صحة جيدة لحياة أفضل

غزة: مستشفى ناصر يعج بالمصابين، الطواقم الطبية منهكة، والمدنيون تُركوا لمصيرهم

حرر : التحرير |
12 يوليو 2025

أصبح مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة مكتظا بشكل كامل ، وتحول إلى مركز حقيقي لطب الإصابات في زمن الحرب، وفق ما أفادت به منظمة الصحة العالمية، واصفة الوضع هناك بأنه “حالة طوارئ صحية مطلقة”. ويُعد هذا المستشفى من آخر المنشآت الطبية التي ما تزال تعمل جزئيًا، لكنه يواجه تدفقًا هائلًا من الجرحى، معظمهم من المدنيين الذين أُصيبوا خلال ضربات جوية استهدفت مناطق توزيع مساعدات غير خاضعة لإشراف الأمم المتحدة.

مستشفى يتحول إلى منطقة حرب

كشف ” ريك بيبركورن” ممثل منظمة الصحة العالمية في فلسطين خلال مؤتمر صحفي في جنيف أن الفرق الطبية تستقبل يوميًا جرحى بإصابات خطيرة، غالبًا ما يكونون مبتوري الأطراف، أو مصابين بحروق، أو بجروح متعددة”، فيما وصف المستشفى بأنه على شفا الانهيار، ويعاني من نقص حاد في كل شيء على غرار الأدوية، المخدر، الأدوات الجراحية، الأوكسجين، الدم، وحتى الكهرباء المستقرة.

ومنذ بداية الحرب استشهد أكثر من 450 من أفراد الطواقم الطبية، حسب ما أفادت به السلطات الصحية في غزة. وأصيب عدد كبير آخر أو سُجن بينما يواصل البعض العمل في ظروف قاسية دون أجور أو وسائل حماية. كما أن بعض الأطباء يجرون عمليات جراحية تحت ضوء الهواتف المحمولة في ظل انقطاع الكهرباء، وآخرون حوّلوا الممرات والملاجئ إلى غرف عمليات مؤقتة.

هذا وتزايدت وتيرة الهجمات ضد المنشآت الصحية، إذ تم تدمير أكثر من 32 مستشفى كليًا أو جزئيًا، بما في ذلك وحدات الأطفال حديثي الولادة، وأقسام الطوارئ والولادة. وأصبح مستشفى الشفاء الأكبر في غزة خارج الخدمة بعد عدة هجمات إسرائيلية. واعتبرت منظمة الصحة العالمية أن هذا الاستهداف المنهجي للمرافق الطبية يُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي.

وتزداد خطورة الوضع في غزة في ظل تعطل أو قصور إمدادات المساعدات الإنسانية، حيث تتعرض القوافل للهجمات أو تتأخر على المعابر ، مع نقص حاد في الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية، والأنسولين، والمخدرات، والمحاليل الوريدية. وبدأ المرضى يموتون بسبب جروح يمكن علاجها، أو لعدم توفر العناية المركزة.

كما ارتفعت حالات الأمراض المعدية، والإسهال الحاد، والالتهابات التنفسية، والجفاف، خاصة بين الأطفال وكبار السن العالقين في مخيمات مؤقتة تفتقر للنظافة. وتلوح نذر الأوبئة في الأفق، مع ندرة المياه الصالحة للشرب وانهيار أنظمة الصرف الصحي.

وأمام هذه الكارثة الإنسانية غير المسبوقة، أطلق الدفاع المدني في غزة نداءً عاجلًا لوقف إطلاق نار شامل وفوري. ودعا المتحدث باسمها” محمود بصل” الوسطاء الدوليين إلى إنهاء هذا النزيف: “المدنيون ليسوا طرفًا في هذا الصراع، لكنهم يدفعون الثمن الكامل، فهناك أرواح تحت الأنقاض، وجرحى محرومون من العلاج، وعائلات بلا مأوى. يجب التحرك الآن.”

وقد نُشر هذا النداء باللغة الإنجليزية عبر تطبيق “تيليغرام”، مؤكدًا أن الصمت تجاه ما يحدث يُعد تواطؤًا ضمنيًا، فصمت القوى الكبرى وبطء المفاوضات يزيدان من فداحة المأساة الإنسانية التي كان يمكن تفاديها، فيما ختم المتحدث نداءه بأن : “الهدنة ليست ترفًا، بل ضرورة حياة ” .

وفيما لا يزال المجتمع الدولي يتجادل بشأن وقف إطلاق النار، يعمل أطباء غزة في ظروف طارئة، بما توفر لهم من حد أدنى لإنقاذ الأرواح. وفي الوقت نفسه تتساقط القنابل ويُفرغ ما تبقى من “مستشفيات” من طواقمها، وتغرق الشوارع بالدموع والدماء، في حين أن العالم يراقب، أما غزة فتموت بصمت تحت الأنقاض.

الكلمات المفتاحية: غزة، مستشفى، علاج، جرحى، طواقم طبية.

اقرأ أيضًا: