه النتائج يدعو العديد من الخبراء إلى توخي الحذر عند وصف مضادات الاكتئاب لكبار السن، خاصة المصابين بالخرف. 

بدائل علاجية يجب أخذها في الاعتبار: 

  • العلاج النفسي 
  • الأنشطة البدنية والاجتماعية 
  • تقنيات الاسترخاء والتأمل 
  • تحسين البيئة المعيشية لتقليل التوتر 

الهدف من ذلك هو الحفاظ على جودة حياة المرضى دون تسريع تدهورهم الإدراكي.

تمثل مضادات الاكتئاب أدوية فعالة لعلاج الاكتئاب، لكنها قد تكون ضارة لمن يعانون من الخرف. 

تسلط هذه الدراسة الضوء على خطر لا يمكن تجاهله وهو تسريع التدهور الإدراكي بدلاً من الحدّ منه. وبالتالي يصبح من الضروري البحث عن بدائل علاجية ووضع استراتيجيات أكثر دقة وحذرًا في وصف هذه الأدوية لحماية صحة المرضى الأكثر هشاشة. 

الكلمات المفتاحية: مضادات الاكتئاب، الاكتئاب، الإدراك، العلاج