حذر مؤخرا الدكتور” فيفيك مورثي ” (Vivek Murthy) وهو طبيب عام بالولايات المتحدة الأمريكية الأمريكيين من مخاطر الكحول ، مشيراً إلى ارتباطه المباشر بالإصابة بالسرطان، وأكد أن الكحول يعد سبباً رئيسياً وقابلاً للتجنب للسرطان، حيث يتسبب سنوياً في 100 ألف حالة إصابة جديدة و20 ألف وفاة في الولايات المتحدة، وهو ما يتجاوز بكثير 13500 حالة وفاة ناتجة عن حوادث المرور المرتبطة بالكحول.
وعلى الرغم من أن الكحول يعد عاملاً معترفاً به في زيادة مخاطر العديد من الأمراض، إلا أن دوره المحدد في تطور السرطان لا يزال يُستهان به بشكل كبير من قبل الجمهور، مما يجعل من الضروري رفع مستوى الوعي بشأن هذا الخطر.
الكحول: عامل خطر يمكن تجنبه
ومن بين أبرز النقاط التي أشار إليها الدكتور ” فيفيك مورثي” (Murthy) أن السرطان المرتبط بالكحول يمكن تجنبه، وهذا يعني أنه من خلال اتخاذ خيارات استهلاك أكثر مسؤولية أو تقليل استهلاك الكحول، يمكن الوقاية من نسبة كبيرة من هذه الحالات، أين يعتبر الكحول مادة مسرطنة من الدرجة الأولى، كما صنفته منظمة الصحة العالمية ، وحتى الكميات المعتدلة من الكحول يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان.
أنواع السرطانات المرتبطة بالكحول

كما أن الكحول مرتبط بما لا يقل عن سبعة أنواع مختلفة من السرطان، حيث تشمل هذه الأنواع:
- سرطان الثدي: يُعد سرطان الثدي من أكثر الأنواع المثيرة للقلق، حيث ترجع حوالي 16.4% من حالات سرطان الثدي إلى استهلاك الكحول، فيما يبدو أن الكحول يتداخل مع عملية التمثيل الغذائي لهرمون الإستروجين، وهو هرمون مرتبط بنمو خلايا الثدي.
- سرطان القولون والمستقيم: يزيد الكحول أيضاً من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، أين أظهرت الأبحاث أن الكحول يمكن أن يؤثر على جدار الأمعاء ويحفز الالتهابات، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
- سرطان المريء: يُعتبر الكحول عاملاً رئيسياً في سرطان المريء، خاصة سرطان الخلايا الحرشفية الجلدي ، وقد تم توثيق العلاقة بين الكحول وسرطان المريء بشكل جيد.
- سرطان الكبد: يُعد الإفراط في استهلاك الكحول السبب الرئيسي لتليف الكبد، وهو بدوره عامل خطر كبير للإصابة بسرطان الكبد.
- سرطانات الفم والحنجرة: الكحول هو أيضاً عامل خطر لأنواع السرطان التي تصيب تجويف الفم، اللسان، البلعوم والحنجرة، كما أن الجمع بين الكحول والتبغ يزيد بشكل كبير من هذا الخطر.
الآلية التي يزيد بها الكحول من خطر السرطان
يساهم الكحول في تطور السرطان من خلال عدة آليات بيولوجية:
- تمثيل الكحول: عند استهلاكه يتحول الكحول إلى مادة كيميائية تُعرف بالأستالدهيد (acétaldéhyde ) وهي مادة مسرطنة معروفة، فيما يسبب هذا المركب ضرراً مباشراً للحمض النووي للخلايا، مما قد يؤدي إلى طفرات جينية.
- الالتهابات: يمكن أن يُسبب الكحول التهابات مزمنة، مما يعرقل عملية إصلاح الخلايا ويزيد من خطر حدوث طفرات ونمو غير منضبط للخلايا.
- اضطراب الهرمونات: يؤثر الكحول خاصة لدى النساء على مستويات الهرمونات مثل الإستروجين، مما يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطانات الهرمونية مثل سرطان الثدي.
- إضعاف الجهاز المناعي: يُضعف الكحول القدرات الدفاعية للجسم من خلال التأثير على الجهاز المناعي، مما يجعل من الصعب على الجسم اكتشاف وإزالة الخلايا السرطانية.
“استهلاك الكحول لا يمر بدون عواقب، فكل كوب يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالسرطان، ومن الضروري أن نفهم هذا الرابط.”
– الدكتور (Robert Goldman) – طبيب ومؤلف مختص في مخاطر الكحول.
لماذا يتجاهل الجمهور هذا الخطر؟
على الرغم من الأدلة العلمية القوية، يبقى الرابط بين الكحول والسرطان غير معروف نسبياً، خاصة في البلدان التي يشيع فيها استهلاك الكحول، أين أعرب الدكتور ” فيفيك مورثي” (Vivek Murthy) عن قلقه إزاء هذا النقص في الوعي ودعا إلى اتخاذ إجراءات أكثر تنسيقاً لتثقيف الجمهور بشكل أفضل، فيما يرى الكثير من الناس أن الكحول ليس خطراً كبيراً على صحتهم على المدى الطويل، خصوصاً عند استهلاكه بشكل معتدل.
تحذيرات على ملصقات المشروبات الكحولية
لتعزيز وعي المستهلكين، أوصى الدكتور” فيفيك مورثي” (Murthy) بإضافة تحذيرات على زجاجات الكحول، مشابهة لتلك التي تحذر من مخاطر الكحول أثناء الحمل أو القيادة، قد تتضمن هذه التحذيرات معلومات حول زيادة خطر الإصابة بالسرطان، أين أثبتت هذه الرسائل التحذيرية فعاليتها في بلدان أخرى، حيث ساعدت الحملات التوعوية البصرية على تغيير أنماط الاستهلاك.
الحاجة إلى تدخل تشريعي قانوني
كما أشار الطبيب العام إلى أن إضافة هذه التحذيرات يتطلب قرارات تشريعية، حيث يعود الأمر إلى الكونغرس الأمريكي للتصويت على تبني هذه القواعد الجديدة.
من جهتها تؤكد السلطات الصحية الأمريكية على فعالية هذه التحذيرات، وقد اتخذت العديد من الدول خطوات مشابهة، فعلى سبيل المثال أدخلت دول مثل كوريا الجنوبية وأيرلندا الشمالية تحذيرات حول مخاطر السرطان المرتبطة بالكحول، ومن المتوقع أن تحذو دول أخرى حذوها في السنوات القادمة.
يدعو الدكتور ” فيفيك مورثي” (Murthy) إلى وعي جماعي حول مخاطر الكحول المتعلقة بالسرطان، ويطالب باتخاذ تدابير تشريعية لإضافة تحذيرات على ملصقات المشروبات الكحولية بهدف زيادة توعية وحماية الشعب الأمريكي.
التوعية والوقاية
يُعد الكحول عاملاً رئيسياً ولكن قابلاً للتجنب للعديد من أنواع السرطان، لذلك من الضروري تعزيز وعي الجمهور بهذا الخطر، ومن خلال تحسين المعلومات عبر تحذيرات على المنتجات الكحولية واعتماد نهج وقائي استباقي، يمكن تقليل عدد حالات السرطان المرتبطة باستهلاك الكحول بشكل كبير، مما سينقذ آلاف الأرواح سنوياً.
الامتناع التام: الطريقة الأكثر أماناً للوقاية من السرطانات المرتبطة بالكحول
تظل أفضل طريقة لتجنب السرطانات الناتجة عن استهلاك الكحول بلا شك، هي “عدم استهلاكه على الإطلاق”، فبالرغم من أن الاستهلاك المعتدل يُعتبر أقل خطراً، إلا أنه لا يوجد حدّ آمن تماماً لاستهلاك الكحول من حيث تأثيره على الصحة، كما أن كل كوب من الكحول يزيد بشكل طفيف من احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي، القولون، الكبد، أو الفم.
وبالتخلص التام من الكحول في الحياة اليومية، يُلغى هذا العامل الخطر، مما يوفر حماية قصوى ضد هذه الأنواع القابلة للتجنب من السرطان، وإذا كانت الوقاية من السرطان أولوية، فإن الامتناع الكلي يظهر كوسيلة فعّالة وآمنة للغاية تساهم في حماية الصحة على المدى الطويل ، علاوة على ذلك ترافق هذه المقاربة فوائد صحية أخرى، مثل تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، تقليل خطر أمراض الكبد، وتحسين الحالة العامة للرفاهية.
“أفضل طريقة لتجنب السرطان المرتبط بالكحول هي عدم استهلاكه على الإطلاق.” – د. “فيفيان غرين” (Vivienne Green) أخصائية أورام.
الكلمات المفتاحية: الكحول؛ السرطان؛ الخطر؛ الولايات المتحدة؛ الوفيات؛ فيفيك مورثي