صحة جيدة لحياة أفضل

وهران: ميلاد الأكاديمية الإفريقية للحساسية والمناعة العيادية

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
21 يونيو 2025

مؤسسة في خدمة العلم والصحة العامة في إفريقيا

خطت الجزائر خطوة كبيرة في مسار تعاونها الطبي الإفريقي من خلال الإعلان الرسمي عن إنشاء الأكاديمية الإفريقية للحساسية والمناعة العيادية مساء الخميس بمدينة وهران.، وقد وُضعت هذه الهيئة الاستراتيجية تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وستتخذ من الجزائر العاصمة مقرًا لها. وتمثل هذه المبادرة رغبة قوية في تعزيز البحث الطبي والقدرات العيادية في القارة الإفريقية في مواجهة أمراض آخذة في الانتشار.

وانبثقت فكرة الأكاديمية بمبادرة من البروفيسور ”حبيب دواقي” أحد أبرز الأسماء في مجال الحساسية، ورئيس الجمعية الجزائرية للحساسية والمناعة العيادية ، وعضو فعال في مجلس الأمة. وقد أكد أن هدف هذه الهيئة هو إطلاق مشاريع بحث علمي، وتوحيد بروتوكولات العلاج، وتكوين أجيال جديدة من المتخصصين في المناعة والحساسية عبر القارة. وأشار إلى أن الكثير من البلدان الإفريقية لا تزال تفتقر إلى هياكل متخصصة أو قواعد بيانات وبائية دقيقة في هذا المجال، مما يعيق التشخيص والتكفل السليم بالمرضى.

جاء هذا الإعلان خلال فعاليات المؤتمر الأفرو-أوروبي الـ16 للحساسية والمناعة السريرية، الذي نُظم بوهران من 13 إلى 15 جوان، وجمع نحو 500 مختص من 14 دولة إفريقية وأوروبية. وقد شكّل الحدث منصة مثالية لمناقشة آخر التطورات في مجالات التشخيص الجزيئي، العلاجات البيولوجية، المناعة الموجهة، وغيرها من القضايا التي تجمع بين البحث الأساسي والرعاية السريرية.

هذا وتشهد القارة الإفريقية ارتفاعًا ملحوظًا في الأمراض التحسسية والمناعية الذاتية، بسبب التحضر السريع، التلوث، تغير نمط الغذاء، والاختلال المناخي. وتشمل هذه الأمراض الربو، حمى القش، الإكزيما، الحساسية الغذائية، الذئبة الحمراء، التهاب المفاصل الروماتويدي… وغيرها. ونظرًا لغياب قواعد بيانات موحدة وبرامج فحص وعلاج متقدمة، فإن هذه الأمراض غالبًا ما تُشخّص وتعالج بشكل خاطئ. وتسعى الأكاديمية لتوفير تشخيص مبكر من خلال تكوين المختصين، وتحديث التوصيات السريرية، وتطوير بروتوكولات علاجية تتماشى مع الواقع الإفريقي.

ترمز هذه الأكاديمية أيضًا إلى الدور القيادي للجزائر في مجال الدبلوماسية العلمية الإفريقية. فمن خلال جمعها للباحثين من إفريقيا وأوروبا، تُجسد نموذجًا للتعاون العلمي بين دول الجنوب، وأيضًا بين الشمال والجنوب، قائم على تبادل البيانات، ربط المختبرات، تنقل الباحثين، وتوحيد الموارد العلمية.

وفي كلمته الافتتاحية وصف رئيس الجمعية الإفريقية للحساسية والمناعة الإكلينيكية البروفيسور ”مارسيال أويدراوغو ” هذه المنصة الجديدة بأنها ”محور إفريقي حقيقي للابتكار الطبي”.

في رسالة قُرئت باسمه أكد رئيس مجلس الأمة السيد ”عزوز ناصري”، أن الرعاية السامية التي منحها الرئيس تبون لهذا الحدث تُجسد التزام الدولة الثابت بدعم التقدم العلمي. كما أشاد بتنظيم هذا المؤتمر في الجزائر كدليل على الدور المتزايد الذي تلعبه البلاد كملتقى للمعرفة الطبية بين إفريقيا وأوروبا.

وقد تم تكريم رئيس الجمهورية بشكل رمزي عرفانًا بدعمه لتطوير البحث الطبي، كما نال عدد من الأطباء والباحثين الجزائريين تكريمات على مساهماتهم العلمية.

من بين المواضيع المطروحة في المؤتمر:

  • المعالجة المناعية التحسسية: نهج ثوري لتعديل استجابة الجهاز المناعي بشكل طويل الأمد
  • الحساسية الغذائية: التي تتزايد بشكل ملحوظ لدى الأطفال في إفريقيا
  • العلاجات البيولوجية الموجهة: الجيل الجديد من الأدوية لعلاج أمراض المناعة الذاتية
  • التفاعل بين التحسس والأمراض المصاحبة: كداء الذئبة، السكري من النوع الأول، التصلب اللويحي
  • توصيات إفريقية لعلاج الربو: مرض يتزايد في المدن الملوثة

ستتمحور مهمة الأكاديمية حول ثلاث أولويات أساسية:

1. التكوين: إنشاء شبكة إفريقية من الأطباء والباحثين المتخصصين، مع برامج تكوين مستمر معتمدة

2. التنظيم: توحيد بروتوكولات العلاج، وإنشاء سجلات وطنية وجهوية للمرضى

3. تحسين العلاج: تسريع الوصول إلى العلاجات البيولوجية، وتكوين العاملين الصحيين في علوم المناعة الحديثة، وتحسين الوقاية

يمثل إنشاء هذه الأكاديمية رسالة أمل قوية لمستقبل البحث الطبي في إفريقيا. ومن خلال الاستثمار في العلم، والتعاون الدولي، وتكوين الكفاءات، تؤكد الجزائر طموحها لأن تصبح قطبًا إقليميًا متميزًا في مجال الصحة.

من جهته يبشر هذا التوجه بميلاد طب أكثر إنسانية، ودقة، وشمولية، لمواجهة تحديات الصحة العمومية في القرن الحادي والعشرين في القارة السمراء.

الكلمات المفتاحية: وهران، الصحة، الأكاديمية، الطب، إفريقيا، علاج، الحساسية، المناعة