في سياق يشهد تحولًا عميقًا في المشهد العلمي والتكنولوجي الوطني، تخطو “الهيئة الموضوعاتية للبحث في علوم الصحة والحياة” خطوة حاسمة من خلال الإعلان الرسمي عن إنشاء مركز دعم التكنولوجيا والابتكار ، ويهدف هذا الفضاء الاستراتيجي الجديد إلى جعل المعرفة العلمية محركًا فعليًا للابتكار والنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي.
مهمة في صلب التحول العلمي
يهدف مركز دعم التكنولوجيا والابتكارإلى دعم الباحثين والمبتكرين وحاملي المشاريع في مجالات الطب الحيوي والصيدلة وعلوم الحياة، من خلال توفير إطار مؤسساتي وعملي لـ:
- حماية نتائج البحث (عن طريق إيداع براءات الاختراع أو غيرها من حقوق الملكية الصناعية)،
- مرافقة تطوير النماذج الأولية أو المنتجات العلمية (الاختبارات، التحقق، التحسين التكنولوجي)،
- تسهيل انتقال هذه النتائج إلى السوق عبر شراكات مع فاعلين صناعيين أو هياكل الابتكار (شركات ناشئة، مؤسسات صغيرة ومتوسطة، مجمعات ابتكار).
ولا يقتصر دور هذا المركز على المهام الإدارية، بل يتموقع كـ “مسرّع تكنولوجي” من خلال تقديم الدعم القانوني والمنهجي والتقني والاقتصادي لحاملي الابتكارات.
شراكة استراتيجية مع المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية
ولضمان حماية فعالة لنتائج البحث العلمي الوطني، سيتم قريبًا توقيع اتفاقية شراكة مع المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية بهدف:
- مرافقة الباحثين في صياغة وإيداع وإدارة حقوق الملكية (براءات، علامات، تراخيص)،
- تسهيل الاعتراف بالابتكار الجزائري على المستويين الوطني والدولي،
- دعم تثمين وتسويق منتجات البحث من خلال تشجيع استغلالها من قبل شركات محلية أو أجنبية.
وتشكل هذه الشراكة ضمانًا قانونيًا واقتصاديًا ضروريًا لتشجيع الباحثين على تثمين اكتشافاتهم، مع الحفاظ على حقوقهم والمساهمة في تحقيق السيادة التكنولوجية للبلاد.
استجابة مباشرة للتوصيات الوطنية
يأتي إنشاء مركز دعم التكنولوجيا والابتكارفي إطار تنفيذ توصيات اللقاء الوطني للبحث العلمي المنعقد في 30 جانفي 2025، والذي شهد عرض أكثر من 100 قائد مشروع لنتائج البرامج الوطنية الممولة من الدولة منذ 2021. وتهدف هذه المشاريع إلى تطوير بحث موجّه قادر على تلبية الاحتياجات الاستراتيجية للمجتمع الجزائري، خصوصًا في مجالات الصحة، إنتاج الأدوية، التشخيص، الوقاية، والتقنيات الحيوية.
وقد كان أحد أبرز الاستنتاجات خلال هذا اللقاء هو ضعف آليات تثمين نتائج البحث العلمي ، حيث بقيت العديد من النتائج الواعدة حبيسة المختبرات بسبب غياب هياكل داعمة. وهنا يأتي دور مركز دعم التكنولوجيا والابتكارلسد هذا الفراغ من خلال ربط البحث العلمي بنسيجه السوسيو-اقتصادي.
العلم والابتكار والسيادة التكنولوجية
يندرج هذا المركز ضمن رؤية شاملة تتبناها الجزائر منذ 2020، لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار، التكنولوجيا، السيادة الصحية، وتثمين الرأسمال البشري.
ويُعد قطاع الصحة وعلوم الحياة ذا أهمية استراتيجية كبرى لأنه:
- يستجيب للاحتياجات الملحة للمواطنين (الصحة العامة، الأدوية، البيوتكنولوجيا)،
- يتيح فرصًا اقتصادية (خلق مؤسسات، إنتاج محلي، تقليص الاستيراد)،
- يمثل رافعة للاستقلال التكنولوجي والعلمي من خلال تقليل التبعية للحلول الأجنبية.
ومن هذا المنطلق يُصمّم مركز دعم التكنولوجيا والابتكاركمنصة تقاطع بين العلم والابتكار والصناعة والمجتمع، قادرة على تحويل اكتشافات الباحثين الجزائريين إلى منتجات صحية ملموسة، متاحة، ومنافسة.
طموح دائم
من خلال إنشاء هذا المركز، تؤكد الهيئة الموضوعاتية للبحث في علوم الصحة والحياة دورها كمحور أساسي في البحث التطبيقي في مجال الصحة. وتمثل هذه المبادرة بداية حقبة جديدة للبحث العلمي الجزائري، الذي لم يعد يكتفي بإنتاج المعرفة فقط، بل يطمح لإنتاج القيمة، والابتكار، والأثر الاجتماعي.
وكما صرّح أحد ممثلي الهيئة: «مركز دعم التكنولوجيا والابتكارليس مجرد مكتب، بل هو جسر بين المختبر والميدان، بين الفكرة والتطبيق، كما أن طموحنا واضح وهو إبراز حلول جزائرية محمية، معترف بها، وموجّهة لخدمة المجتمع».
الكلمات المفتاحية: الهيئة الموضوعاتية للبحث في علوم الصحة والحياة ؛ الصحة؛ الصيدلة؛ البحث؛ العلم.
إقرأ أيضاً: