لم يسبق لك أن وطأت قدماك مسارًا للجري من قبل، لكنك تشعر برغبة ملحّة في البدء، خاصة مع حلول الربيع؟ لا تقلق، فليس هناك وقت متأخر للبدء في ممارسة الجري، فالجري رياضة متاحة للجميع… بشرط أن تتم ممارستها بالشكل الصحيح.
”الجري يمكنه حقًا أن يُحدث تحوّلًا في حياة الناس، فيكفي أن نتعلم كيف نقوم به بوتيرة مناسبة، دون حرق المراحل.”
يرغب الكثير من الأشخاص في البدء بممارسة الجري، لكنهم يواجهون عوائق نفسية أو جسدية، كما يخشون القيام بالأمر بطريقة خاطئة أو التعرض للإصابة، ولهم الحق في ذلك إذ تُظهر الإحصائيات أن ما بين 50% إلى 80% من المبتدئين يتعرضون للإصابة خلال سنتهم الأولى، غالبًا بسبب التهاب الأوتار.
الأفكار الخاطئة التي تعيق المبتدئين في الجري:
هناك الكثيرون ممن لا يجرؤون على البدء في الجري بسبب معتقدات خاطئة مترسخة في الوعي الجماعي. إليك قائمة بهذه الأفكار الشائعة التي قد تُثني المبتدئين عن المحاولة:
- ”الجري يدمر المفاصل”: من أكثر المعتقدات شيوعًا لكن الدراسات أظهرت أن ممارسة الجري بشكل صحيح تُقوي العظام والغضاريف والمفاصل.
- ”الجري يضر الظهر”: خطأ فالظهر القوي والمرن يستفيد من الجري، والمهم هو اعتماد وضعية مناسبة وتقوية العضلات المساندة.
- ”سأعاني من ضيق في التنفس أو آلام في الجنب”: صحيح في البداية لكنه غالبًا بسبب الركض بسرعة مفرطة ، وبالتدرج يمكن الجري دون الشعور بالإجهاد.
- ”أنا كبير في السن ولا يمكنني البدء”: لا يوجد عمر محدد للبدء ، فمع برنامج ملائم يمكن حتى لمن تجاوزوا السبعين أن يتطوروا ويستفيدوا صحيًا.
- ”يجب أن أكون في لياقة جيدة مسبقًا”: العكس تمامًا فالجري المنتظم بوتيرة بطيئة هو ما يطور اللياقة، المهم أن تبدأ من مستواك الحالي.
- ”يجب أن أجري لفترات طويلة حتى تكون هناك فائدة”: حتى 5 إلى 10 دقائق يوميًا تُحدث فرقًا على صعيد القلب، المزاج، وجودة النوم.
- ”يجب أن أجري بسرعة لأتقدم”: السرعة ليست معيارًا للتطور، فالجري البطيء ينمّي التحمل، يُقلل من خطر الإصابة، ويجعل التجربة ممتعة.
- ”يجب أن أجري كل يوم وإلا فلا فائدة”: خطأ فالراحة جزء أساسي من التدريب، يكفي حصتان إلى ثلاث أسبوعيًا لبدء فعّال.
- ”أنا أعاني من الوزن الزائد، ولا يمكنني الجري”: باستخدام حذاء مناسب، وتناوب بين المشي والجري، ومتابعة تدريجية، يمكن حتى لمن يعاني من السمنة أن يجري بأمان.
كلها خرافات لا أساس لها، تُغذي الخوف من البداية، ومع ذلك يبقى الجري من الأنشطة المفيدة جدًا للصحة الجسدية والنفسية، شريطة أن تتم ممارسته بشكل تدريجي ومناسب.
نعم، الجميع يمكنه الجري!

الجري متاح لكل شخص بغض النظر عن العمر أو مستوى اللياقة عند البداية، ولكن من المهم أيضًا تخصيص النهج بما يتناسب مع كل فرد.
على سبيل المثال:
- يجب على الشخص الذي يعاني من زيادة الوزن أن يولي اهتمامًا أكبر لمفاصله ويفضل التناوب بين المشي والجري للبدء.
- المرأة في مرحلة انقطاع الطمث، التي غالبًا ما تتعافى ببطء أكبر، يجب أن تعدل وتيرة الجري وتدمج أوقات راحة إضافية.
- الشخص المسن أو الذي كان يعيش حياة خاملة لفترة طويلة يمكنه البدء بالمشي السريع، ثم يدرج تدريجيًا دقائق قليلة من الجري البطيء، مع مراقبة تنفسه ووضعية جسده.
- الرياضي السابق الذي يستأنف الجري بعد إصابة يجب أن يتجنب الاستئناف بسرعة كبيرة، ويتعلم الاستماع إلى جسده لتجنب تكرار الإصابة.
- الشخص الذي يعاني من اضطرابات تنفسية خفيفة مثل الربو يمكنه الجري في أجواء جافة ومعتدلة، مع التركيز على الإحماء التدريجي والحفاظ على وتيرة معتدلة لتجنب الأزمات.
- مريض القلب (الذي أصيب بنوبة قلبية أو يعاني من ذبحة صدر مستقرة) يمكنه الجري فقط بموافقة طبيب القلب، وعليه اتباع برنامج تدريجي جدًا غالبًا بالتزامن مع إعادة تأهيل القلب، مع مراقبة معدل ضربات القلب وتجنب الجهد الشديد.
- الشخص المصاب بالسكري يجب أن يدير بشكل جيد تناول السكريات قبل وبعد الجهد لتجنب انخفاض السكر في الدم، كما يُفضل أن تكون جلسات الجري معتدلة، ويفضل أن تتم بعد تناول الطعام، مع مراقبة منتظمة لمستوى السكر.
- المصاب بارتفاع ضغط الدم يمكنه الجري بشكل لطيف ومنتظم، فالإحماء والعودة إلى الهدوء أمران ضروريان، كما أن الهدف ليس الأداء، بل تحسين صحة القلب على المدى الطويل.
نصائح أساسية للبدء الصحيح في الجري:
- الجري بشكل متكرر حتى لو لفترة قصيرة: الانتظام أهم من المدة، المهم تعويد الجسم على الحركة. حتى 5 دقائق جري يوميًا تكفي للشروع في التطور، ومن الأفضل الجري قليلًا يوميًا على أن تجري كثيرًا مرة واحدة في الأسبوع.
مثال: مشي 3 دقائق، جري 2 دقيقة، تكرار 2 أو 3 مرات يوميًا خلال الأسبوع الأول.
- زيادة المسافات تدريجيًا: قاعدة بسيطة للتقدم بدون إصابة وهي لا تزيد الحمل التدريبي بأكثر من 10% أسبوعيًا، وهذا ما يمنح الجسم وقتًا للتكيف.
مثال: إذا ركضت 10 كيلومترات الأسبوع الماضي، لا تتجاوز 11 كيلومترًا في الأسبوع التالي، فهذه الطريقة تقلل مخاطر الإصابة الناتجة عن زيادة الحمل بسرعة.
- البدء ببطء والتناوب بين الجري والمشي: لا حاجة للجري المتواصل، من الأفضل البدء بجلسات متقطعة بين الجري والمشي. الهدف تجنب الإرهاق الشديد والحفاظ على التنفس المنضبط.
- جلسة نموذجية للمبتدئين: دقيقة جري تليها دقيقة مشي، تتكرر خمس مرات، وتنفس عن طريق الفم للتحكم الأفضل في النفس.
- اختيار المعدات المناسبة: معدات جيدة تصنع الفارق بين المتعة والانسحاب. البرودة، الرطوبة، أو الأحذية غير المناسبة قد تثبط عزيمة المبتدئ سريعًا.
– بالنسبة للأحذية: اختر موديلات خفيفة (أقل من 250 جرام)، ذات ثبات جيد. جربها في المتجر واختر التي تشعر بالراحة فورًا عند ارتدائها.
– الملابس: يفضل الأقمشة القابلة للتنفس، والمناسبة للطقس، لتجنب الشعور بالبرد أو التعرق الزائد.
- الاستماع إلى الجسم واحترام إشارات الإنذار: آلام مستمرة، تعب غير معتاد، ضيق تنفس غير طبيعي… لا يجب تجاهل هذه العلامات. تعلم التمييز بين الجهد الطبيعي والألم أمر حيوي.
نصيحة: عند الشعور بعدم ارتياح، من الأفضل الراحة أو تقليل شدة الجلسة بدلاً من الضغط على النفس.
- الإحماء والعودة للهدوء:بضع دقائق من المشي النشط أو تحريك المفاصل قبل الجري تهيئ الجسم. وكذلك الانتهاء بمشي بطيء وتمارين استطالة يساعد على الاستشفاء وتقليل آلام العضلات.
- روتين: 3 إلى 5 دقائق تحريك (دوائر للكاحل، تأرجح الأرجل)، ثم 5 دقائق مشي بعد الجري.
- تحديد أهداف بسيطة ومحفزة: لا تسعَ للأداء العالي منذ البداية، إذ يمكن أن يكون الهدف مجرد الجري 15 دقيقة دون توقف، أو الخروج للجري 3 مرات أسبوعيًا.
- نصيحة: احتفظ بدفتر تسجيل أو استخدم تطبيقًا لمتابعة التقدم. هذا يعزز الدافع.
- خلق روتين ممتع: اجعل جلستك وقتًا ممتعًا، استمع لموسيقى مفضلة، بودكاست ملهم، أو اختر مسارًا جميلًا، فالمتعة قوة دافعة كبيرة.
مثال: الجري عند شروق الشمس أو في الحديقة بعد العمل قد يصبح لحظة من السعادة.
الجري هو مغامرة في متناول الجميع، وليس محصورًا على الرياضيين المحترفين فقط. مع اتباع نهج تدريجي، وتحديد أهداف واقعية، والحصول على مرافقة ودعم جيد، يمكن حتى للمبتدئين الكبار أن يكتشفوا متعة الجري ويستفيدوا من فوائده الصحية والنفسية.
الكلمات المفتاحية: جري؛ رياضة؛ صحة؛ جري على الأقدام؛ متعة؛ عمر؛