صحة جيدة لحياة أفضل

في أي عمر يجب البدء بمراقبة صحة القلب؟

حرر : البروفيسور رضا تواتي | أخصائي أمراض القلب
7 سبتمبر 2025

الأمراض القلبية الوعائية مسؤولة عن أكثر من 17 مليون وفاة سنويًا في العالم وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من أنها كانت تُعتبر لفترة طويلة أمراضًا تصيب كبار السن، إلا أنها تبدأ في التكوّن قبل ظهور الأعراض الأولى بوقت طويل.

أمراض القلب تبدأ أبكر مما نعتقد

يتفق المتخصصون على أن الوقاية يجب أن تبدأ منذ سن البلوغ حوالي 20-25 عامًا، حتى لدى الأشخاص الذين يبدون بصحة جيدة. لماذا في هذا العمر المبكر؟ لأن الضرر الذي يصيب الشرايين يتراكم بصمت على مدار سنوات عديدة.

يسمح الفحص القلبي الوقائي الأول بوضع ملف مرجعي للصحة القلبية ويشمل عادة:

  • قياس ضغط الدم (لكشف ارتفاع الضغط)،
  • قياس سكر الدم الصائم (للكشف عن السكري أو ما قبل السكري)،
  • فحص الدهون بما في ذلك الكوليسترول الضار LDL والكوليسترول الجيد HDL.

وهذه المؤشرات حاسمة فهي تساعد على تحديد أهم ثلاثة عوامل خطر قلبية قابلة للتعديل. والاكتشاف المبكر لهذه الاختلالات يزيد من فرص تصحيحها عبر إجراءات بسيطة مثل تعديل النظام الغذائي، ممارسة النشاط البدني، والإقلاع عن التدخين.

كما يشكل هذا الفحص فرصة لتقييم التاريخ العائلي الذي يُغفل غالبًا، ونمط الحياة (الإجهاد المزمن، قلة الحركة، النوم، استهلاك الكحول وغيرها).

وعادةً ما يُجرى الفحص الأول للمرأة أثناء الاستشارة النسائية، لكن الرجال عليهم أيضًا الخضوع له منذ سن مبكرة.

قد يبدأ أحيانًا تصلب الشرايين الذي يتمثل في تراكم تدريجي للترسبات الدهنية داخل الشرايين، منذ سن المراهقة خاصة في حال وجود ميول وراثية أو عادات حياة غير صحية.

لذا الوقاية المبكرة تسمح بـ:

  • الحفاظ على مرونة الشرايين،
  • تقليل العبء الالتهابي المزمن،
  • تجنب الإصابات غير القابلة للإصلاح، التي قد تؤدي لاحقًا إلى النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.

بعبارة أخرى: من الأفضل الوقاية من العلاج.

لا يُطلب عادةً مخطط كهربية القلب (ECG) عند إجراء الفحص الوقائي الروتيني ويُوصى به بشكل خاص في الحالات التالية:

  • ظهور أعراض محتملة: خفقان القلب، ضيق التنفس غير المعتاد، ألم في الصدر، شعور بالإعياء.
  • ممارسة الرياضة بشكل مكثف، أو التحضير لمنافسة رياضية.
  • وجود تاريخ عائلي للوفاة المفاجئة أو الأمراض القلبية الوراثية.

مخطط كهربية القلب هو أداة تشخيصية موجهة، وليس اختبارًا للكشف العام.

في حالة وجود عوامل خطر حوالي سن الأربعين أو حتى 35 عامًا ، يصبح من الضروري إجراء فحص ثانٍ ويصبح أكثر أهمية إذا كان الشخص يعاني من:

  • زيادة الوزن أو السمنة،
  • التدخين أو شرب الكحول بشكل منتظم،
  • نمط حياة قليل الحركة،
  • تاريخ عائلي لأمراض قلبية مبكرة،
  • السكري أو ما قبل السكري المعروف.

في هذا العمر قد تظهر العلامات الأولى لتلف الشرايين، مما يبرز أهمية التحرك في الوقت المناسب للحفاظ على الصحة على المدى الطويل.

اعتبارًا من الخمسينيات تتزايد المخاطر حتى في غياب الأعراض، لذا يُنصح بإجراء فحص كل 2 إلى 3 سنوات، يشمل نفس العناصر السابقة مع إضافة ما يلزم مثل:

  • مخطط كهربية القلب في حال وجود شك،
  • تقييم المخاطر القلبية العامة،
  • فحوصات إضافية عند اكتشاف أي اختلالات.

لا يكفي مراقبة مؤشر واحد فقط (مثل الكوليسترول)، إذ يجب تقييم المخاطر العامة أي احتمالية الإصابة بأمراض قلبية وعائية خلال السنوات العشر القادمة، وتقترح الجمعية الفرنسية لأمراض القلب مؤشرًا معتمدًا علميًا يأخذ في الاعتبار:

  • العمر،
  • الجنس،
  • ضغط الدم،
  • الكوليسترول الكلي،
  • التدخين النشط،
  • وجود السكري.

يساعد هذا المؤشر على تصنيف المرضى حسب مستوى الخطر (منخفض، متوسط، مرتفع) وتخصيص إجراءات الوقاية: نمط حياة صحي، علاج دوائي، متابعة دقيقة.

العمر                             الفحوصات الموصى بها                              التكرار            
20-25 سنة                        ضغط الدم، سكر الدم، الكوليسترول، التاريخ العائليالفحص المرجعي الأول
35-40 سنة (في حال وجود عوامل خطر)فحص كامل + متابعة عادات الحياة                  | كل 5 سنوات         
بعد 50 سنةمتابعة قلبية كاملة + الكشف عن الأمراض المصاحبة  كل 2-3 سنوات       
في أي عمر                        عند ظهور أعراض قلبية غير معتادة                 فورًا              

ما يجب تذكره هو أن الصحة القلبية لا تبدأ عند التقاعد بل تُبنى منذ سن البلوغ. بالتحرك مبكرًا يمكن تجنب الأمراض الخطيرة في المستقبل. كما أن فحص بسيط قد يكفي لتحديد الخطر وتصحيحه دون أدوية، فقط عبر تغييرات في نمط الحياة.

في هذا السياق وجود طبيب معالج ثابت أمر أساسي، فالمتابعة المنتظمة تسمح بـ:

  • مراقبة ضغط الدم، سكر الدم، ومستوى الكوليسترول،
  •  تقييم عادات الحياة (الغذاء، النشاط البدني، النوم، التوتر)،
  • الكشف المبكر عن عوامل الخطر الأولى،
  • بدء علاج مناسب وشخصي إذا لزم الأمر.

دور الطبيب لا يقتصر على العلاج فقط بل يشمل أيضًا الإرشاد، التثقيف، وزيادة الوعي. ويصبح الطبيب مرجعًا خلال مسار الصحة قادرًا على اكتشاف إشارات غير مرئية للمريض والتدخل قبل فوات الأوان.

باختصار الوقاية القلبية الوعائية ليست إجراءً مؤقتًا، بل التزام طويل الأمد، يرتكز على شراكة بين المريض وطبيبه للحفاظ على القلب والشرايين بصحة جيدة.

الكلمات المفتاحية: قلبي؛ قلب؛ فحص؛ مرض؛ صحة؛ علاج؛ أدوية؛ مخطط كهربية القلب.

إقرأ أيضاً: