
بعض سرطانات الثدي تتطور بسرعة كبيرة، واكتشافها المبكر والتكفل الفوري بها أمران أساسيان.
ما هو سرطان الثدي العدواني؟
يتميز سرطان الثدي العدواني بنموه السريع وقدرته على الانتشار المبكر نحو العقد اللمفاوية أو أعضاء أخرى. ولا يشير هذا المصطلح إلى نوع واحد من السرطان، بل إلى أورام تتسم بسلوك ديناميكي وحاد. يُعرَّف هذا النوع من السرطان بمعيارين أساسيين:
- يُكتشف غالباً في مرحلة متقدمة، مع إصابة العقد اللمفاوية أو ظهور نقائل.
- خلاياه تنقسم بسرعة عالية، مما يزيد من خطر انتشارها.
أهم أنواع سرطانات الثدي العدوانية:
- سرطان الثدي الالتهابي: نادر لكنه خطير، يظهر على شكل احمرار وتورم وسخونة في الثدي مع مظهر جلدي يشبه “قشرة البرتقال”. يتطور بسرعة كبيرة، أحياناً خلال أسابيع قليلة، ويستلزم علاجاً عاجلاً.
- سرطان الثدي الإيجابي لـ HER2: في هذا النوع، تنتج الخلايا السرطانية كمية مفرطة من بروتين HER2 الذي يحفز تكاثرها. قبل ظهور العلاجات الموجهة (مثل التراستوزوماب والبيرتوزوماب)، كان التشخيص سيئاً غالباً، أما اليوم فقد غيّرت هذه العلاجات نوعية الحياة ومعدلات البقاء على قيد الحياة بشكل كبير.
- سرطان الثدي السلبي الثلاثي: يُعدّ الشكل الأكثر عدوانية، إذ لا يحتوي على مستقبلات هرمونية ولا يُظهر فرطاً في بروتين HER2، لذلك تبقى العلاج الكيميائي هو الأساس في العلاج، بينما تقدم العلاجات المناعية آفاقاً جديدة خاصة في الحالات المتقدمة موضعياً.
وتتطور هذه السرطانات بسرعة مما يجعل التشخيص المبكر والتكفل المنسق أمراً حاسماً.
تطور سريع جداً
قد يتضاعف حجم هذه الأورام خلال أسابيع أو أشهر قليلة.
- سرطان الثدي السلبي الثلاثي يصيب غالباً النساء الشابات.
- السرطان الإيجابي لـ HER2 يتطور بسرعة أيضاً، لكنه يُتحكم فيه بشكل أفضل بفضل العلاجات الموجهة.
- أما السرطان الالتهابي فهو الأسرع على الإطلاق، وقد يتطور أحياناً في أقل من شهر.
لكل أسبوع أهمية فالفحص المنتظم والتدخل الطبي السريع هما مفتاح تحسين فرص الشفاء.
عوامل الخطر: عندما تتداخل الوراثة والبيئة
لا يوجد سبب واحد محدد لأي سرطان، فالأشكال العدوانية تنجم غالباً عن مزيج من العوامل البيولوجية والهرمونية والسلوكية:
- وراثية: طفرات في الجينين BRCA1 وBRCA2 أو وجود تاريخ عائلي لسرطان الثدي أو المبيض.
- هرمونية وبيئية: بلوغ مبكر، انقطاع طمث متأخر، استعمال طويل للعلاج الهرموني، أو التعرض لمواد ملوثة للغدد الصماء.
- نمط الحياة: نظام غذائي غني بالدهون والسكريات، استهلاك الكحول، التدخين، السمنة، وقلة النشاط البدني.
- العمر: تظهر بعض الأشكال العدوانية قبل سن اليأس، وأحياناً لدى نساء في الثلاثينيات من العمر.
حتى دون وجود عوامل خطر معروفة، يمكن أن تصاب أي امرأة، ولهذا فإن الفحص المنتظم والانتباه لأي تغير ضروريان.
الأعراض التي تستدعي الانتباه:
يظهر سرطان الثدي العدواني من خلال:
- كتلة تكبر بسرعة في الثدي.
- تغير في مظهر الجلد (احمرار، سماكة، أو مظهر قشرة البرتقال).
- إفرازات غير طبيعية من الحلمة أو ألم مستمر.
عند ملاحظة أي من هذه الأعراض، يجب استشارة الطبيب فوراً، فكلما كان التشخيص مبكراً، زادت فرص الشفاء.
الفحص والوقاية: عادة منقذة للحياة
الوقاية والفحص المنتظم هما أفضل وسيلتين للحماية.
التوصيات الحالية:
- إجراء تصوير الثدي الشعاعي (الماموجرام) كل سنتين ابتداءً من سن 50، أو من سن 40 للنساء المعرضات للخطر.
- متابعة طبية منتظمة وفحص ذاتي شهري للثديين.
- استشارة الطبيب فوراً عند أي تغير أو ألم أو تورم.
اتباع أسلوب حياة صحي يحمي الثدي:
- تغذية متوازنة وغنية بالفواكه والخضر وأحماض أوميغا-3.
- ممارسة نشاط بدني يومي لا يقل عن 30 دقيقة.
- الحفاظ على وزن صحي.
- تقليل استهلاك الكحول والإقلاع عن التدخين.
هل يمكن الشفاء من سرطان الثدي العدواني؟
نعم فمصطلح “عدواني” لا يعني بالضرورة أنه قاتل، خاصة وأن التطورات الحديثة في العلاج أحدثت ثورة في التوقعات الطبية.
تشخيص دقيق ومخصص:
- فحوصت تصويرية (ماموجرام، إيكوغرافيا، أو رنين مغناطيسي).
- خزعة لتحديد نوع الورم ومؤشراته البيولوجية (HER2، المستقبلات الهرمونية).
- فحوصات للكشف عن الانتشار أو النقائل.
خيارات العلاج:
- العلاج الكيميائي المبدئي (قبل الجراحة) لتقليص حجم الورم ومنع انتشاره.
- الجراحة (استئصال جزئي أو كلي حسب الحالة).
- العلاج الإشعاعي للحد من تكرار المرض.
- العلاجات الموجهة (خصوصاً ضد HER2 عند الحاجة).
- العلاج المناعي لبعض حالات سرطان الثدي السلبي الثلاثي.
- العلاج الهرموني إذا كانت المستقبلات الهرمونية إيجابية.
العلاجات اليوم أصبحت أكثر دقة وفعالية، وأقل ضرراً للمريضات.
التوقعات الطبية وآفاق الأمل:
بفضل التقدم العلمي تحسنت معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل ملحوظ، كما أن العلاجات الموجهة والمناعية تفتح آفاقاً جديدة للشفاء الطويل الأمد، في حين تساعد المتابعة الفردية والدعم النفسي والغذائي والنشاط البدني المريضة على تحسين نوعية حياتها.
واليوم حتى في مواجهة سرطان الثدي العدواني فالشفاء ممكن، كما يبقى الأساس هو التصرف مبكراً، وعدم تجاهل أي علامة، وعدم مواجهة المرض بمفردك، خاصة وأن سرطان الثدي العدواني ليس حكماً بالموت، فبفضل التشخيص المبكر والعلاج المتعدد التخصصات والدعم المناسب، تصل العديد من النساء إلى الشفاء التام.
استمعي إلى جسدك، لا تؤجلي الفحص، واجعلي الكشف المبكر أولوية، لأن كل يوم يُكسب هو خطوة نحو الحياة، وكل إجراء وقائي قد ينقذ حياة.
الكلمات المفتاحية: سرطان ، الثدي ، عدواني، صحة ، علاج ، متعدد التخصصات
إقرأ أيضاً: