صحة جيدة لحياة أفضل

الوقاية والعناية بقدم مريض السكري   

حرر : أمال بن لفقي | أخصائية في الأقدام
6 أبريل 2025

قد يؤدي مرض السكري سواء كان من النوع الأول أو الثاني، إلى مجموعة من الاضطرابات الجلدية، لا سيما التي تصيب القدمين. وتفسير هذه الحساسية المتزايدة يعود إلى عدة عوامل فيزيولوجية مرضية مرتبطة بالمرض. فما هي آثار مرض السكري على الجلد خصوصاً على القدمين؟ وما هي أسبابه والمضاعفات المحتملة؟ والأهم من ذلك كيف يمكن حماية القدمين بشكل فعال لتجنب المخاطر؟

القدم السكري: خطر لا ينبغي تجاهله

القدم السكري تمثل مسألة صحية هامة بسبب المضاعفات التي قد تتسبب فيها، فالحياة مع مرض السكري تتطلب يقظة دائمة بشأن حالة القدمين. وفي غياب الرعاية المناسبة قد يؤثر هذا المرض على الدورة الدموية وحساسية القدمين، وهو اضطراب يعرف بالاعتلال العصبي. هذه الأضرار في القدمين تزيد من خطر الإصابة بالعدوى، القرح، النقرس، التصلب، الشقوق، التشققات، الفطريات… وفي الحالات الأكثر شدة، قد تؤدي إلى بتر القدم.

ما هي ” القدم السكري”؟ 

القدم السكري تشمل مجموعة من الأعراض والمضاعفات التي قد يكون لها عواقب وخيمة إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. ومن هنا تأتي أهمية اليقظة المتزايدة واتخاذ التدابير الوقائية الملائمة.

يشير هذا المرض إلى جميع الاضطرابات التي تؤثر على قدمي الأشخاص المصابين بالسكري. من بين هذه الاضطرابات، يؤدي الاعتلال العصبي الطرفي إلى فقدان الحساسية في باطن القدم، مما يجعل الجروح غير مؤلمة وغالباً ما يتم تجاهلها. في الوقت نفسه، يؤثر مرض السكري على عملية التئام الجروح، مما يساهم في تفاقم القروح، حتى وإن كانت بسيطة، وقد تتطور إلى عدوى خطيرة.

 

 

أعراض القدم السكري: إشارات تحذيرية لا ينبغي تجاهلها

يمكن أن تظهر القدم السكري من خلال مجموعة من الأعراض، التي قد تكون خفيفة في البداية، لكنها قد تتفاقم إذا لم يتم التعامل معها بشكل مناسب. هذه الأعراض ناتجة بشكل رئيسي عن الاعتلال العصبي (تأثير الأعصاب) وضعف الدورة الدموية (مرض الشرايين). إليك أهم الأعراض التي يجب مراقبتها:

– فقدان الحساسية وغياب ردود الفعل 

  • نقص أو غياب الإحساس بالحرارة، البرودة، والألم.
  • تغيرات في الإحساس، قد تتراوح من الخدر البسيط إلى فقدان الإحساس الكامل.
  • ردود الفعل الضعيفة أو الغائبة، مما يجعل اكتشاف الجروح أكثر صعوبة.

– جفاف البشرة والجلد الضعيف 

  • جلد جاف بشكل غير طبيعي، قد يتشقق ويسهم في ظهور التشققات والجروح.
  • نقص في التعرق مما يزيد من جفاف البشرة وضعفها.

– التشوهات واضطرابات الحركة 

  • عجز حركي يسبب تشوهات في القدم، مثل قدم شاركو (تشوه شديد ناتج عن ضعف العظام).
  • تغيير في محاذاة القدم مما يؤدي إلى نقاط ضغط غير طبيعية ويسهم في ظهور الجروح.

-آلام مستمرة أو غير معتادة 

  • إحساس بالحرقان أو الوخز أو الألم الشديد في القدمين أو الساقين.
  • آلام تظهر أثناء الراحة أو المشي، وهي علامات محتملة على وجود مشكلة وعائية كامنة.

-اضطرابات الدورة الدموية 

  • نبض ضعيف أو غائب في مستوى القدمين، مما يدل على ضعف التروية الدموية.
  • إحساس بالقدمين الباردتين أو الشاحبتين أو المزرقّتين، مما يعكس نقص في التروية الدموية.

مراقبة أساسية 

في مواجهة هذه الأعراض، من الضروري أن يقوم المصابون بالسكري بفحص أقدامهم بانتظام والتوجه بسرعة إلى متخصص في الرعاية الصحية في حال وجود أي خلل. فالرعاية المبكرة تساعد في تجنب المضاعفات الخطيرة مثل العدوى، والقرح، والبتر.

ما هي المخاطر المرتبطة بذلك؟ 

القدم السكري هي مضاعفة خطيرة يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة على الصحة. وهي ناتجة أساسًا عن ضعف الدورة الدموية وفقدان الحساسية، مما يزيد من خطر الجروح والعدوى والمضاعفات الخطيرة. إليك أهم العواقب التي يجب مراقبتها:

  • الشفاء البطيء والعدوى المتكررة: ضعف التروية الدموية يبطئ عملية الشفاء. قد يستغرق جرح بسيط أو فقاع وقتًا أطول للشفاء ويعرضه للعدوى بسرعة.
  • فقدان الحساسية والجروح غير المرئية: يؤدي الاعتلال العصبي السكري إلى انخفاض أو حتى غياب الحساسية في القدمين. لا يشعر المريض بالألم وقد يتعرض للجروح دون أن يلاحظها. قد تمر قطع أو حروق أو ضغط مفرط من حذاء غير مناسب دون أن يتم ملاحظتها وتزداد سوءً مع الوقت.
  • قرحة القدم السكري وانتشار العدوى: عندما يصاب الجرح بعدوى ولا يتم معالجته بسرعة، يمكن للبكتيريا أن تنمو وتصل إلى الأنسجة المحيطة. قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات مثل الخراجات أو التهاب الأنسجة الخلوية (عدوى عميقة في الجلد والأنسجة تحت الجلد).
  • تكوين القرح المزمنة: يمكن للجروح التي لا تشفى أن تتحول إلى قروح عميقة، مما يعرض الأنسجة الداخلية للعدوى. هذه القروح صعبة العلاج وتتطلب متابعة طبية دقيقة لتجنب أي تفاقم.
  • تشوهات القدم: القدم المسطحة وقصر الأصابع الذي يسبب مناطق احتكاك مع الحذاء.
  • خطر الغرغرينا: إذا تقدمت العدوى وكان تدفق الدم غير كافٍ، قد تموت الأنسجة المتضررة، مما يؤدي إلى الغرغرينا. هذا الموت الخلوي هو حالة طارئة طبية قد تتطلب تدخلاً جراحيًا سريعًا.
  • البتر: المضاعفة النهائية: في الحالات الأكثر خطورة، عندما تكون العدوى متقدمة جدًا ولا يمكن إنقاذ الأنسجة، يصبح البتر أمرًا ضروريًا. يهدف هذا التدخل إلى وقف انتشار العدوى والحفاظ على صحة المريض، لكنه يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة.

ماذا يمكن فعله لتقليل المخاطر؟ 

القدم السكري ليس قدراً محتوماً، فهناك عدد من الممارسات الجيدة التي يجب اتباعها:

  • مراقبة نسبة السكر في الدم: الحفاظ على ضبط جيد لمستوى السكر في الدم أمر أساسي للوقاية من المضاعفات. فمستوى السكر المنظم يساعد في الحفاظ على سلامة الأعصاب والأوعية الدموية.
  • اتباع نمط حياة صحي: يساعد في تنظيم مرض السكري ومضاعفاته. تناول طعام متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب التدخين. هذه العادات تحسن صحتك العامة وكذلك صحة قدميك.
  • الفحص المنتظم للقدمين: من الضروري فحص القدمين يوميًا لاكتشاف أي خلل، مثل الجروح أو الاحمرار أو التورم. إذا كنت تجد صعوبة في الوصول إلى قدميك، لا تتردد في استخدام مرآة أو طلب المساعدة من شخص قريب. أما في حالة الشك استشر مختصًا في الرعاية الصحية.
  • الرعاية والعلاج المناسبين عند حدوث أي جرح: يجب التعامل مع أي جرح حتى ولو كان طفيفًا فورًا لتجنب أي مضاعفات. فالتطهير السريع واستخدام الضمادات المناسبة، والمراقبة اليومية أمر أساسي. أما في حال وجود احمرار، أو تورم، أو إفرازات، أو تأخر في الشفاء، يجب استشارة الطبيب دون تأخير. فالمتابعة المنتظمة مع أطباء متخصصين في القدم أو طبيب السكري تساهم في تعديل العلاج وتجنب أي تفاقم للمشكلة.
  • النظافة: الحفاظ على نظافة القدمين وجفافهما أمر أساسي. أين يُنصح بغسل القدمين يوميًا بماء دافئ وصابون ناعم وتجفيفهما جيدًا، خاصة بين الأصابع. يتم وضع كريم مرطب على البشرة (ويفضل مساءً). ومن المهم تجنب وضعه بين الأصابع لتفادي تراكم الرطوبة.
  • تجنب الأدوات والتقنيات غير المناسبة: يُنصح بتجنب استخدام زجاجات الماء الساخن، أو الوسائد الحرارية، أو الحمامات الساخنة جدًا، لأن فقدان الحساسية في القدمين قد يؤدي إلى حروق دون أن يشعر الشخص بذلك. كما أن استخدام أدوات تقليم الأظافر التقليدية أو المقصات الحادة قد يتسبب في إصابات غير مقصودة. من الأفضل استخدام مقلم أظافر ناعم واستشارة اختصاصي الأقدام للحصول على طريقة آمنة لتقليم الأظافر.
  • الأحذية المناسبة: ارتداء أحذية مريحة، ومناسبة بشكل جيد وتوفر دعمًا جيدًا يمكن أن يمنع الإصابات. وتجنب الأحذية ذات الكعب العالي أو الضيقة جدًا.
  • عدم المشي حافي القدمين أو بالجواريب أو الصنادل ذات النعال الرفيعة: المشي بدون حماية قد يعرض القدمين للإصابات، أو العدوى الفطرية (الفطريات)، أو التقرحات المفرطة، خاصة على الأسطح الصلبة أو الخشنة.
  • عدم استخدام المواد الكيميائية لعلاج فرط التقرن: بعض المواد الكيميائية القوية مثل حمض الساليسيليك أو العوامل الكيراتوليتية الأخرى قد تسبب حروقًا أو تهيجات أو تزيد من المشكلة إذا لم يتم استخدامها بشكل صحيح. لذا من الأفضل استخدام العلاجات اللطيفة مثل الترطيب المنتظم بالكريمات التي تحتوي على اليوريا، أو استشارة أخصائي الأقدام للحصول على العلاج المناسب.
  • الاستشارات الطبية: الزيارات المنتظمة للطبيب العام، وطبيب متخصص في مرض السكري، وأخصائي الأقدام تساعد في مراقبة حالة صحة القدمين والتدخل بسرعة في حال حدوث مشكلة.

المتابعة الطبية المنتظمة، والنظافة الجيدة، والأحذية المناسبة، والفحص اليومي للقدمين هي تدابير أساسية للوقاية من المضاعفات.

التطور في التعامل مع القدم السكري؟ 

لقد شهدنا تطورًا في التعامل مع القدم السكري في السنوات الأخيرة. وفي الواقع أحد النقاط الرئيسية يكمن في التوعية والتعليم. فهناك وعي متزايد بالمضاعفات المرتبطة بمرض السكري، ولا سيما القدم السكري. أين تُنظم حملات توعية لإعلام الناس بأهمية الوقاية والعناية بالقدمين.

وعلى الرغم من وجود تحديات مستمرة، فقد تحسن الوصول إلى الرعاية المتخصصة للمرضى المصابين بالسكري، مع إنشاء مراكز للسكري وعيادات متخصصة في بعض المناطق. أخيرًا أصبحت التعاونات متعددة التخصصات، التي تشمل الأطباء العامين، أطباء الغدد الصماء، أطباء الأقدام، خبراء التغذية وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية، أكثر انتشارًا لتقديم رعاية شاملة للمرضى المصابين بالسكري.

وعلى الرغم من هذه التقدمات، لا تزال هناك تحديات قائمة، خاصة فيما يتعلق بالوصول إلى الرعاية في المناطق الريفية والحاجة إلى التوعية المستمرة. كما أن التعاون بين السلطات الصحية والمتخصصين والمرضى أمر أساسي لمواصلة التقدم في الرعاية.

من خلال تبني عادات صحية والبقاء يقظين، يمكن للأشخاص المصابين بالسكري حماية أقدامهم وتحسين جودة حياتهم. لا تنسوا أن المفتاح يكمن في الوقاية ، أين يمكن لكل من الفحص المنتظم والنظافة الجيدة أن يحدثا فرقًا كبيرًا. اعتنوا بأقدامكم، فهي ستحملكم بعيدًا! 

الكلمات المفتاحية : القدم؛ السكري؛ العناية.

 

رجوع
التالي