تم مؤخراً في الصين تشخيص شاب يبلغ من العمر 19 عاماً بمرض ألزهايمر، وهو عمر يحطم جميع الأرقام القياسية السابقة المعروفة لهذه الحالة المرضية. وقد أثارت هذه المعلومة فضول الأوساط العلمية حول العالم، إذ أن المرض الذي يصيب عادة من تجاوزوا 65 عاماً قد يظهر أحياناً في سن أصغر، لكن نادراً جداً قبل سن الأربعين.
حالة طبية تتحدى المعارف الحالية
وبدأت الأعراض الأولى لدى المريض وهو في السابعة عشرة من عمره، حيث عانى من فقدان الذاكرة الحديثة، وصعوبة في التركيز، وعدم القدرة على العثور على أغراضه أو تذكر أحداث وقعت في اليوم السابق. وفي العام التالي ازدادت حدة الأعراض إلى أن وصلت إلى فقدان الذاكرة الفوري بعد ثلاث دقائق فقط. وأظهرت الاختبارات أن ذاكرته الإجمالية أقل بنسبة 82% مقارنة بأقرانه، بينما تراجعت ذاكرته الفورية بنسبة 87%.
غياب أي سوابق عائلية أو طفرات جينية معروفة
عادةً ما ترتبط أشكال ألزهايمر المبكرة جداً (قبل سن الثلاثين) بطفرات جينية موروثة، فالجينات APP وPSEN1 وPSEN2 المسؤولة عن إنتاج زائد للويحات الأميلويد تكون غالباً متورطة، لكن لدى هذا المريض لم تُكتشف أي من هذه الطفرات.
كما أنه لا يحمل الجين APOE4 المعروف كأهم عامل خطر للإصابة، بل نسخة أكثر شيوعا تُسمى APOE3، ولم تُسجَّل في عائلته أي حالة خرف أو ألزهايمر ما يجعل الحالة أكثر غموضاً.
فحوص تصوير دماغية كاشفة ولكن غير مكتملة
اعتمد التشخيص على عدة فحوص منها:
- اختبار WHO-UCLA AVLT: أكد وجود ضعف شديد في الذاكرة قصيرة وطويلة المدى.
- التصوير بالرنين المغناطيسي : أظهر بداية ضمور في الحُصين، وهي منطقة أساسية للذاكرة وأول ما يتأثر عادة بألزهايمر.
- تصوير FDG-PET: كشف انخفاضا في استقلاب الجلوكوز في الفصوص الصدغية، وهي مناطق تصاب مبكراً في المرض.
مسألة لويحات الأميلويد وبروتين تاو
هناك مؤشرين بيولوجيين أساسيين في التشخيص:
- لويحات الأميلويد: ترسبات بروتينية تعطل الاتصال بين الخلايا العصبية.
- بروتين تاو: يتراكم على شكل ألياف ويؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية.
لكن لدى هذا المريض لم يكشف التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET-scan) عن وجود لويحات الأميلويد وهو أمر غير معتاد، إذ تظهر هذه الترسبات عادة قبل عشر سنوات من الأعراض في الأشكال الجينية المبكرة.
في المقابل أظهر تحليل السائل الدماغي الشوكي وجود بروتين تاو، وهو مؤشر على معاناة الدماغ.
تشخيص يحتاج إلى متابعة
يقول الدكتور “سليم بن لفقي” طبيب في علوم الأعصاب، إن هذه الحالة تدفع إلى إعادة التفكير في سن ظهور ألزهايمر الممكنة، لكنه يشير إلى أن غياب الآفات الأميلويدية التقليدية يستدعي متابعة طويلة المدى لتأكيد التشخيص في السنوات المقبلة.
حالة طبية نادرة وغير مسبوقة
وفقاً للعلماء فإن 10% فقط من الحالات التي تظهر قبل سن 65 تعود إلى أشكال وراثية نادرة. عالمياً تمثل الأشكال المبكرة من ألزهايمر، التي تُشخص قبل سن 65 والمعروفة باسم مرض ألزهايمر ذو البداية المبكرة ، نحو 5 إلى 10% من إجمالي الحالات، فيما تشكل الحالات الوراثية منها حوالي 1 إلى 2% فقط.
أما بدء المرض في سن 19 عاماً فهو أمر غير مسبوق حتى الآن إذ لم يُسجل أي حالة مؤكدة لدى قاصر في العالم.
ويؤكد الباحثون أن فهم سبب إصابة هذا الشاب بألزهايمر دون سبب جيني معروف قد يصبح أحد التحديات العلمية الكبرى في العقود المقبلة.
هذه الحالة تقلب المفاهيم التقليدية رأساً على عقب، فألزهايمر لا يصيب فقط كبار السن، ومتوسط سن ظهوره لدى الشباب الذي كان حتى الآن حوالي الأربعين أصبح غير صالح كمؤشر بعد هذا التشخيص. كما أن غياب أي طفرة جينية معروفة يزيد من غموض الظاهرة، ويبرز الحاجة الملحة إلى أبحاث معمقة لفهم هذا الحدث الفريد.
الكلمات المفتاحية: الصين؛ ألزهايمر؛ ظاهرة؛PET-scan؛ شاب؛ مبكر؛ غير مسبوق.
إقرأ أيضاً: