في اكتشاف طبي مهم قد يغير عالم علوم الأعصاب، تمكن باحثون من جامعة ميسوري في كولومبيا (الولايات المتحدة الأمريكية)، بالتعاون مع فريق دولي، من تحديد مرض جيني نادر جديد يؤثر على التحكم والحركة العضلية. وقد أُطلق على هذا المرض اسم متلازمة MINA (اعتلال محور العصب الناتج عن طفرة NAMPT)، ويظهر بعض التشابه مع مرض شاركو مع كشفه في الوقت نفسه عن آليات بيولوجية جديدة وغير مسبوقة.
مرض يؤثر على الجهاز العصبي الحركي
تتميز متلازمة MINA بتلف الخلايا العصبية الحركية، وهي الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل الأوامر من الدماغ إلى العضلات، والتي تمكّن من انقباض العضلات والتحكم الدقيق بالحركات.
وعند المرضى المصابين تتعرض هذه الخلايا العصبية الحركية للتلف تدريجيًا نتيجة طفرة نادرة في جين NAMPT، وهي بروتين أساسي لإنتاج واستخدام الطاقة داخل الخلايا.

في الظروف الطبيعية يلعب بروتين NAMPT دورًا رئيسيًا في الأيض الطاقي، مما يمكّن الخلايا وخصوصًا الخلايا العصبية من العمل بشكل سليم.
لكن عندما يتعرض هذا البروتين للتغيير أو التلف، تعاني الخلايا من نقص في الطاقة، تضعف وتنتهي بالموت، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للقوة العضلية.

الأعراض والتطور
غالبًا ما تظهر العلامات الأولى لمتلازمة MINA من خلال ضعف عضلي موضعي، فقدان التنسيق، أو تشوهات في القدم (مثل القدم المقوسة أو صعوبة المشي)، ومع مرور الوقت تتفاقم الأعراض لتشمل الجهاز الحركي بشكل أوسع. في المراحل المتقدمة قد يفقد المرضى جزءً من استقلاليتهم ويحتاجون إلى كرسي متحرك.
يوضح الباحثون سبب هذه الانتقائية هي أن الخلايا العصبية الحركية أكثر عرضة للخطر لأنها تمتلك أليافًا طويلة تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة لنقل إشارات الحركة. وعندما تنقص هذه الطاقة ينقطع الاتصال بين الدماغ والعضلات.
اكتشاف نتيجة سنوات من البحث
هذا التقدم العلمي هو ثمرة عدة سنوات من التحقيق، ففي عام 2017 أظهر البروفيسور ” شينهوا دينغ” الباحث الرئيسي في الدراسة، أن بروتين NAMPT ضروري لبقاء الخلايا العصبية، ونقص هذا البروتين أدى في النماذج الحيوانية إلى شلل تدريجي مشابه لما يُرى في التصلب الجانبي الضموري .
وبمتابعة أبحاثهم قام العلماء بتحليل خلايا مريضين يعانيان من ضعف عضلي غير مفسر. وكانت النتيجة أن كلاهما يحمل نفس الطفرة الجينية في جين NAMPT، مؤكدة بذلك اكتشاف مرض جديد، وتم تحديد متلازمة MINA رسميا.
لا يوجد علاج شافٍ حتى الآن
حتى اليوم لا يوجد علاج محدد لمتلازمة MINA، وتعتمد الرعاية الحالية على متابعة عصبية منتظمة، العلاج الطبيعي المناسب، والوقاية من المضاعفات العضلية.
مع ذلك يظل الباحثون متفائلين، فهناك تجارب أولية تهدف إلى تحفيز إنتاج الطاقة في الخلايا العصبية المتضررة، على أمل إبطاء تقدم المرض.
التوصيات الطبية
- يجب مراجعة طبيب أعصاب عند وجود ضعف عضلي مستمر، مشاكل في التنسيق، أو تشوه في القدم.
- يمكن اقتراح فحص جيني إذا كانت هناك سوابق عائلية مريبة.
- النشاط البدني المعتدل، المراقبة الغذائية، والدعم النفسي ضرورية للحفاظ على جودة الحياة.
- في غياب علاج شافٍ، تمثل الأبحاث السريرية الأمل الرئيسي للمرضى وعائلاتهم.
اكتشاف علمي يحمل الأمل
فتح اكتشاف متلازمة MINA آفاقًا جديدة لفهم الأمراض التنكسية العصبية، وبعيدًا عن هذا المرض النادر، يسلط الاكتشاف الضوء على الدور الحاسم للطاقة الخلوية في بقاء الخلايا العصبية وهو مجال أساسي لتطوير علاجات مستقبلية موجهة. ويشير البروفيسور ” دينغ” : “فهم الأيض الطاقي للخلايا العصبية قد يكون مفتاحًا لمنع تدهورها”.
يوضح هذا الاكتشاف الذي يجمع بين علم الوراثة وعلوم الأعصاب والطب التجديدي، كيف يمكن للبحث الدولي أن يغير فهم الأمراض النادرة ويمنح المرضى فرص حياة جديدة.
متلازمة MINA هي مرض جيني نادر ناجم عن طفرة في جين NAMPT، تسبب تلفًا تدريجيًا للخلايا العصبية الحركية. ورغم عدم وجود علاج شافٍ حتى الآن، فإن الأبحاث العلمية تتقدم، فاتحة الطريق لعلاجات مستقبلية تعتمد على الطاقة للحفاظ على الخلايا العصبية.
الكلمات المفتاحية: NAMPT ؛ MINA ؛ متلازمة ؛ مرض ؛ جيني ؛ طفرة ؛ خلايا عصبية حركية ؛ SLA
إقرأ أيضاً: