ظاهرة متكررة ولكن غير معروفة على نطاق واسع
تستيقظ العديد من النساء في سنّ انقطاع الطمث بشكل منتظم في منتصف الليل، وغالبًا في نفس التوقيت. وقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها الشركة البريطانية “Dunelm” أن الساعة 3:29 صباحًا هي الوقت الأكثر شيوعًا الذي تم الإبلاغ عنه. هذا الاستيقاظ الليلي الذي قد يبدو عابرًا هو في الواقع جزء من مجموعة أوسع من اضطرابات النوم المرتبطة بالتغيرات الهرمونية.
انقطاع الطمث والنوم: علاقة هرمونية وثيقة
يمثل انقطاع الطمث التوقف النهائي للدورة الشهرية، ويرتبط بانخفاض تدريجي في الهرمونات الجنسية الأنثوية، خاصة الإستروجين والبروجستيرون. وتؤدي هذه الهرمونات دورًا أساسيًا في تنظيم دورات النوم واليقظة، وكذلك في ضبط درجة حرارة الجسم، واستقرار المزاج، وتوازن الجهاز العصبي.
وبحسب أطباء الغدد الصماء فإن انخفاض هرمون الإستروجين يخلّ بآليات الدماغ المسؤولة عن تنظيم النوم. إذ يشعر الجسم بإشارات توحي بفرط في الحرارة، مما يؤدي إلى نوبات التعرّق الليلي أو الهبّات الساخنة. وهذه الأعراض التي تحدث خاصة خلال الليل، توقظ الجسم فجأة وتمنعه من العودة سريعًا إلى النوم العميق.
أرقٌ يُستهان به لكن عواقبه وخيمة
الأثر العاطفي والنفسي
وفقًا لدراسة “Dunelm” صرّحت 69% من النساء المشاركات بأن الأرق المرتبط بانقطاع الطمث يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية. وقد يظهر ذلك في شكل تعب شديد عند الاستيقاظ، واضطرابات في التركيز، وانفعال زائد، بل وحتى الاكتئاب.
ومع ذلك فإن 60% منهن لا يعلمن بوجود حلول فعالة للتخفيف من هذه الاضطرابات، أين يزيد هذا النقص في المعلومات من معاناة الليل ويعزز الشعور بالعجز.
ماذا تفعل النساء اللاتي يستيقظن في منتصف الليل؟

بمجرد استيقاظهن تعتمد النساء استراتيجيات متنوعة – وغالبًا غير فعّالة – للعودة إلى النوم:
- 30% يقرأن كتابًا،
- 30% يتصفحن الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يؤدي إلى تحفيز إضافي للدماغ،
- 20% يشعلن التلفاز،
- 17% يكتفين بالنظر إلى الساعة غالبًا بشعور من القلق.
وتُساهم هذه السلوكيات في تعزيز دائرة مفرغة من التحفيز الذهني، وهو ما يعيق العودة إلى النوم.
أعراض متعددة، وأصلها هرموني

انقطاع الطمث لا يقتصر على الأرق فقط فهو عادةً ما يصاحبه:
- الهبّات الساخنة والتعرق الليلي،
- جفاف المهبل والبشرة،
- اضطرابات في الجهاز البولي، زيادة في الوزن، آلام المفاصل،
- صداع، قلق، تهيّج.
وجميع هذه الأعراض ناتجة عن خلل في التوازن الهرموني، أين يؤثر هرمون الإستروجين على الدماغ، البشرة، الأغشية المخاطية، والجهاز العصبي الذاتي الذي يتحكم في درجة الحرارة والإيقاع اليومي.
ما هي الحلول الفعالة لتحسين النوم؟
في مواجهة هذه الاستيقاظات الليلية، يمكن أن تكون عدة طرق مفيدة:
1. تعديل نمط الحياة
- تجنب الكحول، والوجبات الثقيلة أو الحارة مساءً؛
- تقليل المنبهات (القهوة، الشاي) ابتداءً من نهاية فترة بعد الظهر؛
- إنشاء روتين نوم ثابت بمواعيد منتظمة؛
- الحفاظ على غرفة نوم باردة، مظلمة وهادئة.
2. إدارة التوتر
التوتر يزيد من الأعراض، لذلك من المهم اعتماد تقنيات الاسترخاء مثل:
- التنفس العميق،
- تقنية التناسق القلبي،
- التأمل الواعي،
ويمكن أن تساعد هذه الأمور على النوم بسهولة.
3. استشارة الطبيب
يمكن للطبيب أن يقترح:
- العلاج الهرموني التعويضي (THS) المناسب لكل حالة لتعويض نقص الهرمونات؛
- علاجات طبيعية (الفيتو إستروجينات، مكملات نباتية مثل البرسيم الأحمر أو الميرمية)
- دعم نفسي في حالات القلق أو الاكتئاب المصاحبة.
نحو فهم أفضل للنوم عند النساء
غالبًا ما يتأثر نوم النساء بالدورات الهرمونية سواء في مرحلة البلوغ، الحمل أو انقطاع الطمث، لذا فإن الاعتراف بأن هذه الاضطرابات طبيعية فسيولوجيًا لكنها قابلة للعلاج هو خطوة أساسية لتحسين جودة الحياة.
انقطاع الطمث ليس مصيرًا محتومًا، بل مرحلة طبيعية تستحق دعمًا ملائمًا.
الكلمات المفتاحية: انقطاع الطمث؛ المرأة؛ الحرارة؛ النوم؛ هرموني؛ اضطراب؛ الاستيقاظ؛