ما الذي تفكر فيه طبيبة نفسية حول هذه الظاهرة القادمة من تيك توك ؟

لطالما ارتبطت اللهاية بالرضع ولم يكن يُفترض أن تنتمي إلا إلى عالم الطفولة المبكرة غير أنّها تعود اليوم بشكل مفاجئ… لكن عند البالغين. إذ انتشرت على تيك توك في الصين، وأصبحت “لهاية للبالغين” تجذب بالأساس الفئة العمرية بين 18 و35 سنة. يظهرون وهم يضعونها في أفواههم أثناء القراءة أو العمل أو حتى الاستراحة في الأماكن العامة، والحجة المقدمة في ذلك أن المصّ يُعتبر آلية طبيعية للتهدئة الذاتية، قادرة على تقليل التوتر والقلق في أي عمر.
انعكاس مهدّئ… لكن بأي ثمن؟
أما من الناحية الطبية صحيح أن المصّ يمنح تأثيرًا مهدئًا، وهذا السلوك يستحضر حاجة بدائية مرتبطة بأولى لحظات الحياة، وبعض البالغين يعيدون إنتاج هذا السلوك بشكل غير واعٍ بطرق أخرى: تدخين سيجارة، عضّ قلم، أو مصّ الإبهام سرًا.
لكن بالنسبة لأطباء الأسنان وتقويم الفك، فإن الاستخدام المتكرر للهاية في سن الرشد ليس بالأمر البسيط. المخاطر متعددة منها:
- آلام الفك،
- تشوّه تدريجي في سقف الحنك،
- تحرّك الأسنان،
- اضطرابات المفصل الفكي الصدغي .
وهذه الآثار معروفة جيدًا عند الأطفال، لهذا السبب ينصح أطباء الأطفال بالتوقف عن استعمال اللهاية بعد عمر السنتين.
سلوك ارتجاعي مُعتمد
على الصعيد النفسي هذه الظاهرة مثيرة للاهتمام. فاستخدام أداة مخصّصة للطفولة من أجل التعامل مع التوتر يُترجم شكلاً من أشكال الارتجاع النفسي. ويرى بعض الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين أن هذا السلوك قد يشبه أحيانًا سلوكًا استكشافيا أو لعبة أدوار ذات دلالة جنسية.
ويقلق المتخصصون خصوصًا من العواقب الاجتماعية. “استخدام اللهاية في سن البلوغ هو تعريض النفس لنظرات وأحكام الآخرين. وهذا لا يزيد إلا عبئًا إضافيًا، بينما يسعى كل فرد أصلًا إلى إدارة قلقه الخاص”، كما يوضحون.
بدائل أكثر صحة لإدارة التوتر
حتى لو منحت اللهاية شعورًا وهميًا بالراحة، يذكّر الخبراء بوجود حلول أكثر فاعلية ودون مخاطر صحية منها:
- التنفس العميق: بضع دقائق من التنفس المتوازن كافية لتهدئة الجهاز العصبي.
- التأمل، الذي يساعد على تنمية اليقظة الذهنية وتقليل القلق.
- أدوات مضادة للتوتر أكثر قبولًا اجتماعيًا (كرات، خواتم، أساور يمكن تحريكها).
- النشاط البدني حتى وإن كان بسيطًا مثل المشي السريع أو اليوغا، لأنه يعزز إفراز الإندورفين.
- نمط حياة صحي: نوم كافٍ، تغذية متوازنة، تقليل الكافيين والكحول.
كلمة الطبيبة النفسية
يخلص المتخصصون أن : “اللهاية للبالغين هي نوع من تجنّب القيام بعمل حقيقي لإدارة التوتر وبهذا السلوك نحرم أنفسنا من أدوات مستدامة، في حين أن هناك طرقًا بسيطة وفعالة لاستعادة الهدوء دون التعرض لعواقب طبية أو اجتماعية.”
إذا كانت اللهاية للبالغين قد تُغري البعض بجانبها المريح والدارج، فإنها تبقى علاجًا زائفًا. فالتوتر والقلق يستحقان مقاربة مناسبة سواء عبر تقنيات الاسترخاء، أو تحسين نمط الحياة، أو في حالات المعاناة المستمرة، عبر مرافقة نفسية متخصصة.
الكلمات المفتاحية: بالغ؛ طفل؛ توتر؛ قلق؛ علاج؛ استرخاء؛ نمط حياة؛ صحة.
إقرأ أيضاً: