يتدهور النوم بشكل طبيعي مع التقدم في العمر، إذ يعاني ما بين 30 و48% من كبار السن من النعاس خلال النهار، بينما يواجه 12 إلى 20% منهم مشكلات الأرق. ولا يُعدّ هذا الأمر بسيطاً فالنوم الرديء يرتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية وتراجع القدرات الإدراكية.
ورغم أنّ النشاط البدني معروف بدوره في تحسين النوم، فإن جميع أنواع التمارين ليست متساوية الفعالية. فقد حللت دراسة تايلاندية حديثة 25 تجربة سريرية شملت أكثر من 2000 شخص تجاوزوا سنّ الستين ويعانون من الأرق، بهدف تحديد التمرين الأكثر فعالية لاستعادة نوم مريح ومُجدّد للطاقة.
تمارين تقوية العضلات، الحليف الأمثل للنوم

قارن الباحثون بين عدة أنواع من الأنشطة البدنية:
- تمارين الأيروبيك (القلب والشرايين)
- تمارين تقوية العضلات
- تمارين التوازن والمرونة
- التمارين المدمجة
النتائج:
أظهرت النتائج التي نُشرت في مجلة Family Medicine and Community Health، أنّ تمارين تقوية العضلات هي الأكثر فعالية لتحسين جودة النوم، متفوّقةً على تمارين الأيروبيك (مثل المشي السريع أو السباحة) وحتى على التمارين المدمجة التي تجمع بين عدة أنشطة.
لماذا تقوية العضلات أكثر فعالية؟
يعتمد النوم على توازن هرموني وحسن أداء الجهاز العصبي ، وعلى عكس تمارين التحمل التي تركز أساسًا على القلب والرئتين، تعمل تمارين تقوية العضلات مباشرةً على آليات متعددة تدعم النوم المريح:
- تقليل التوتر العضلي والعصبي: مع التقدم في العمر، يتراكم التوتر في العضلات، خصوصًا بسبب قلة الحركة، كما يساعد العمل العضلي على تحرير هذه التوترات، مما يسهل الاستغراق في النوم ويجعله أعمق وأكثر راحة.
- تحفيز إنتاج الميلاتونين: تسهم تمارين القوة في زيادة إنتاج الميلاتونين، الهرمون الأساسي للنوم وتنظيم دورة النوم والاستيقاظ، كما يساهم التدريب المنتظم للعضلات في ضبط الساعة البيولوجية للجسم، ما يدعم نومًا أكثر انتظامًا واستقرارًا.
- خفض مستوى الكورتيزول (هرمون التوتر): ويُعدّ ارتفاع الكورتيزول الناتج عن التوتر أو قلة النشاط عاملًا رئيسيًا في الأرق، لذلك تساعد تمارين المقاومة على موازنة مستويات الكورتيزول، فتقلل القلق والاستيقاظ الليلي المتكرر.
- تحسين الدورة الدموية وأكسجة الدماغ: تؤدي الدورة الدموية الجيدة إلى تزويد الدماغ بالأكسجين بكفاءة أكبر، ما يعزز النوم العميق والمريح. كما يساهم ذلك في الحد من التراجع الإدراكي المرتبط غالبًا باضطرابات النوم لدى كبار السن.
فعالية مثبتة بالدراسات
قيّم الباحثون تأثير أنواع التمارين المختلفة على النوم باستخدام مؤشر جودة النوم في بيتسبرغ (PSQI).
- حقق المشاركون الذين مارسوا تمارين تقوية العضلات فقط أفضل النتائج: نوم أسرع، استيقاظات ليلية أقل، ونوم أعمق وأكثر استقرارًا.
- أما التمارين الهوائية أو المدمجة، فرغم فوائدها، كانت أقل فاعلية في تحسين جودة النوم على المدى الطويل.
كيفية دمج تمارين تقوية العضلات في الروتين اليومي
يوصي الخبراء بـ:
- ممارسة 50 دقيقة من تمارين تقوية العضلات، من مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا
- اعتماد تمارين تدريجية باستخدام أدوات بسيطة أو من دون أدوات
- الحفاظ على شدة خفيفة إلى متوسطة تتناسب مع قدرات كل فرد
التمارين الموصى بها
ينصح الباحثون بشكل خاص بـ:
- رفع الأوزان لتقوية مجموعات عضلية متعددة
- استخدام أربطة المقاومة لزيادة القوة بشكل تدريجي وفعّال
- تمارين وزن الجسم المناسبة للجميع:
– السكوات (Squats) والاندفاعات (Lunges) لتقوية الساقين
– الضغط على الجدار لتمرين الجزء العلوي من الجسم
– الصعود والنزول عن الكرسي لتحسين القوة والتوازن
للحصول على نتائج ملحوظة يُنصح بالالتزام بممارسة تمارين تقوية العضلات 50 دقيقة، 2 إلى 3 مرات أسبوعيًا.
تأثير إيجابي على الصحة العامة
لا يقتصر تأثير تمارين القوة على تحسين النوم، بل يمتد إلى تعزيز الصحة العامة من خلال:
- الوقاية من الساركوبينيا (فقدان الكتلة العضلية مع التقدم في العمر)
- تحسين التوازن وتقليل خطر السقوط
- تخفيف آلام المفاصل والعضلات
- تقوية العظام والحد من خطر الإصابة بهشاشة العظام
إذا كنت تواجه صعوبة في النوم بعد سنّ الستين، فإن تمارين تقوية العضلات تمثل حلاً طبيعيًا وفعّالًا، ويكفي الالتزام بتمارين مناسبة مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعيًا لتحسين جودة النوم وتعزيز قوة الجسم والصحة العامة، لذا لقد حان الوقت للبدء بخطوة بسيطة نحو نوم أفضل وحياة أكثر صحة وراحة.
الكلمات المفتاحية: نوم، صحة، سن، تمرين، نشاط بدني، إدراك، دماغ