لطالما تم استخدام زيت حبة البركة في الطب التقليدي والذي يعود الآن الى الواجهة ، أين يؤكد خبراء التغذية أن ملعقة واحدة يوميًا من هذا الزيت قد تقلل الالتهابات أفضل من بعض مضادات الالتهاب التقليدية، بما في ذلك الإيبوبروفين .. نسلط الضوء على هذا العلاج القديم الذي يجذب اليوم اهتمام العلم.
الالتهاب، مرض حديث صامت
الالتهاب المزمن ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو عملية كامنة وراء العديد من الحالات الصحية: مثل التهاب المفاصل التنكسي، السكري، الربو، أمراض القلب والأوعية الدموية، والأمراض المناعية الذاتية (مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو الذئبة). وغالبًا ما يكون غير مرئي لكنه يضعف الجسم، ويسرّع الشيخوخة الخلوية، ويعزز تدهور الأنسجة.
في مواجهة هذه الظاهرة يولي عدد متزايد من الباحثين اهتمامًا بالغًا بالتغذية المضادة للالتهاب، وغالب ما تذكر كل من : الكركم، الزنجبيل، التوت الأزرق كأفضل المصادر المضادة للالتهاب. لكن وفقًا للعديد من المتخصصين، هناك مكوّن يتفوق على جميع هذه الأطعمة.
زيت بخصائص مضادة للالتهاب تشبه الإيبوبروفين
الطعام الأكثر مضادًا للالتهاب في العالم ليس الكركم ولا الزنجبيل، بل زيت بذور الكمون الأسود ( زيت حبة البركة )، المعروف أكثر باسم Nigella sativa، القادر على تقليل التهاب المفاصل بنسبة تصل إلى 60٪ باستخدام ملعقة صغيرة واحدة يوميًا.
وعند التسائل عن ماهو سر هذه الفعالية؟ نجد مركب طبيعي يُسمّى الثيموكينون، إذ تعمل هذه الجزيئة مباشرة على السيتوكينات المسببة للالتهاب، وهي الرسائل الكيميائية المسؤولة عن الألم والتورم.
وأظهرت الدراسات المنشورة في Science Direct إمكانياته: فالثيموكينون يمتلك خصائص مضادة للالتهاب، مضادة للأكسدة، ومضادة للموت الخلوي المبرمج، أي أنه يحمي الخلايا من الموت المبكر.
درع طبيعي يحمي الخلايا

على الصعيد البيولوجي، يعمل الثيموكينون على عدة محاور:
- تحييد الجذور الحرة المسؤولة عن الإجهاد التأكسدي،
- تنظيم نشاط الجهاز المناعي،
- إبطاء تدهور الغضاريف في المفاصل،
- والمساعدة في تثبيت مستوى السكر في الدم وضغط الدم.
تفسر هذه التأثيرات الاهتمام المتزايد للبحث العلمي بهذه الزيت، الذي استخدم منذ أكثر من 2000 عام في مصر والشرق الأوسط وآسيا، حيث كان يُلقب بـ«ذهب الفراعنة» أو «دواء لكل شيء إلا الموت» حسب حديث قديم.
كيفية اختيار واستهلاك زيت حبة البركة
للاستفادة القصوى من فوائده، من الضروري اختيار زيت بكر، معصور على البارد، نقي 100٪، ويفضل أن يكون عضويًا، كما يمكن تناول الزيت مباشرة (ملعقة صغيرة يوميًا)، أو مخلوطًا بالعسل، أو مضافًا إلى أطعمة باردة مثل السلطات، الصلصات، أو الزبادي. كما يتوفر على شكل كبسولات، وهي أكثر ملاءمة للمعدة الحساسة.
نصيحة عملية: ابدؤوا بنصف ملعقة صغيرة يوميًا لمدة أسبوع، ثم زدوا الجرعة تدريجيًا حسب التحمل الشخصي.
الاحتياطات وموانع الاستعمال
على الرغم من كونه طبيعيًا، إلا أن زيت حبة البركة ليس بلا تأثيرات.
- لا يُنصح به للنساء الحوامل أو المرضعات، وللأطفال دون 6 سنوات، احترازيًا.
- الجرعات العالية أو تناوله على معدة فارغة قد يسبب اضطرابات هضمية (غثيان، حرقة في المعدة).
- قد يخفض ضغط الدم ومستوى السكر قليلاً، وله تأثير خفيف مضاد لتجلط الدم.
يُنصح باستشارة الطبيب قبل البدء بالعلاج، خاصة عند تناول أدوية أخرى (مضادات التجلط، أدوية السكري، أدوية ضغط الدم). ولا يجب أن يحل الزيت محل العلاج الطبي الموصوف.
ما تقوله العلوم ..
أكدت عدة دراسات سريرية الإمكانات العلاجية لزيت حبة البركة:
- أظهرت دراسة أجريت عام 2022 انخفاضًا ملحوظًا في علامات الالتهاب (CRP و IL-6) لدى مرضى التهاب المفاصل التنكسي،
- تشير أبحاث أخرى إلى تأثير مفيد على الجهاز التنفسي (الربو، التهاب الشعب الهوائية المزمن) وتنظيم السكر لدى مرضى السكري من النوع الثاني،
- كما تدرس بعض الدراسات دوره في حماية الأعصاب والوقاية من شيخوخة الخلايا.
ومع ذلك يحذر العلماء، فالدراسات لا تزال محدودة وغالبًا ما تكون على عينات صغيرة، ورغم أن النتائج واعدة، لكنها تتطلب تجارب سريرية واسعة لتأكيد هذه التأثيرات على المدى الطويل.
حليف صحي يجب استخدامه بحكمة
يُعد زيت حبة البركة من أقوى مضادات الالتهاب الطبيعية المعروفة حتى اليوم، كما أنه غني بالثيموكينون، ويعمل بعمق على الآليات البيولوجية للالتهاب.
عند استخدامه بحذر وضمن نمط حياة متوازن، يمكن أن يكون مكملًا قيمًا للعلاج الطبي التقليدي، لكن كما يؤكد العديد من المتخصصين: «هذا ليس علاجًا بمثابة ” معجزة ” ، بل أداة من بين أدوات أخرى، يجب إدراجها ضمن نهج صحي شامل».
الكلمات المفتاحية: زيت؛ حبة البركة؛ ثيموكينون؛ دواء؛ صحة؛ طب.