تنحدر الدكتورة “سارة شرّادي” من ولاية سيدي بلعباس في الجزائر، وهي تمثل جيلاً من العالمات المنخرطات في تحديث أساليب مبتكرة تُطبق في مجال الطب الشخصي. حاصلة على دكتوراه في علم الأمراض السريري ،وقد استطاعت أن تفرض نفسها بفضل جودة أبحاثها، منشوراتها العلمية، وشراكاتها على المستوى الدولي.
من سيدي بلعباس إلى MedVallée: مسار استثنائي من التميز
;بدأ كل شيء سنة 2012، حين حصلت على ماستر في بيولوجيا الخلية، فيزيولوجيا الخلية وفيزيولوجيا مرضية من جامعة ”جيلالي ليابس”، وهناك أجرت أول دراسة وبائية حول الأورام اللمفاوية من نوع هودجكين في شمال غرب الجزائر، أين تقول: «تجربتي في الجزائر عززت قناعتي بضرورة المساهمة على نطاق أوسع في البحث بمجال البيولوجيا والصحة».
مدفوعة بشغفها بالبحث في السرطان، انتقلت إلى فرنسا لمواصلة ماستر في بيولوجيا السرطان سنة 2015، حيث درست الآليات الجزيئية المسؤولة عن شدة بعض سرطانات الثدي، وهو مجال تصفه بـ«الساحر والأساسي».
منحة تفوق وأبحاث واعدة
في نفس السنة فازت سارة ”شرّادي” بمنحة دكتوراه متميزة من مختبر Labex MabImprove، حيث التحقت بمعهد البحث في السرطان بمونبلييه (IRCM – Inserm) لإنجاز أطروحتها حول علاج موجه جديد لسرطان القولون والمستقيم. وقد أدت أبحاثها إلى اكتشاف علاج مبتكر باستخدام الأجسام المضادة وحيدة النسيلة، قادر على استهداف أورام عدوانية ومقاوِمة للعلاج الكيميائي. ونُشرت أبحاثها في مقالين علميين ومراجعة في مجلات دولية، كما عرضت نتائجها في عدة مؤتمرات مرموقة، خصوصاً في الولايات المتحدة. تقول: «كنت أعلم أن الشفاء التام من السرطان قد يبدو حلمًا بعيد المنال، لكني كنت مصممة على المساهمة في إيجاد أفضل العلاجات الممكنة».
نحو البحث الدولي والتكنولوجيا الحيوية
بعد الدكتوراه واصلت الدكتورة ”شرّادي” أبحاثها في مجال سرطان الكبد ضمن معهد إنسيرم في ستراسبورغ، حيث عمّقت دراستها حول آلية عمل الجسم المضاد العلاجي ضد بروتين الكلودين-1.
وفتحت لها هذه التجربة أبواب البحث الدولي، وغيّرت نظرتها للمجال العلمي. وهناك التقت بالدكتور ”دوانغ” خبير الطب الدقيق، الذي كان له أثر كبير في تطورها العلمي، أين كشفت أنه: «غيّر نظرتي لكيفية القيام بالبحث العلمي». وبفضل تضافر الأفكار والخبرات، قررت الانتقال إلى القطاع الخاص، وأسست إلى جانب الدكتور دوانغ شركة التكنولوجيا الحيوية PredictCan في قلب منطقة MedVallée.
PredictCan Biotechnologies: الابتكار في خدمة المريض
في عام 2021 شاركت الدكتورة ”شرّادي” في تأسيس شركة PredictCan Biotechnologies في مدينة مونبلييه، بهدف تطوير أدوات تكنولوجية مبتكرة لطب أكثر تخصيصًا وسرعة وفعالية: «في القطاع العام، غالبًا ما تكون الإجراءات بطيئة، لذلك كنا بحاجة إلى فضاء يتيح لنا تطبيق أفكارنا بسرعة».
كما شاركت في ابتكار تقنية ثورية تُعرف باسم «التعليم الخلوي»، تمكّن من إنتاج “كبد مصغّر” انطلاقًا من عينة دم بسيطة. وتُستخدم هذه النماذج الكبدية الشخصية لاختبار فعالية أو سُمية الأدوية الجديدة مخبريًا، ضمن ما يُعرف بالتجارب السريرية داخل المختبر (in vitro). وتوضح: «الكبد الخاص بي لا يتفاعل مثل كبد رجل في الـ57 من عمره أو فتاة تبلغ 18 عامًا، ومن خلال مراعاة هذه الاختلافات منذ المراحل الأولى لتطوير الأدوية، نُحسن اختيار الجزيئات ونُقلل من الآثار الجانبية».
رؤية ملتزمة لطب الغد
تسعى الدكتورة ”شرّادي” البالغة من العمر 34 عامًا اليوم إلى تبني هذه التكنولوجيا من قبل شركات الأدوية لتحسين اختيار المركبات وتقليص حالات فشل العلاجات، كما أن طموحها أن تجعل الطب الدقيق في متناول الجميع، بغض النظر عن الأصول أو الخصائص البيولوجية. ومن خلال مسارها وأبحاثها وابتكاراتها، تسهم بشكل فعال في تحويل العلم إلى حلول ملموسة لفائدة المرضى في جميع أنحاء العالم.
الكلمات المفتاحية: الطب؛ جزائرية؛ عالمة؛ رائدة؛ صيدلانية
إقرأ أيضاً: