صحة جيدة لحياة أفضل

الحرارة والصحة: حالة طوارئ مناخية وصحية

حرر : د. محمد الطاهر عيساني | دكتور في الطب
19 أغسطس 2024

أصبحت الحرارة المفرطة قضية صحية عامة هامة، والتي تفاقمت بسبب تأثيرات التغير المناخي، بينما يشكل الإنهاك الحراري الذي يحدث عند التعرض الطويل لدرجات حرارة مرتفعة خطراً بيئياً وصحياً كبيراً.

وتؤثر هذا الظاهرة على جوانب متعددة من الصحة، بدء من تفاقم الأمراض المزمنة وصولاً إلى زيادة الحوادث في أماكن العمل، لذا يتناول هذا المقال بشكل مفصل تأثير الحرارة على الصحة والتدابير اللازمة لحماية الفئات الضعيفة.

الحرارة الشديدة هي السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالظروف المناخية، متفوقة بشكل كبير على الظواهر المناخية الأخرى مثل العواصف أو الفيضانات، فالأشخاص المصابون بأمراض القلب والأوعية الدموية، السكري، الربو، أو الاضطرابات النفسية هم أكثر عرضة للخطر، وعلاوة على ذلك تعتبر ضربة الشمس حالة طبية طارئة مع معدل وفيات مرتفع.

ومع زيادة درجات الحرارة العالمية بسبب التغير المناخي، يزداد عدد الأشخاص الذين يتعرضون للحرارة الشديدة، فبين عامي 2000 و2021، زادت الوفيات المرتبطة بالحرارة بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً بنسبة 85٪، ووصلت الوفيات الناتجة عن الحرارة إلى نحو 489 ألف وفاة سنوياً، مع تركزها في آسيا وأوروبا.

تسبب موجات الحر ليس فقط وفيات حادة بل تترتب عليها أيضاً عواقب اقتصادية كبيرة، فعلى سبيل المثال تسببت موجة الحر الأوروبية في 2003 في حوالي 70 ألف وفاة، بينما أدت موجة الحر في روسيا عام 2010 التي استمرت 44 يوماً إلى 56 ألف وفاة إضافية.

وتؤثر هذه الأحداث المناخية أيضاً على الإنتاجية في العمل وقدرة خدمات الصحة على الاستجابة بشكل فعال، خصوصاً في حالات انقطاع الكهرباء.

هذا وتتعرض المناطق الحضرية خاصة الأشخاص الذين يعيشون في مساكن ذات جودة منخفضة دون تكييف، لتأثيرات غير متناسبة، أين تزيد نقص المساحات الخضراء ومواد البناء غير المناسبة في المدن من التعرض للحرارة.

وتعتبر التأثيرات السلبية للحرارة على الصحة قابلة للتجنب إلى حد كبير من خلال السياسات الصحية العامة المناسبة، وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية (OMS) إرشادات لمساعدة المنشآت الصحية في تحديد وإدارة المخاطر المرتبطة بالحرارة الشديدة، كما أن كل من التوعية العامة والوعي لدى العاملين في المجال الصحي بهذه المخاطر أمر بالغ الأهمية.

ويمكن لبعض التدابير البسيطة، مثل البقاء في الظل، شرب الماء بانتظام، وتجنب الأنشطة البدنية المكثفة خلال ساعات الحرارة الشديدة أن تنقذ الأرواح.

يعد تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة أمراً أساسياً للحد من تأثيرات الحرارة الشديدة، أين تعمل منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع شركاء دوليين لتعزيز الحوكمة والاستعداد لمواجهة آثار موجات الحر وذلك من خلال تطوير خطط عمل محددة وأنظمة إنذار سريع وتوصيات لحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.

الحرارة الشديدة هي تحدٍ متزايد للصحة العالمية، ويتطلب استجابة متعددة القطاعات ووقائية، ومن خلال الجمع بين مكافحة التغير المناخي وتحسين استعداد أنظمة الصحة، من الممكن تقليل المخاطر وحماية الفئات الضعيفة من العواقب الخطيرة لموجات الحر.

  • Lancet Countdown: Heat-related Mortality. 2023. 
  • Zhao et al., 2021 Global, regional, and national burden of mortality associated with non-optimal ambient temperatures. 
  • Heat-related mortality in Europe during the summer of 2022. 
  • Hot weather and heat extremes: health risks. The Lancet. 

الكلمات المفتاحية: موجة حر؛ حرارة؛ صحة؛ ماء؛ ضربة الشمس؛