تشهد ولاية وهران انخفاضا واضحا في معدلات وفيات الأمهات وهو نتيجة مباشرة لتعزيز التغطية الصحية وتحسين سبل الوصول إلى الرعاية، وهذا ما أكدته البروفيسور ”بن بوعبد الله’‘ ممثلة مصلحة السكان بمديرية الصحة والسكان، خلال يوم دراسي تم تنظيمه بمناسبة اليوم العالمي للسكان.
أرقام في تحسن ملحوظ
وتشير البيانات الرسمية إلى تحسن ملحوظ، حيث تم تسجيل 44 وفاة في الفترة المحيطة بالولادة سنة 2022، مقابل 35 حالة سنة 2023، ثم 26 فقط في 2024. ويأتي هذا التراجع التدريجي ضمن منحى وطني بفضل تطبيق برامج صحية موجهة لحماية الأم والطفل.
جهود هيكلية لنتائج مستدامة
ويعكس انخفاض معدل وفيات الأمهات بوهران الجهود المتواصلة لضمان وصول منصف إلى خدمات التوليد، خاصة في المناطق الريفية والأحياء الشعبية. وقد ساهم التعميم التدريجي للمتابعة ما قبل الولادة، وتحسين ظروف الولادة داخل مصالح التوليد، وتطوير كفاءة الكوادر الطبية، في تحقيق هذه النتائج الإيجابية.
وأشارت البروفيسور ”بن بوعبد الله” كذلك إلى أهمية البرامج الوطنية للصحة الأمومية والطفولة، والتي تهدف إلى الكشف المبكر عن حالات الحمل المعقدة، وتعزيز المتابعة بعد الولادة، وتشجيع الولادة في مؤسسات صحية مؤطرة.
يوم توعوي في قلب المدينة
وبمناسبة اليوم العالمي للسكان نظّمت مدينة وهران سلسلة من الأنشطة التوعوية تحت شعار: «تمكين الشباب من تأسيس الأسر التي يرغبون بها في جزائر مزدهرة ومفعمة بالأمل».
وشاركت في المبادرة حوالي عشرين مؤسسة صحية، قامت بتنصيب أجنحة توعوية بساحة المغرب وسط المدينة، كما شارك في النشاط أطباء ونفسيون وقابلات وأعوان اجتماعيون لمدة يومين، حيث استقبلوا المواطنين وأجابوا على أسئلتهم حول مواضيع هامة مثل: التلقيح الاصطناعي، الوقاية من التهاب الكبد الفيروسي C وفيروس نقص المناعة المكتسبة (السيدا)، ومكافحة الإدمان وغيرها.
مقاربة تشاركية وتثقيفية
وهدفت هذه الفعالية إلى تعزيز التواصل بين النظام الصحي والمواطنين، وتسليط الضوء على قضايا تتعلق بالنمو الديموغرافي، والحقوق الإنجابية، والدور المحوري للشباب في بناء مستقبل البلاد.
ومن خلال هذه المبادرة تأمل السلطات الصحية في فتح حوار شامل حول السياسات السكانية، وتكييف الخدمات الصحية مع تطلعات الأزواج الشباب، والترويج لرؤية تنموية قائمة على الصحة والعدالة والأمل.
موعد سنوي لإعادة التفكير في مستقبل السكان العالمي
ويُعد اليوم العالمي للسكان فرصة لتحسيس المواطنين حول العالم بالتحديات السكانية التي تؤثر بعمق على التنمية المستدامة، والصحة العامة، والتعليم، وحقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة، ومن خلال هذا اليوم، تسعى الأمم المتحدة إلى لفت الانتباه إلى ديناميكيات السكان وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وتشجيع تنفيذ حلول شاملة ومستدامة تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
البداية: وعي عالمي أمام النمو السكاني المتسارع
انبثقت فكرة هذا اليوم سنة 1989 بمبادرة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، حيث استندت إلى تاريخ رمزي وهو 11 جويلية 1987، اليوم الذي تجاوز فيه عدد سكان العالم حاجز الخمسة مليارات نسمة. وقد شكّل هذا الحدث نقطة تحول في فهم التحديات السكانية على المستوى العالمي.
أمام هذا النمو السريع وغير المتوازن، ارتأت الأمم المتحدة إلى ضرورة تخصيص يوم للتفكير في تداعيات هذا الواقع، وتحفيز الدول والمواطنين على تبني سياسات سكانية مسؤولة.
ومنذ ذلك الحين يُحتفل باليوم العالمي للسكان في أكثر من 100 بلد حول العالم، ويتم اختيار مواضيع جديدة كل سنة، منها: التمدن، الشباب، الشيخوخة، الصحة الإنجابية، الهجرة، والمرونة المناخية.
لماذا يعتبر هذا اليوم حاسمًا؟

يشكّل النمو السكاني ضغطًا متواصلًا على الموارد الطبيعية، والخدمات الاجتماعية، والأنظمة الصحية والتعليمية. كما يعمّق الفوارق، خاصة في الدول النامية حيث يصعب على العديد من النساء والشباب الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، والتعليم، والعمل.
ومن أبرز أهداف هذا اليوم:
- ضمان الوصول الشامل إلى الصحة الجنسية والإنجابية، لا سيما للنساء والمراهقات.
- تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين الشباب من خلال توفير فرص تعليمية ومهنية.
- محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية التي تتفاقم في سياقات الكثافة السكانية.
- مواجهة التحديات البيئية، من خلال الحد من الأثر الإيكولوجي للتوسع العمراني واستهلاك الموارد.
- مواكبة التحولات المرتبطة بالهجرة، من خلال أخذ الفوارق الإقليمية والحركات السكانية الناتجة عن الأزمات بعين الاعتبار.
دعوة إلى التعبئة من أجل مستقبل أكثر عدالة واستدامة
يمثّل هذا اليوم أيضًا نداءً للعمل الجماعي، فالحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني والباحثون والمواطنون مدعوون للتفكير والتعاون من أجل بناء مستقبل يضمن الكرامة لكل إنسان، في بيئة صحية وعادلة.
ومن خلال وضع المسألة السكانية في صلب النقاش العمومي، يذكّر اليوم العالمي للسكان بأن عدد السكان لا يمكن فصله عن نوعية الحياة والعدالة الاجتماعية.
الكلمات المفتاحية: وهران، الوفيات، الأمهات، الخصوبة، السكان، الصحة، الشباب، الأسرة.
اقرأ أيضًا: