في ممرات مستشفى الشفاء المكتظة تختلط صفارات سيارات الإسعاف بصراخ الجرحى. وبسبب نفاد الأماكن تتكدس الأجساد الممددة على الأرض تحت أغطية ملطخة بالدماء، فيما يهمس طبيب منهك : «لم يعد لدينا أسرّة، ولا أدوية، ولا كهرباء».
مستشفيات تحتضر
في هذا السياق وجّه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ” تيدروس أدهانوم غيبريسوس” تحذيراً رسمياً قائلاً: «إن الجرحى وذوي الإعاقة غير قادرين على الوصول إلى بر الأمان، وهو ما يعرّض حياتهم لخطر جسيم، فالمستشفيات التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ باتت على وشك الانهيار».
ومنذ يوم الثلاثاء دخل الجيش الإسرائيلي في مرحلة جديدة من هجومه البري على شمال غزة، إذ أن القصف لا يتوقف، فيما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن قوافلها المحملة بالمستلزمات الطبية الأساسية ما زالت عالقة عند المعابر.
عائلات على الطرقات
وعلى طريق صلاح الدين الشريان المركزي للقطاع تمتد طوابير لا تنتهي من العائلات التي تسير على الأقدام. نساء، أطفال، شيوخ يحملون أكياساً هزيلة وأحياناً قفص طيور أو كيس دقيق، كما بعضهم يسير منذ الفجر بعيون محمرة من الغبار والخوف.
وبحسب الأمم المتحدة فإن 40 ألف فلسطيني فرّوا خلال يومين فقط ومنذ منتصف أغسطس اضطر ما يقارب 200 ألف شخص لترك منازلهم، معظمهم مجبرون على السير ساعات طويلة من دون طعام أو ماء.
ووصف المتحدث باسم الأمم المتحدة” ستيفان دوجاريك” الوضع بأنه «يتدهور ساعة بعد ساعة»: طرق مغلقة، عائلات جائعة، أطفال مصدومون. كما أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر جديدة بالإخلاء خلال الساعات الـ48 المقبلة.
ولادات في الشوارع
حتى غرف الولادة لم تعد موجودة، أين أفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن نساء يضطررن للولادة في العراء على الأرصفة، وأحياناً من دون ماء نظيف لغسل المولود، وتقول مريم 28 عاماً نازحة في الجنوب : «أختي أنجبت تحت القصف، فوق قطعة كرتون».
ويقدّر الصندوق أن 23 ألف امرأة لم يعد لديهن وصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، فكل أسبوع يولد 15 طفلاً من دون أي مساعدة صحية.
إدانات وجمود سياسي
منذ 7 أكتوبر 2023 يعيش قطاع غزة على وقع القصف المستمر. الهجوم البري الذي انطلق هذا الأسبوع يدخل ضمن دوامة عنف غير مسبوقة، كما تتوالى الإدانات الدولية، أين ذكر الأمين العام للأمم المتحدة” أنطونيو غوتيريش” بأن هذه الحرب مقترنة بالتدهور السريع للوضع في الضفة الغربية «تزيدنا ابتعاداً عن حل الدولتين». لكنه شدد قائلاً: «لن نسمح للوقائع على الأرض بأن تقوّض جهودنا وآمالنا من أجل المستقبل».
لكن على أرض الواقع المشهد مختلف : أعمدة من النازحين تسير نحو الجنوب، أمهات يلدن بمفردهن، وأطفال يبكون في مستشفيات بلا ضوء .. في غزة لم يعد المستقبل يُقاس بالسنوات بل بالساعات.
الكلمات المفتاحية: غزة؛ مستشفيات؛ صحة؛ منظمة الصحة العالمية؛ رعاية صحية
إقرأ أيضاً: