صحة جيدة لحياة أفضل

متابعة الحمل: الذكاء الاصطناعي يعزز سرعة ودقة فحوصات التصوير بالأشعة فوق الصوتية

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
29 مارس 2025

يوشِك الذكاء الاصطناعي أن يحدِث تحول جذري في مجال فحوصات الحمل، من خلال تحسين سرعة ودقة وكفاءة الفحوصات ما قبل الولادة. فقد كشفت دراسة نُشرت في 27 مارس 2025 في مجلة New England Journal of Medicine أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فحص الأشعة فوق الصوتية المعروف بـ”الإيكوغرافي المورفولوجي”، والذي يُجرى عادة في الأسبوع الثاني والعشرين من انقطاع الطمث، وهو فحص حاسم للكشف عن أي تشوهات محتملة لدى الجنين.

وأحد أبرز مكاسب الذكاء الاصطناعي التي سلّطت عليها الدراسة الضوء هو قدرته على تسريع اكتشاف التشوهات الجنينية. فقد لاحظ الباحثون أن المختصين الذين يستخدمون أجهزة مساعدة بالذكاء الاصطناعي تمكنوا من اكتشاف التشوهات بسرعة تُقارب ضعف السرعة عند استخدام الطرق التقليدية، دون المساس بمستوى الدقة والموثوقية. ويُعد هذا التقدم حاسمًا لتقديم تشخيص مبكر، مما يسهل متابعة الحالة الطبية واتخاذ قرارات علاجية ملائمة في الوقت المناسب.

وبالإضافة إلى تحسين سرعة التشخيص، يوفر الذكاء الاصطناعي دقة أكبر في قياسات الجنين. ففي حين يلتقط المختصون عادة ثلاث صور فقط لكل بنية من بنيات الجنين لتحليلها، يقوم الذكاء الاصطناعي تلقائيًا بتسجيل آلاف الصور اللحظية. وتُقلل هذه الطريقة من خطر الخطأ، كما تعزز من ثبات التقييمات، وهو أمر بالغ الأهمية لمراقبة نمو الجنين وكشف أمراض كتشوهات القلب أو مؤشرات التثلث الصبغي 21 (متلازمة داون).

أظهرت الدراسة كذلك أن استخدام الذكاء الاصطناعي يُقلل من مدة إجراء فحص الإيكوغرافي بنسبة تصل إلى 40%. ويُعد هذا الجانب مهمًا للغاية، إذ أن هذا النوع من الفحوصات غالبًا ما يكون مصحوبًا بقلق شديد من قِبل الوالدين بانتظار النتائج. وبالتالي فإن تقليل مدة الفحص مع ضمان موثوقية التشخيص يجعل هذه اللحظات أقل توترًا وأكثر طمأنينة للأسر المنتظرة.

أما بالنسبة للمختصين في التصوير الطبي والأطباء، فتوفر هذه التكنولوجيا ميزة كبيرة، إذ تُجنبهم التوقفات المتكررة لأخذ القياسات يدويًا وتسجيل الصور، كما يمكنهم التركيز أكثر على التفاعل مع المريضات، وشرح النتائج والإجابة على تساؤلاتهن. وكما أوضح الدكتور ”توماس داي” المشارك في إعداد الدراسة، فإن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الخبرة البشرية، بل يُعززها عبر تحسين كفاءة العمل الطبي.

وتُعتبر هذه أول دراسة سريرية تُقيّم أداء الذكاء الاصطناعي خلال الفحص الثاني للحمل لدى نساء حوامل حقيقيات. وقد شملت الدراسة 78 امرأة حاملًا و58 مختصًا في الإيكوغرافي، حيث خضعت كل مشاركة لفحصين: أحدهما باستخدام جهاز مدعوم بالذكاء الاصطناعي، والآخر بجهاز تقليدي.

وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي يُحسن من سلاسة العملية دون التأثير على موثوقية التشخيص، مما يعزز فرضية إمكانية دمجه بأمان وفعالية ضمن الممارسات الطبية، دون المساس بجودة الرعاية.

واستجابةً لهذه النتائج الإيجابية، بدأت عدة مستشفيات بريطانية في اعتماد الذكاء الاصطناعي ضمن خدمات الإيكوغرافي ما قبل الولادة. كما بدأت بعض مراكز التشخيص في فرنسا باستخدام هذه التكنولوجيا كأداة مساعدة، لا سيما عبر نظام Sonio Detect.

وقد يُسهم التوسع في تبني هذه التقنية في إحداث ثورة في طريقة إجراء فحوصات الحمل، من خلال توفير كشف أسرع وأكثر فعالية ودقة. كما أن هذا التطور يفتح المجال لتحسين رعاية الحوامل وأجنتهن، مع تخفيف العبء عن الطواقم الطبية.

ويُعد الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة ذات قيمة عالية في مجال الطب ما قبل الولادة، حيث يسهم في تعزيز مراقبة الحمل وتوفير راحة نفسية أكبر للآباء المستقبليين.

الكلمات المفتاحية: الذكاء الاصطناعي، الصحة، الإيكوغرافي، الحمل، التشخيص، الكشف الطبي.