صحة جيدة لحياة أفضل

لماذا يصاب بعض الأشخاص بالزكام باستمرار في الشتاء؟

حرر : د. عماد بوعريسة | دكتور في الطب
28 نوفمبر 2025

عندما تكشف لنا برودة الموسم ثغرات مناعتنا

يتكرر كل شتاء المشهد نفسه ، فبعض الناس يمرّون عبر الموسم دون أي عطس يُذكر، بينما يعاني آخرون من تراكم نزلات البرد والسعال والحمّى بشكل متكرر. فلماذا هذا التفاوت الكبير في مواجهة فيروسات الشتاء؟ ، وبين الهشاشة المناعية، أنماط الحياة، والعوامل البيئية، بدأت العلوم تكشف شيئًا فشيئًا عن هذا اللغز المرتبط بالبرد.

تحب الفيروسات التنفسية مثل الفيروسات الأنفية، فيروسات كورونا الموسمية، فيروس الإنفلونزا، أو الفيروس المخلوي التنفسي فصل الشتاء. فالبرد والهواء الجاف يساعدان على بقائها وانتشارها، وعندما تنخفض درجة الحرارة، يفقد الهواء المحيط رطوبته، فتجفّ الأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة، وتفقد جزءً من قدرتها الطبيعية على الدفاع.والنتيجة تصبح الفيروسات قادرة على الاستقرار بسهولة أكبر.

وهناك تأثير آخر غير معروف كثيرًا، وهو أن البرد يقلّل من قدرة جهازنا المناعي على الاستجابة محليًا. فقد أظهرت دراسات أن خلايا الدفاع في الجهاز التنفسي تصبح أقل نشاطًا عندما تنخفض درجة حرارة الأنف. وبمعنى أوضح، يمكن لنسمة باردة على الوجه أن تجعل الأنف أكثر ترحيبًا بالجراثيم.

وإذا كان بعض الأشخاص يبدو أنهم “يلتقطون كل شيء يمرّ”، فإن الأمر مرتبط أيضًا بالمناعة الفردية. إذ تختلف جودة الاستجابة المناعية من شخص لآخر، وفقًا للعمر، والتركيبة الجينية، والضغط النفسي، ونمط الحياة.

  • عند الأطفال: يكون الجهاز المناعي في طور التعلّم، يكتشف الفيروسات ويتكيف معها تدريجيًا.
  • عند البالغين المرهقين أو المتوترين: قد تتباطأ عملية إنتاج الأجسام المضادة وكريات الدم البيضاء.
  • عند كبار السن: تضعف الدفاعات الطبيعية (ويسمى ذلك بالشيخوخة المناعية)، مما يزيد من حساسيتهم للالتهابات التنفسية.

بالإضافة إلى ذلك تؤثر بعض الأمراض المزمنة مثل السكري، الربو، الحساسية، وأمراض المناعة الذاتية على قوة الاستجابة المناعية وتجعل العدوى أكثر تكرارًا.

يلعب نمط الحياة دورًا رئيسيًا. فقلة النوم وسوء التغذية، والضغط النفسي المزمن، والتدخين جميعها تضعف الحواجز المناعية. كما أن قلة النشاط البدني تقلّل من حركة الخلايا المناعية في الدم.

وعلى العكس يساعد النشاط البدني المنتظم والتوازن الغذائي ونمط الحياة الصحي في تعزيز المناعة الطبيعية.

النظام الغذائي الغني بـفيتامين C (الحمضيات، الكيوي، البقدونس) وفيتامين D (الأسماك الدهنية، البيض)وكذا الزنك (المأكولات البحرية، البقوليات) بالاضافة الى البروبيوتيك (الزبادي، الكفير، الأغذية المخمرة) يساعد في دعم الميكروبيوتا وتحسين الاستجابة المناعية.

الميكروبيوتا وهي مليارات البكتيريا التي تعيش في الأمعاء وعلى الأغشية المخاطية عنصر أساسي في صحة المناعة، لذا فإن أي خلل في هذه البكتيريا غالبًا بسبب كثرة السكريات، أو الإفراط في المضادات الحيوية، أو التوتر قد يضعف الدفاعات المحلية.

وقد أظهرت دراسات حديثة أن الأشخاص الذين يعانون عدوى تنفسية متكررة يكون لديهم غالبًا تنوع بكتيري أقل.

ويمكن للبروبيوتيك أن يساعد في استعادة هذا التوازن، خصوصًا لدى النساء وكبار السن، الذين تتغير لديهم البكتيريا المعوية مع العمر أو التغيرات الهرمونية.

الأشخاص الأكثر مقاومة للفيروسات يمتلكون عادةً جهازًا مناعيًا أكثر تفاعلًا ونمط حياة صحيًا وكذا تعرّضًا منتظمًا للجراثيم، مما يسمح لهم بتطوير ذاكرة مناعية أقوى. كما أن ميكروبيوتا أجسامهم تكون أكثر توازنًا، وأغشيتهم المخاطية أفضل حماية.

بمعنى آخر الأمر ليس مجرد حظ، بل هو نتيجة توازن بين الجينات ونمط الحياة والبيئة.

1. تهوية وترطيب المنزل: لأن الهواء الجاف يضعف مخاطية الأنف.

2. النوم الجيد: فهو يساعد في تجديد الخلايا المناعية.

3. تقليل التوتر المزمن: لأنه يقلل إنتاج الأجسام المضادة.

4. ممارسة الرياضة بانتظام: 30 دقيقة من المشي السريع يوميًا تحفّز المناعة.

5. تناول غذاء متنوع وملون: الفيتامينات والمعادن والألياف تغذي الدفاعات الطبيعية.

6. تجنب التدفئة المفرطة: فالحرارة الزائدة تجفف المسالك التنفسية.

7. غسل اليدين بانتظام وتجنب العادات الخطرة (ملامسة الوجه، مشاركة الأدوات الشخصية).

  • الشتاء لا يجعل الجميع يمرضون بالصدفة فالفيروسات موجودة، ولكن تأثيرها يعتمد أساسًا على قوة المناعة الفردية.
  • تعزيز المناعة يعني العناية بالجسم، والميكروبيوتا، ونمط الحياة.

المناعة هي توازن دقيق بين أجسامنا وبيئتنا. وكلما حافظنا على هذا التوازن، كلما قلّت فرص الفيروسات في إيجاد مكان لتستقر فيه.

الكلمات المفتاحية: شتاء؛ زكام؛ مناعة؛ ميكروبيوتا؛ برد؛ فيتامين.

إقرأ أيضاً: