بعد ثلاثة أيام من النقاشات المكثفة والاكتشافات العلمية، اختُتم الملتقى الدولي الرابع لعلم السموم بعنابة في أجواء مميزة يوم 24 أكتوبر 2025 بفندق “صبري”، أين حضر الحدث عدد كبير من الباحثين والخبراء والمهنيين في قطاع الصحة والطلبة، للمناقشة والتعلّم وتبادل المعارف حول موضوع شيق وحديث العهد: “مستحضرات التجميل المستنيرة: حين تنير العلوم دروب الجمال”.
مشاركة قياسية وطبعة استثنائية
وحققت هذه الطبعة الرابعة رقماً قياسياً من حيث عدد المشاركين، حيث توافد الحاضرون من مختلف أنحاء الوطن ومن خارج البلاد أيضاً، ليجعلوا من هذا الموعد العلمي محطة بارزة لا يمكن تجاوزها.
وقد تميزت الأيام الثلاثة بسلسلة من المحاضرات والعروض الشفوية والمعارض التكنولوجية وورشات التكوين “Talk & Show” التي أضفت على الحدث طابعاً تفاعلياً مميزاً.

وكشف البروفيسور “ر. جعفر” رئيس مصلحة علم السموم ومدير مخبر البحث في الصحة والبيئة بكلية الطب بجامعة باجي مختار، ورئيس الملتقى قائلاً:«لقد نجحنا هذا العام في تنظيم طبعة استثنائية وكان البرنامج ثرياً، والنقاشات بناءة جداً، ومشاركة المهنيين والباحثين والطلبة فاقت كل توقعاتنا».
كما أشار إلى الحضور القوي للنساء العالمات والحماس الكبير لدى الباحثين الشباب قائلاً: «لاحظنا مشاركة نسوية لافتة، وهذا مؤشر مشجع جداً لمستقبل البحث العلمي وقطاع الصحة».
العلم، التشريع والمجتمع: ملتقى للتفكير المشترك
وبرز هذا الملتقى كفضاء للحوار والتفكير حول العلاقة بين علم السموم والابتكار في مستحضرات التجميل والصحة العمومية. وتناول المتدخلون مواضيع متعددة، من سلامة مكونات مستحضرات التجميل إلى التيقظ السمي، مروراً بالتشريعات الأوروبية الجديدة والآثار البيئية. وقال البروفيسور جعفر: «استكشفنا مواضيع جديدة وأخرى راهنة وقد أتاحت ورشات “Talk & Show” للشركات والخبراء عرض ابتكاراتهم والتفاعل المباشر مع الجمهور المهني».
أعرب مخبر البحث في الصحة والبيئة ومصلحة علم السموم بجامعة باجي مختار عن فخرهما بالمساهمة في تحديث المنظومة الصحية الجزائرية من خلال الجمع بين التكوين والبحث والتطبيق العملي.
إجماع المشاركين: حدث في مستوى التطلعات
وعند اختتام الملتقى أجمع جميع المشاركين على أن طبعة 2025 كانت ناجحة بكل المقاييس، حيث حظيت النوعية العلمية وتنوع المواضيع ودقة التنظيم بإشادة واسعة.
الدكتور محمد عيد السريحي:

عبّر الدكتور ” محمد عيد السريحي ” والقادم من المملكة العربية السعودية عن إعجابه قائلاً: «لقد كان نجاحاً بكل المقاييس ، أين كانت المحاضرات عالية المستوى، والنقاشات مع الباحثين الجزائريين ثرية ومثمرة للغاية. أكثر ما لفت انتباهي هو الاهتمام الكبير بالتكنولوجيات الحديثة، التي تُعد ضرورية لتطوير الصحة العمومية، كما تمتلك الجزائر الكفاءات التي تؤهلها لأن تصبح قطباً إقليمياً مرجعياً في مجال مراقبة وتنظيم مستحضرات التجميل».
الدكتور “سليم بن لفقي” عالم أعصاب:

«بصفتي باحثاً في علوم الأعصاب، كان من دواعي سروري المشاركة في هذا النوع من الملتقيات. أتيحت لي الفرصة لعرض بحثي حول أحدث الابتكارات في مجال علم الأعصاب التجميلي، ولقد كان اهتمام الحضور مدهشاً، والأسئلة التي طُرحت أغنت النقاش وفتحت آفاقاً علمية جديدة. كما أن هذا الملتقى لم يكن مجرد فضاء لنشر المعرفة، بل شكل أيضاً منصة حقيقية للتبادل والتعاون من أجل تقدم العلم.»
علم السموم والجمال: مقاربة إنسانية ووقائية

الدكتورة “س. عليبي ” الباحثة التونسية، شددت على أهمية اليقظة الصحية قائلة: «تُظهر دراساتنا أن بعض المواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء الموجودة في منتجات العناية قد تصل إلى الدم أو الأنسجة، لذا فإن الرهان عالمي من خلال التوعية، وسنّ القوانين، وتعزيز البحث العلمي من أجل حماية الأجيال القادمة. وهذا الملتقى ليس علمياً فحسب بل إنسانياً أيضاً فخلف كل جزيء كيميائي، هناك قصص عن الصحة والوقاية». كما أكدت على ضرورة تحويل المعرفة إلى فعل لا سيما من خلال تقوية اليقظة السمية وتحديث المختبرات.
الجيل العلمي الصاعد بحماس كبير
عبّر المشاركون الشباب أيضاً عن حماسهم، أين تقول طالبة دكتوراه في الصيدلة: «إنها تجربة فريدة من نوعها نتعلم من خلالها أن ننظر إلى المنتج التجميلي بطريقة مختلفة، لا من حيث ملمسه أو رائحته فقط، بل من حيث تركيبته وتأثيره البيولوجي، كما أنها طريقة جديدة للتفكير في الجمال تفكير مستنير، أخلاقي ومبني على المعرفة».
وتتفق معها صيدلانية شابة حضرت بعض الورشات قائلة: «شاركت في عدة محاضرات، خاصة حول علم الأعصاب التجميلي (Neurocosmétique) والممارسات الحديثة في علم الأدوية. وكانت التجربة مثيرة جداً ، إذ مكنتني هذه النقاشات من فهم أفضل لتحديات القطاع اليوم وإثراء ممارستي المهنية».
حدث علمي ببعد إنساني
يرى كثيرون أن هذه الطبعة شكلت منعطفاً مهماً حيث أكدت النقاشات متعددة التخصصات، وجودة المتدخلين، والانفتاح على المستوى الدولي، التطور المتزايد لعلم السموم في الجزائر. وقال البروفيسور “جعفر” في ختام الملتقى: «هذا الملتقى يجمع بين البحث الأساسي والممارسة الصيدلانية والصحة العمومية، ويُظهر أن الجمال عندما يستنير بالعلم، يمكن أن يكون مرادفاً للأمان والمسؤولية».
ومع هذا الملتقى الدولي الرابع لعلم السموم، يكرّس مخبر البحث في الصحة والبيئة بكلية الطب بجامعة باجي مختار بعنابة نفسه كقطب علمي مرجعي، حيث تلتقي العلم والصحة والإنسان لبناء مفهوم جديد للجمال : جمال أكثر أماناً ووعياً.
أصداء الملتقى: بين التميز العلمي والدفء الإنساني

أشاد المشاركون بحسن التنظيم والدقة في أدق التفاصيل، من حيث سلاسة سير المحاضرات، واحترام صارم للبرنامج الزمني، وتنظيم لوجستي محكم لا تشوبه شائبة، كما شهد الحدث مشاركة قياسية جمعت نخبة واسعة من المهنيين والباحثين والأساتذة والأطباء والصيادلة والطلبة من مختلف ولايات الجزائر، إلى جانب ممثلين من عدة دول أجنبية.
وقد حظي اختيار الموضوع “مستحضرات التجميل المستنيرة: حين تنير العلوم دروب الجمال” بتقدير كبير لما يتمتع به من وجاهة وراهنية، إذ أتاح تناول قضايا حساسة تجمع بين العلم، والصحة العمومية، والابتكار، والأخلاق، في حين أثارت كل من المحاضرات وورشات العمل نقاشات ثرية وأخوية وبنّاءة، عكست روح التعاون الحقيقي بين الأجيال والتخصصات المختلفة.
كما تركت النوعية العلمية العالية للمداخلات أثراً واضحاً لدى الجميع، حيث قدّم الخبراء المدعوون أبحاثاً متقدمة وواعدة لمستقبل قطاعي الصحة وعلم السموم، أما الانفتاح الدولي للملتقى فقد عزّز هذا الزخم من خلال مساهمات متخصصين من أوروبا والمغرب العربي والشرق الأوسط.
ولم يغفل المشاركون الإشادة بكرم الضيافة والأجواء الودية التي ميّزت الحدث، والتي تعكس الطابع المرحّب لمدينة عنابة. وقد ساهمت الروح الدافئة وتفاني المنظمين بشكل كبير في نجاح هذه الطبعة.
ومن أبرز النقاط كذلك الحضور النسوي القوي بين المتدخلات والمشاركات، في دلالة على بروز جيل جديد من الباحثات المنخرطات بجدية في مجالات الصحة العمومية والبحث العلمي.
وأخيراً أتاح فضاء المعارض وورشات “Talk & Show” فرصة اكتشاف أحدث الابتكارات التكنولوجية في مجال علم السموم، إضافة إلى تعزيز التفاعل المباشر بين العلماء والصناعيين والطلبة.
تُعدّ هذه الطبعة نموذجاً للنجاح العلمي والإنساني، مؤكدةً مكانة الملتقى الدولي لعلم السموم بعنابة كموعد رئيسي للبحث العلمي، والتكوين، والتعاون الدولي في مجالي الصحة والبيئة.
الملتقى في أرقام:
- المحاضرات: 47
- العروض الشفوية: 47
- الملصقات العلمية 115 : موزعة على ثلاث قاعات وبمواضيع متنوعة
- الورشات: 4 جلسات بمواضيع مختلفة
- الندوات (طاولات مستديرة/توصيات): جلستان، تناولت الأولى القانون الجديد للكشف عن المخدرات في الأوساط المهنية والمدرسية والرياضية، والثانية توصيات لاقتراح نصوص جديدة تنظم تصنيع ومراقبة المنتجات التجميلية
- عدد الباحثين والمصنّعين: 250
الكلمات المفتاحية: ملتقى؛ السمية؛ عنابة؛ جامعة باجي مختار؛ جعفر؛
إقرأ أيضاً: