صحة جيدة لحياة أفضل

الخرافة في التلفزيون: سلطة ضبط السمعي البصري تدق ناقوس الخطر

حرر : صفاء كوثر بوعريسة | صحفية
2 يونيو 2025

أمام تصاعد المحتوى التلفزيوني المروّج للسحر والمعتقدات غير العقلانية والخطابات الزائفة التي تدّعي العلمية، أصدرت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري (ANIRA) بيانًا رسميًا نددت فيه بالانحراف الخطير لبعض القنوات التلفزيونية الخاصة، معتبرة أن هذه الممارسات تتنافى مع مهام الخدمة العمومية، وتشكل خطرًا على التماسك الاجتماعي.

في بيانها، وجهت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري انتقادات لاذعة لقنوات النهار تي في، الشروق نيوز تي في والحياة تي في، متهمةً إياها بعرض برامج تضم ما يُعرف بـ”خبراء” في السحر، والشعوذة، والعلاجات الباطنية. وأشارت إلى أن هذه البرامج تستغل دون أي وازع هشاشة بعض المشاهدين، خصوصًا من يواجهون مشاكل أسرية، صحية أو مادية، وذلك فقط لجذب نسب مشاهدة أعلى.

وبدل تقديم حلول جدية أو تسليط الضوء على قضايا المجتمع، تروّج هذه البرامج لسرديات غير عقلانية، قد تهدد السلم الاجتماعي. وحذّرت السلطة من خطورة هذه الممارسات التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم العزلة النفسية لبعض الأفراد، وزرع الشك داخل الأسر، وتشجيع سلوكيات منحرفة.

ذكّرت السلطة بالقانون 23-20 المنظم لقطاع السمعي البصري في الجزائر، خاصة المادة 32 منه، التي تلزم القنوات باحترام أخلاقيات المهنة والصرامة المهنية، وتحظر صراحة استغلال الدين أو معاناة البشر لأغراض تجارية أو إعلامية. وبالتالي فإن بث محتويات ذات طابع خرافي أو شعوذي يُعدّ مخالفة تستوجب العقوبات.

كما انتقدت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري افتقار بعض مقدمي هذه البرامج للكفاءة الأكاديمية والمهنية، حيث يتناولون مواضيع حساسة دون أي تكوين أو التزام بأخلاقيات المهنة، ويستضيفون على الهواء أشخاصًا يحملون ألقابًا مشبوهة كـ”معلمين روحانيين”، “معالجين”، أو “عرافين”، دون التحقق من مؤهلاتهم أو نواياهم.

أبرز البيان أيضًا العواقب التربوية والثقافية المقلقة لهذه البرامج، التي تعزز الخطابات اللاعقلانية، وتضعف التفكير النقدي، وتنشر الخوف والأحكام المسبقة، مما يعرض الأجيال الناشئة لرؤية مشوهة للعالم، حيث تحل الخرافة محل المعرفة والعقل.

وترى السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري أن تعميم هذه الظواهر في الإعلام يُضعف الأسرة، ويهز الثقة الاجتماعية، ويعرقل جهود الدولة في بناء مجتمع واعٍ، متعلم، ومبني على أسس العلم والعقل.

حذّرت السلطة أن أي قناة لا تلتزم بدفاتر الشروط العامة والخاصة ستواجه عقوبات إدارية صارمة، قد تتراوح بين التنبيه الرسمي والتوقيف المؤقت، وحتى سحب الاعتماد في حال التكرار.

ودعت جميع القنوات السمعية البصرية إلى التحلي بالمسؤولية، والالتزام بمعايير الجودة والمصداقية في برامجها، والمساهمة في رفع مستوى النقاش العام عبر الاعتماد على خبراء مؤهلين، ومصادر موثوقة، ومحتوى يحترم القيم الاجتماعية والثقافية.

وختمت السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري بيانها بالتأكيد على التزامها بحماية الجمهور من الانزلاقات الإعلامية، والحفاظ على يقظتها ضد كل محاولات التلاعب بالرأي العام، أو تحريف الخطاب الديني، أو تطبيع ممارسات تضر بالمصلحة العامة. وجددت عزمها على الدفاع عن إعلام مسؤول، نقدي، يحترم كرامة الإنسان.

الكلمات المفتاحية: الصحة؛ المصلحة العامة.