صحة جيدة لحياة أفضل

يستيقظ بعد عملية جراحية وهو يتحدث لغة أخرى 

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
20 أبريل 2025

عملية في الركبة تنتهي بعواقب غير متوقعة

خضع في هولندا مراهق يبلغ من العمر 17 عامًا لعملية جراحية في الركبة بعد إصابته أثناء لعب كرة القدم، أين كان من المفترض أن تكون العملية التي أُجريت تحت التخدير روتينية، لكن عند استيقاظه، انقلب كل شيء رأسًا على عقب، فلم يعد يفهم لغته الأم وبدأ يتحدث الإنجليزية بطلاقة… بلكنة أمريكية!

كان الشاب يتحدث الهولندية بطلاقة قبل العملية، ولكن بعد التخدير استيقظ وهو مقتنع بأنه في الولايات المتحدة، غير قادر على التعرف على والديه أو فهم لغتهم. ورغم ذلك لم تكن لديه أي سوابق طبية أو نفسية، حسب ما أفاد به الخبراء.

بعد مرور 18 ساعة على استيقاظه، بدأ يفهم اللغة الهولندية مجددًا، لكنه استمر في التعبير عن نفسه باللغة الإنجليزية فقط. ولم يستعد لغته الأم تدريجيًا إلا في اليوم التالي بفضل زيارة أصدقائه، وبعد ثلاثة أسابيع تعافى تمامًا دون أن يُظهر أي اضطرابات عصبية أو نفسية.

مع تسجيل أقل من 100 حالة على مستوى العالم، لا تزال متلازمة اللكنة الأجنبية تثير فضول العلماء، حيث كشف الدكتور سليم بن لفقي باحث في علوم الأعصاب أنها اضطراب تتغير فيه طريقة نطقك فجأة كما يشير اسمها ، فيبدو للآخرين أنك تتحدث بلكنة أجنبية، وهذا يدل على وجود خلل في وظائف الدماغ.

شخّص الأطباء حالته على أنها متلازمة اللكنة الأجنبية، وهو اضطراب عصبي نادر جدًا وُصف لأول مرة سنة 1907 من قبل طبيب الأعصاب الفرنسي بيير ماري. حيث يدفع هذا الاضطراب بعض الأشخاص إلى التحدث بلغة أو لكنة أجنبية دون وعي منهم. وعندما تُنسى اللغة الأم مؤقتًا لصالح لغة أخرى، يُشار إليه أيضًا بـ”متلازمة اللغة الأجنبية”.

يمكن أن تظهر هذه المتلازمة بعد إصابة في الدماغ، مثل السكتة الدماغية أو الصدمة الدماغية أو الخرف الوعائي. غير أن ما يجعل هذه الحالة استثنائية هو أنها ظهرت بعد التخدير!

أظهرت الفحوصات العصبية التي أجريت للمراهق عدم وجود أي خلل. فلم يعانِ من نوبات ذهانية، أو فقدان دائم للذاكرة، أو أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وتعافى بسرعة تامة.

تفترض إحدى النظريات الحديثة أن التخدير قد يعطل مؤقتًا شبكات التواصل في الدماغ. وتشير دراسة نُشرت سنة 2024 في مجلة “Journal of Oral and Maxillofacial Surgery” إلى أن بعض مواد التخدير قد تتسبب في آثار جانبية غير متوقعة، مثل تغير مفاجئ في اللغة.

ويثير هذا النوع من الحالات الدهشة بقدر ما يربك الباحثين. إذ يُظهر مدى غموض الدماغ البشري وقدرته على تغيير الإدراك اللغوي بشكل جذري بعد تخدير بسيط. ورغم الطابع المدهش لهذا الاضطراب، إلا أنه يظل نادرًا ومؤقتًا.

مصدر للقلق وعدم الفهم

يؤكد الدكتور ”سليم بن لفقي” أن لمتلازمة اللكنة الأجنبية أثرًا نفسيًا عميقًا، إذ قد تؤدي إلى القلق، والتوتر النفسي، وأحيانًا إلى الاكتئاب. ومن بين الأسباب التي تزيد من وطأتها:

  • شكوك المحيطين بالمريض، الذين قد يعتقدون أنه يتظاهر أو لا يدركون حقيقة الحالة؛ 
  • صعوبة التشخيص، نظرًا لندرة المرض وعدم معرفة كثير من المهنيين الصحيين به، مما قد يؤدي إلى الخلط بينه وبين اضطرابات عصبية أو نفسية أخرى؛ 
  • الخوف من عدم الفهم بسبب التغير المفاجئ في الصوت وطريقة النطق، مما يصعّب التواصل.

رعاية فردية حسب الحالة

يعتمد العلاج على سبب الاضطراب، وقد يشمل علاجًا دوائيًا، أو إعادة تأهيل نطقي، أو دعمًا نفسيًا. وغالبًا ما تكون مقاربة متعددة التخصصات ضرورية لمساعدة المريض على استعادة ثقته والتكيف مع هذا التغيير المفاجئ.

الكلمات المفتاحية: لغة؛ أجنبية؛ متلازمة؛ لكنة؛ عصبي؛ دماغ؛ علاج نطقي.