صحة جيدة لحياة أفضل

 الشبكية، المستشعر البصري الحساس

حرر : د. ياسين شيبان | طبيب عيون وأخصائي شبكية في مجموعة عيادات محب الدين
10 أكتوبر 2024

تذكير : “الشبكية هي نقطة الالتقاء بين العالم الخارجي وعقلنا، حيث تلتقط كل درجة من الواقع.
“د. ياسين شيبان، طبيب عيون وأخصائي شبكية في مجموعة عيادات محب الدين، تخرج من مركز العيون 15-20 في باريس (فرنسا).

يمكن أن تؤدي الأمراض التي تصيب الشبكية، وهي الطبقة الحساسة للضوء التي تغطي العين، إلى تأثيرات كبيرة على الرؤية، وفي الجزائر كما في العديد من البلدان، يمكن أن تكون هذه الأمراض ناتجة عن عوامل متنوعة، بدءً من الأمراض الوراثية وصولاً إلى الأمراض المتعلقة بالعمر.

الشبكية هي الطبقة الداخلية للعين التي تلتقط الضوء بفضل خلايا عصبية، والتي تحول الضوء إلى إشارات كهربائية ترسل إلى الدماغ عبر العصب البصري، وعندما تتضرر هذه الخلايا، قد تظهر مناطق عمياء في مجال الرؤية، كما تشمل الأمراض الرئيسية للشبكية: التنكس البقعي المرتبط بالعمر، اعتلال الشبكية السكري و التهاب الشبكية الصباغي .

تشمل الأمراض الأكثر شيوعًا التي تصيب الشبكية:

·       التنكس البقعي المرتبط بالعمر (DMLA): هو حالة تؤثر على البقعة الشبكية، وهي المنطقة المركزية من الشبكية المسؤولة عن الرؤية التفصيلية، كما تشمل العوامل الرئيسية للخطر كل من العمر والوراثة، التدخين والتعرض المفرط للشمس وضوء الشاشة الأزرق.

·       اعتلال الشبكية السكري: ينجم عن تلف الأوعية الدموية الصغيرة في الشبكية، مما يؤدي إلى حدوث نزيف دقيق وتكوين أوعية جديدة هشة، كما يؤدي ذلك إلى فقدان تدريجي للرؤية.

·       الأمراض الوراثية للشبكية: مثل التهاب الشبكية الصباغي ، عمى ليبر الخلقي ومرض شتارغاردت ، وهي حالات نادرة تسبب فقدانًا تدريجيًا للرؤية، غالبًا بدون علاج .

·       أمراض شبكية أخرى: انسدادات الأوردة الشبكية التي تؤدي إلى تقليل الدورة الدموية، مما يمكن أن يسبب فقدانًا للرؤية، بالاضافة الى التمزق البقعي وانفصال الشبكية، كما قد تؤدي العدوى الشبكية (التهاب الشبكية الناتج عن الفيروس المضخم للخلايا) لدى الأشخاص المثبطين مناعياً مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، إلى حدوث أضرار خطيرة في الشبكية.

تشمل الأعراض المحتملة رؤية ضبابية أو مشوهة مفاجئة، بقع أو أجسام عائمة في مجال الرؤية، وميض الضوء وفقدان مفاجئ للرؤية المركزية أو المحيطية، فيما قد يلاحَظ أيضاً تقليص مجال الرؤية (رؤية نفقية – ممرية)، غشاء أسود في جزء من مجال الرؤية أو صعوبة في الرؤية في ظروف الإضاءة المنخفضة.

وفي هذه الحالات، من الضروري استشارة طبيب عيون بسرعة، لأن بعض الحالات تتطلب علاجًا عاجلاً لتجنب العمى.

يؤثر السكري بشكل رئيسي على الشبكية، وذلك بسبب تأثيره على الأوعية الدموية الشبكية عبر عدة آليات، أما الأكثر أهمية فهي فرط سكر الدم المزمن الذي يمكن أن يسبب هشاشة الشعريات الدموية مع تسرب السوائل من الأوعية مما يؤدي إلى الوذمة، بالإضافة إلى انسدادات الأوعية التي قد تترافق مع تكوين أوعية جديدة تنفجر مسببة نزيفًا شبكيًا يليه تليّف، مما يؤدي في النهاية إلى انفصال الشبكية والعمى.

يتم التشخيص بواسطة طبيب عيون وقد يتضمن عدة فحوصات إضافية إلى جانب قياس حدة البصر البسيط، كما يسمح فحص قاع العين بمراقبة الشبكية مباشرة، بينما يوفر التصوير المقطعي بتماسك الضوء (OCT) صورًا مقطعية مفصلة للشبكية، من جهته يساعد تصوير الأوعية على فحص الأوعية الشبكية ، كما أنها مفيدة بشكل خاص للكشف عن اعتلال الشبكية السكري، أما بالنسبة للأمراض الوراثية للشبكية، يمكن إجراء اختبارات جينية لتحديد الجينات المتضررة.

ويمكن إجراء فحوصات أخرى بناءً على التشخيص المشتبه به، مثل القياس البصري (لتقييم مجال الرؤية)، وتقنية l’Optomap (تصوير واسع النطاق) والتصوير البيوميكروسكوبي  (Biomicroscopie ) باستخدام المصباح الشِقي مع العدسات اللاصقة لفحص الشبكية بشكل مفصل جدًا.

تختلف العلاجات لأمراض الشبكية حسب الحالة، وشدتها ومستوى فقدان الرؤية، فبالنسبة للتنكس البقعي المرتبط بالعمر، تُستخدم الحقن المضادة لـ VEGF (anti-VEGF)  لتقليل الأوعية غير الطبيعية، بينما يتم علاج اعتلال الشبكية السكري غالبًا بالليزر والعلاج بالحقن لاستقرار الشبكية.

ويتطلب انفصال الشبكية تدخلاً جراحيًا سريعًا، مثل استئصال الزجاجية (vitrectomie ) أو pneumopéxie ، بينما تُعالج انسدادات الأوعية بواسطة الحقن والليزر، فيما تمثل العلاجات الجينية وزراعة الشبكية حلولاً مبتكرة للحالات الخاصة، مثل التهاب الشبكية الصباغي ، بينما تُراقب العدوى الشبكية بواسطة الأدوية المضادة للفيروسات، في حين تكمّل الوسائل البصرية غالبًا هذه التدخلات لتحسين جودة حياة المرضى.

بالرغم من أن كل تقنية تحمل مخاطر مثل العدوى، الالتهاب أو انفصال الشبكية، ولكن يمكن تقليلها من خلال ممارسات جراحية دقيقة، ومتابعة ما بعد الجراحة وتعليم مناسب للمريض.

يمكن أن تساعد عدة تدابير في تحسين صحة الشبكية والوقاية من المضاعفات المستقبلية:

·        السيطرة على الأمراض العامة يظل أمرًا أساسيًا ، ونظرًا للانتشار العالي لمشاكل الشبكية ، فمن المهم السيطرة الصارمة على كل من مستوى السكر في الدم بالنسبة لمرضى السكري، وضغط الدم والكوليسترول.

·       يؤثر نمط الحياة بشكل مباشر على صحة الشبكية، فالنظام الغذائي الغني بمضادات الأكسدة (الفيتامينات C وE واللوتين) وأحماض أوميغا-3 يحمي خلايا الشبكية، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة بانتظام والإقلاع عن التدخين الذي يعتبر عامل خطر رئيسي للتنكس البقعي المرتبط بالعمر.

·       تجنب التعرض المفرط للضوء الأزرق أثناء استخدام الشاشات لفترات طويلة (الحواسيب، الهواتف) الذي قد يسبب إرهاق العين على المدى الطويل، وكذا أضرارًا شبكية مثل التنكس البقعي المرتبط بالعمر، فيما يُوصى باستخدام فلاتر الضوء الأزرق وأخذ فترات استراحة منتظمة.

·       ارتداء نظارات شمسية مع حماية من الأشعة فوق البنفسجية يقلل من الأضرار التي تسببها الأشعة فوق البنفسجية، والتي قد تساهم في التنكس البقعي المرتبط بالعمر و الساد ( cataract ) .

·       ارتداء نظارات حماية أثناء ممارسة الرياضة أو الأعمال الخطرة يمكن أن يقي من الإصابات الشبكية.

ومن أجل إدارة فعّالة للحالات المصابة بأمراض الشبكية، من الضروري اتباع نهج منظم، أين يبدأ ذلك بتقييم شامل للمرض، والأمراض المصاحبة، وتاريخ المريض الطبي لوضع خطة علاجية مناسبة، مع الالتزام بنمط حياة صحي، بالإضافة إلى ذلك من المهم إجراء فحوصات منتظمة للعين للكشف المبكر عن أي مشاكل.

ويلعب الأطباء الأخصائيين في الشبكية دورًا أساسيًا في تشخيص وعلاج الأمراض الشبكية، مما يساهم بشكل كبير في الحفاظ على الرؤية وتحسين جودة حياة المرضى.
1-    تتطلب هذه الحالات غالبًا تشخيصًا سريعًا وعلاجًا مناسبًا لتجنب فقدان كبير للرؤية.
2-   تقدم عيادات محب الدين رعاية تكنولوجية عالية الجودة، مع متابعة شخصية يضمنها طاقم مهني ومحترف، مما يضمن اهتمامًا فرديًا ودعمًا مستمرًا لكل مريض.