
في كل 21 سبتمبر يذكّرنا اليوم العالمي للزهايمر بالواقع القاسي: أكثر من 200 ألف جزائري يعيشون مع هذا المرض التنكسي العصبي الذي يدمّر تدريجياً الذاكرة والاستقلالية والروابط الاجتماعية. فالإعلان الأخير عن الرأي السلبي بخصوص أكثر علاجين واعدين – ليكانيماب (Leqembi) ودونانيماب (Kisunla) – شكّل صدمة، إذ إن فعاليتهما السريرية ما تزال تُعتبر ضعيفة مقارنةً بالآثار الجانبية الثقيلة أحياناً.
من المهم فتح آفاقاً جديدة.. فالنهج الدوائي وحده لا يكفي.
هذا الواقع دفع الباحثين والأطباء للنظر في اتجاهات أخرى ، ومن بين المسارات الناشئة برزت مقاربة غير متوقعة تثير اهتماماً متزايداً: جراحة الأوعية اللمفاوية في الدماغ.
الدماغ.. عضو يحتاج إلى تصريف
لطالما اعتُقد أن الدماغ عضو معزول عن الجهاز اللمفاوي. لكن العلم في السنوات الأخيرة أثبت وجود أوعية لمفاوية سحائية تقع حول السحايا. هذه القنوات الدقيقة تضمن تصريف السوائل الدماغية وتساهم في التخلص من البروتينات السامة، مثل بيتا-أميلويد المعروفة بتراكمها في الزهايمر.
ويلعب الجهاز اللمفاوي دوراً شبيهاً بمحطة للتنقية فعندما ينسدّ تتراكم النفايات وتساهم في التنكس العصبي.
الجراحة المجهرية اللمفاوية: مسار مبتكر
تقوم الفكرة على التدخل الجراحي في هذه الأوعية لتحسين التصريف الدماغي، هذا النوع من التدخل مطبّق بالفعل في مجالات طبية أخرى (خصوصاً علاج الوذمة اللمفية بعد سرطان الثدي)، وقد يُكيّف مستقبلاً مع الدماغ.
ويستكشف الباحثون فرضيتين أساسيتين:
1. إنشاء أو ترميم الاتصالات اللمفاوية المعيبة لتسهيل التخلص من البروتينات السامة.
2. تحفيز التدفق اللمفاوي ميكانيكياً لتعزيز عملية التنقية الدماغية.
وبطبيعة الحال ما زلنا في المراحل البحثية الأولى لكن هذه المقاربة تفتح أفقاً علاجياً جديداً.
مقاربة مكمّلة لا بديلة
ولا يتعلق الأمر باستبدال العلاجات الدوائية بل تكاملها. فالأدوية الحالية تستهدف بروتينات مثل بيتا-أميلويد أو تاو، بينما تسعى الجراحة إلى تحسين آلية التخلص الطبيعي من النفايات في الدماغ. ومن المرجّح أن يكون مستقبل التكفّل بالزهايمر متعدد الأبعاد: وقاية، أدوية، علاجات غير دوائية، وربما في الغد جراحة.
التوصيات الطبية الحالية
إلى أن تصبح هذه المقاربات واقعاً يذكّر الخبراء بعدة إجراءات مثبتة علمياً لتقليل خطر الإصابة بالزهايمر أو إبطاء تطوره:
- النشاط البدني المنتظم: 30 دقيقة على الأقل يومياً، 5 أيام في الأسبوع.
- التغذية المتوازنة: غنية بالفواكه والخضروات والأسماك الدهنية والألياف، وفق النموذج المتوسطي، مع التقليل من السكريات السريعة والدهون المشبعة.
- التحفيز المعرفي: القراءة، ألعاب الذاكرة، التعلّم، والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
- الوقاية القلبية الوعائية: التحكم في ضغط الدم، السكري، الكوليسترول، وتجنّب التدخين.
- النوم المرمم: أساسي للتخلص الليلي من النفايات الدماغية.
- الكشف المبكر: مراجعة الطبيب سريعاً عند ظهور اضطرابات غير معتادة في الذاكرة.
بين العلم والأمل
رغم أن الجراحة اللمفاوية الدماغية لا تزال في بداياتها، إلا أنها تعبّر عن تحول في المنظور، فمكافحة الزهايمر لم تعد محصورة في الأدوية، بل تتجه نحو استغلال الآليات الطبيعية لتطهير الدماغ، وهو مجال كان مهملاً حتى وقت قريب.
إننا ندخل عهداً جديداً وقد لا يكون مستبعداً أن تصبح الجراحة غداً سلاحاً إضافياً في الترسانة العلاجية ضد الزهايمر.
الكلمات المفتاحية: الزهايمر؛ الجراحة؛ الأوعية؛ اللمفاوية؛ الدماغ.
إقرأ أيضاً: