قد تُخفي عند المراهقين بعض السلوكيات رغم أنها تبدو عادية، مشكلات أكثر خطورة مثل الشعور بالذنب أو القلق أو الاكتئاب. ويحذّر الخبراء من هذه الإشارات التحذيرية التي يمكن ملاحظتها غالبًا من خلال لغة الجسد والمواقف السلوكية.
التقلّبات العاطفية في مرحلة المراهقة
تُعدّ فترة المراهقة مرحلة مليئة بالتغيرات الجسدية والمعرفية والعاطفية الكبرى. يسعى المراهقون خلالها إلى إثبات هويتهم، في الوقت الذي يقعون فيه تحت ضغوط اجتماعية ودراسية قوية. وبينما يتمكن بعضهم من التأقلم مع هذه التحديات، يجد آخرون صعوبة في ذلك، ويظهرون علامات ضيق قد تمر دون أن يتم ملاحظتها .
أهمية لغة الجسد
تُعتبر لغة الجسد مؤشرًا أساسيًا على المعاناة النفسية لدى المراهق. فالإيماءات والوضعيّات الجسدية تعبّر في كثير من الأحيان أكثر مما تبوح به الكلمات. وعلى الرغم من أن المراهقين يمرّون بأيام صعبة بطبيعتهم، إلا أن بعض العلامات المتكررة تستوجب انتباه الأهل. فعلى سبيل المثال قد يخفي كل من انطواء المراهق على نفسه، وانسحابه من الأنشطة العائلية، أو تفضيله العزلة، ألماً داخليًا حقيقيًا.
لغة الجسد: مرآة لمشاعر المراهق

تُعدّ لغة الجسد شكلاً من أشكال التواصل غير اللفظي، أين يمكن أن يقول الكثير عن الحالة العاطفية للمراهق. فبالنسبة للشباب الذين يجدون صعوبة أحيانًا في التعبير عن مشاعرهم بالكلام، يصبح الجسد وسيلة رئيسية للتعبير عن الأحاسيس، سواء كانت إيجابية أو سلبية. وتُعدّ الإيماءات وتعبيرات الوجه، ووضعيات الجسد، مؤشرات أساسية لما يشعر به المراهق، وقد تكشف عن علامات التوتر، أو الغضب، أو الحزن، أو القلق.
علامات تستوجب الانتباه لها في لغة الجسد
بعض التصرفات غير اللفظية تشكّل إشارات إنذار يجب الانتباه إليها، مثل:
- تجنّب التواصل البصري: المراهق الذي يتجنّب النظر في عيون الآخرين قد يكون يعاني من اضطراب داخلي. هذا السلوك قد يشير إلى الشعور بالذنب، أو القلق، أو حتى الاكتئاب، وغالبًا ما يرتبط بالرغبة في الهروب أو الحماية من المحيط الخارجي.
- الوضعية المغلقة: حينما ينطوي المراهق على نفسه، ويعقد ذراعيه، أو يخفض رأسه، فذلك قد يكون تعبيرًا عن شعوره بالهشاشة أو بعدم التكيّف مع بيئته. وغالبًا ما تكون هذه الوضعية وسيلة دفاعية لمواجهة وضع لا يشعر فيه بالسيطرة.
- القلق الحركي أو الجمود المفرط: المراهق القلق أو المتوتر قد يظهر حركات سريعة وفوضوية، مثل فرك اليدين أو التأرجح على الكرسي. في المقابل، فإن الجمود المفرط أو غياب الحركة قد يدلّ على اكتئاب أو انسحاب داخلي.
- تعبيرات الوجه: الوجه أيضًا يمكن أن يكشف عن مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلام. غياب التعبيرات أو الجمود في الملامح قد يكون مؤشراً على الحزن أو الضيق، بينما يمكن أن يخفي الابتسام المتكلّف أو الضحك العصبي معاناة عميقة.
تجنّب النظر: إشارة مقلقة بامتياز
من بين السلوكيات التي ينبغي مراقبتها، يُعدّ تجنّب التواصل البصري مؤشراً بالغ الأهمية. فقد أظهرت دراسة أُجريت سنة 2017 في جامعة UC Riverside أن الأطفال القلقين يميلون إلى تجنّب النظر في العيون. وقد يكون هذا السلوك انعكاسًا للشعور بالذنب، أو القلق، أو الاكتئاب، وقد يشير أيضًا إلى وجود اضطرابات عصبية معرفية (neurodivergence).
خلق بيئة محفزة للتواصل
من الضروري أن يعمل الأهل على توفير بيئة آمنة تُشجّع المراهق على التعبير عن نفسه. أين يمكن أن تكون مقاربة خالية من الأحكام مثل الحديث أثناء المشي أو خلال رحلة بالسيارة، وسيلة فعالة لفتح باب الحوار. كما أن الهدف هو أن يشعر المراهق أنه يستطيع التعبير دون خوف من الانتقاد أو الضغط.
اليقظة أمر ضروري
رغم أن بعض سلوكيات المراهق قد تبدو عابرة أو طبيعية في هذا العمر، إلا أن من المهم التنبّه للعلامات الأكثر خطورة. فتجنّب النظر على وجه الخصوص قد يكون نداءً صامتًا للمساعدة، ومن الضروري الإصغاء لتلك الإشارات من أجل دعم المراهق في محنته.
قد تكون لغة الجسد لدى المراهق مرآة تعكس مشاعره ومعاناته، ولهذا فإن اكتشاف هذه المؤشرات يساعد الأهل على فهم أبنائهم ودعمهم، لا سيّما عندما يعجزون عن التعبير عن آلامهم بالكلمات. كما أن توفير فضاء من الثقة، وإظهار التعاطف، يُشعر المراهق بالأمان ويفتح له المجال للتعبير بحرية أكبر.
الكلمات المفتاحية: مراهق ، لغة الجسد ، مشاعر ، مؤشرات ، دعم ، تعاطف