صحة جيدة لحياة أفضل

أكل مكعبات الثلج : عادة تبدو بسيطة ولكن عواقبها وخيمة

حرر : صفاء كوثر بوعريسة | صحفية
9 يونيو 2025

من النظرة الأولى قد يبدو مضغ مكعبات الثلج عادة غير ضارة، لكن في الواقع تعتبر هذه الممارسة من الوظائف غير الطبيعية، تمامًا مثل قضم الأظافر أو عضّ الخد من الداخل. وهي حركات متكررة لا تستجيب لأي حاجة فسيولوجية، وقد تضرّ بتوازن الفم والأسنان، فلماذا تتطور هذه العادة؟ وما المخاطر الصحية المرتبطة بها؟ وكيف يمكن معالجتها؟

يعرّض مضغ مكعبات الثلج الأسنان لمخاطر ميكانيكية كبيرة، إذ يمكن لصلابة الثلج أن تتسبب في تشققات بمينا الأسنان، بل وقد تؤدي إلى كسور عميقة، خاصة في القواطع والأنياب، ومن الناحية الجمالية قد تكون الأضرار غير قابلة للعلاج.

أما الأشخاص الذين لديهم ترميمات في الأسنان مثل الحشوات أو التيجان أو القشور التجميلية، فهم أكثر عرضة للخطر، إذ يؤكد أطباء الأسنان أن “هذه المواد يمكن أن تنفصل بفعل الضغط الناتج عن المضغ”.

بعيدًا عن الأضرار الميكانيكية فإن البرودة الشديدة لمكعبات الثلج تمثل ضغطًا حراريًا على الأسنان. وعند وضعها مباشرة في الفم، قد تؤدي إلى حساسية مفرطة وتؤثر على لبّ السن، وهو النسيج الحي داخل السن.

كما أن الحركات المتكررة للمضغ قد تؤثر أيضًا على المفصل الفكي الصدغي، ما يسبب آلامًا وتشنجات عضلية واضطرابات وظيفية، وحتى اللثة ليست بمنأى عن الضرر، فالحواف الحادة لمكعبات الثلج قد تسبب جروحًا صغيرة، أو تهيجًا، أو انكماشًا في اللثة، مما يعرّض جذور الأسنان للخطر.

الرغبة الملحة والمستمرة في أكل مكعبات الثلج تُعرف باسم “أكل الثلج”، وهي تُصنّف ضمن اضطرابات الأكل الأكبر المعروفة بـ”بيكا”، والتي تتضمن تناول مواد غير غذائية مثل التراب أو الحجارة أو الأرز النيء.

وغالبًا ما يُستهان بهذا السلوك لكنه قد يكون مؤشرًا على نقص الحديد (فقر الدم الناتج عن نقص الحديد). فقد أظهرت دراسة أُجريت في جزيرة “لا ريونيون” على 495 شخصًا يتلقون علاجًا بالحديد عن طريق الوريد، أن 13.7% منهم يعانون من ” أكل الثلج”، معظمهم من النساء الشابات اللواتي يعانين من نقص الحديد. ويمكن لتشخيص بسيط عن طريق تحليل الدم أن يؤكد ذلك، وغالبًا ما يؤدي تعويض نقص الحديد إلى اختفاء هذه العادة بسرعة.

تُفسَّر هذه الظاهرة بعدة آليات محتملة:

  • تحفيز عصبي: البرودة في الفم تنشط الجهاز العصبي الودي، مما يزيد من اليقظة لدى الأشخاص الذين يعانون من التعب الناتج عن نقص الحديد.
  • تأثير على الدوبامين: الحديد يلعب دورًا في إنتاج هذا الناقل العصبي المرتبط بالمتعة. وعند نقصه، يبحث الدماغ عن مصادر تحفيز بديلة، مثل الإحساس بالبرودة القوية.
  • تعويض حسي: قد يكون أكل الثلج محاولة غير واعية لتعويض خلل غذائي معيّن.

يُعدّ نقص الحديد شائعًا لدى النساء الحوامل، وعند ظهور رغبة مفاجئة في أكل مكعبات الثلج أثناء الحمل، يجب أخذ الأمر على محمل الجد، إذ يُنصح بإجراء تحاليل دم شاملة (مثل تعداد الدم الكامل، فحص الفيريتين، ومستوى الحديد في الجسم) للوقاية من المضاعفات المحتملة على الأم والجنين.

يلجأ بعض الأشخاص إلى تناول مكعبات الثلج كوسيلة لكبح الشهية، إذ يمنح حجمها وبرودتها إحساسًا مؤقتًا بالشبع. غير أن هذا التأثير لا يدوم طويلًا، فبمجرد أن يُهضم الماء تعود الرغبة في الأكل. إضافة إلى ذلك لا توجد أي دراسة علمية تثبت فعالية مكعبات الثلج في إنقاص الوزن، وبالتالي فهي ليست حيلة ناجعة للتنحيف بل مجرد وهم.

إذا كانت الرغبة القهرية في أكل الثلج ناتجة عن نقص في الحديد، فإن علاج هذا النقص عادةً ما يؤدي إلى زوال هذه العادة خلال حوالي أسبوعين.

أما في حال عدم وجود نقص فقد يكون الدافع وراء هذا السلوك عوامل نفسية مثل التوتر، الملل، أو عادة حسية مترسخة.

وتوجد بعض الحلول الممكنة:

  • استبدال مكعبات الثلج بثلج مجروش أو تركها تذوب ببطء في الفم.
  • اختيار بدائل ناعمة مثل أوراق النعناع المجمدة أو أقراص مص خالية من السكر.
  • تحفيز الفم بطرق أخرى مثل العلكة الخالية من السكر أو بذور الشمر.
  • التعامل مع المحفزات النفسية كالاسترخاء، وتمارين التنفس، أو ممارسة نشاط بديل.

وفي حال استمرار عادة أكل الثلج القهرية رغم كل المحاولات، من الضروري استشارة طبيب أو أخصائي نفسي، إذ قد تكون هذه العادة مؤشرًا على اضطراب أعمق يتطلب معالجة متخصصة.

الكلمات المفتاحية: وظائف غير طبيعية؛ مكعبات الثلج؛ الأسنان؛ سلوك قهري؛ صحة الأسنان؛