العقم مشكلة كبرى في مجال الصحة العامة، فحسب منظمة الصحة العالمية يواجه نحو شخص واحد من كل ستة صعوبة في الإنجاب خلال حياته. وفي فرنسا يعاني ما بين 15 إلى 25٪ من الأزواج من هذه المشكلة، وتكون الأسباب في ما يقارب 40٪ من الحالات مرتبطة بالجانب الذكوري. ورغم أن الموضوع يُعد من المحرمات الاجتماعية إلا أنه يستحق الطرح بوضوح. فما هي أسباب العقم عند الرجال؟ وكيف يتم تشخيصه؟ وما الحلول المتاحة اليوم؟

ما هو العقم عند الرجال؟

يُقال إن الرجل يعاني من العقم عندما يعجز عن إنجاب طفل مع شريكته بعد مرور 12 شهراً من محاولات جماع منتظمة دون استخدام وسائل وقاية. وفي فرنسا يلجأ زوج من بين ثمانية إلى استشارة مختص لهذا السبب.

قد تكون الاضطرابات مرتبطة بعدد الحيوانات المنوية أو جودتها أو حركتها، كما قد تعود أيضاً إلى أسباب جينية أو هرمونية أو بيئية.

أهم أسباب العقم عند الرجال

1. اضطرابات الحيوانات المنوية: السبب الأكثر شيوعاً

• انعدام النطاف (Azoospermie): غياب تام للحيوانات المنوية.
• قلة النطاف (Oligospermie): تركيز منخفض جداً للحيوانات المنوية.
• ضعف حركة النطاف (Asthénospermie): حيوانات منوية قليلة الحركة، غير قادرة على بلوغ البويضة.
• تشوه النطاف (Tératospermie): تشوهات شكلية تمنع حدوث إخصاب فعال.

هذه الاضطرابات قد تنتج عن:

• تشوهات خلقية (غياب القنوات المنوية).
• إصابات في الحوض أو الأعضاء التناسلية.
• الخصية المعلقة (Cryptorchidie).
• دوالي الخصية (Varicocèle).

2. الالتهابات

بعض الأمراض تُضعف الأعضاء التناسلية مثل:

• التهاب الإحليل.
• التهاب البروستاتا.
• التهابات بولية متكررة.
• التهاب الخصية النكافي (مضاعفات النكاف).

3. الأسباب الجينية والهرمونية

• متلازمة كلاينفلتر: وجود كروموسوم X إضافي يؤدي عادةً إلى انعدام النطاف.
• اختلالات هرمونية (FSH، LH، التستوستيرون، الغدة الدرقية) تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية.

4. العوامل البيئية وأنماط الحياة

• التدخين، الكحول، المخدرات، المبيدات، المذيبات، المعادن الثقيلة، إضافة إلى الحرارة المرتفعة (الحمامات الساخنة، الملابس الضيقة، وضع الهاتف المحمول في الجيب لفترة طويلة) قد تضر بعملية تكوين الحيوانات المنوية.
• السائل المنوي يحتاج إلى درجة حرارة أقل قليلاً من حرارة الجسم (حوالي 35 م°) وأي ارتفاع طويل الأمد يؤثر سلباً على جودته.

5. الأمراض والعلاجات الثقيلة

• السرطانات وآثارها الجانبية الناتجة عن العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
• التليف الكيسي: مرض وراثي يؤثر أيضاً على الأعضاء التناسلية.

6. الاضطرابات الجنسية

بعض المشكلات قد تؤدي إلى غياب القذف أو توجيهه بشكل غير طبيعي مثل:

• انعدام القذف.
• القذف الارتجاعي (انتقال السائل المنوي نحو المثانة، غالباً بعد جراحة البروستاتا).

التشخيص: كيف يتم التعرف على العقم عند الرجال؟

تعتمد خطوات التشخيص على عدة مراحل:

• الفحص الطبي ودراسة التاريخ الصحي: فحص الخصيتين باللمس، تقييم نمط الحياة، البحث عن إصابات أو التهابات سابقة.
• تحليل السائل المنوي (Spermogramme): الفحص الأساسي لتحديد العدد والحركة والشكل، وغالباً ما يتطلب عدة عينات بعد 2 إلى 5 أيام من الامتناع عن الجماع.
• اختبارات هرمونية: للكشف عن أي اختلالات محتملة.
• تحاليل جينية: عند الاشتباه بوجود سبب كروموسومي.
• التصوير الطبي أو خزعة الخصية: لفحص عملية تكوين الحيوانات المنوية مباشرة.

ما هي العلاجات المتاحة؟

يعتمد العلاج بشكل مباشر على السبب المحدد:

• تغييرات في نمط الحياة: الإقلاع عن التدخين، إنقاص الوزن، تقليل استهلاك الكحول.
• علاجات طبية: مضادات حيوية لعلاج الالتهابات، علاج هرموني لتصحيح بعض الاختلالات.
• الجراحة: تصحيح دوالي الخصية، إزالة انسداد، أو استخراج الحيوانات المنوية مباشرة من الخصية.
• المساعدة الطبية على الإنجاب (PMA):

– التلقيح داخل الرحم (IIU): حقن الحيوانات المنوية مباشرة في الرحم.

– التلقيح الاصطناعي (FIV): تخصيب البويضة في المختبر ثم زرع الجنين.

– الحقن المجهري (ICSI): اختيار حيوان منوي واحد وحقنه مباشرة في البويضة.

وبفضل تقنية الحقن المجهري ICSI، يمكن حتى للرجال ذوي الإنتاج المنوي الضئيل جداً أن يصبحوا آباء.

الوقاية من العقم عند الرجال: السلوكيات الصحيحة

• اعتماد أسلوب حياة صحي: غذاء متوازن، نشاط بدني معتدل، وزن ثابت.
• تجنب السموم: التدخين، المخدرات، الكحول، المواد الكيميائية.
• حماية الخصيتين: تقليل مصادر الحرارة (الساونا، وضع الحاسوب على الفخذين).
• تخفيف التوتر والمتابعة الطبية المنتظمة.

البعد النفسي: عامل أساسي

يتجاوز تأثير العقم الجانب الطبي ليؤثر بعمق على الحياة الزوجية والثقة بالنفس، لذا ينصح الخبراء باللجوء إلى الدعم النفسي عبر جلسات استشارة، مجموعات دعم أو علاج متخصص لتجاوز القلق والشعور بالذنب.

ظاهرة في تزايد مستمر

يرصد الباحثون منذ عقود انخفاضاً مستمراً في تركيز الحيوانات المنوية. وتبقى الأسباب غير مؤكدة: التلوث البيئي، المواد المسببة لاختلال الغدد الصماء، المبيدات، أو حتى آثار هرمونات أنثوية ناتجة عن موانع الحمل الفموية وُجدت في مياه الشرب ، ورغم أنه لم يتم تأكيد أي فرضية بعد، لكن المنحى يقلق المتخصصين.

العقم عند الرجال ليس نادراً ولا هامشياً، فهو يمس ملايين الأزواج بشكل مباشر، ورغم تنوع أسبابه – جينية، هرمونية، التهابية، بيئية أو مرتبطة بنمط الحياة – إلا أن الحلول الطبية تتطور بسرعة، لذا فإن الفحص المبكر، العلاج المناسب والوقاية تفتح اليوم باب الأمل في تحقيق الأبوة لمعظم المرضى.

عيادة تيزيري: رعاية شاملة ومتخصصة

في عيادة تيزيري، تتوفر جميع الخيارات العلاجية والداعمة في مجال الخصوبة والمساعدة الطبية على الإنجاب. بدء من الفحص التشخيصي وصولاً إلى العلاج الجراحي، مروراً بأحدث تقنيات PMA (التلقيح الاصطناعي، الحقن المجهري، التلقيح داخل الرحم) أين يستفيد الأزواج من رعاية متكاملة تشمل أيضاً الدعم النفسي.

وتركز العيادة على مقاربة إنسانية وشخصية، تمكّن كل مريض من إيجاد الحل الأنسب لوضعه.

الكلمات المفتاحية: عقم؛ إخصاب؛ ذكوري؛ سائل منوي؛ جينات؛ حيوانات منوية.

إقرأ أيضاً: