صحة جيدة لحياة أفضل

تدخل جراحي استثنائي في مستشفى باب الوادي ينقذ طفلاً من ورم عملاق بوزن 14 كيلوغرام

حرر : ياسين لاماني | صحفي
8 أغسطس 2025

في إنجاز طبي لافت يعكس التطور النوعي في مجال الجراحة الدقيقة، تمكن فريق طبي متخصص في جراحة الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي باب الوادي من إجراء عملية جراحية معقدة ونادرة من نوعها، تمثلت في استئصال ورم بطني عملاق لدى طفل صغير. الورم الذي كان يزن 14 كيلوغرامًا وتبلغ أبعاده 38×15 سنتيمترًا، شكّل تهديدًا حقيقيًا لحياة الطفل، ما استدعى تدخلاً عاجلاً ودقيقًا من قبل طاقم طبي عالي الكفاءة والخبرة. هذا التدخل الجراحي يُعدّ بحق علامة مضيئة في مسار الطب الجزائري، ويعكس بجلاء ما وصلت إليه الكفاءات الطبية الوطنية من احترافية واقتدار في التعامل مع الحالات الطبية الحرجة والمعقدة.

ودخل الطفل المصاب إلى مصلحة جراحة الأطفال وهو في حالة صحية متدهورة، نتيجة تضخم غير طبيعي وسريع لكتلة في بطنه، ما أثار قلق الأطباء ودفعهم إلى الإسراع بإجراء سلسلة من الفحوصات الطبية الدقيقة لتحديد طبيعة الكتلة وحجمها وتأثيرها على الجسم. أظهرت نتائج التصوير الطبي أن الورم يشغل حيّزًا كبيرًا من التجويف البطني، مما أدى إلى ضغط شديد على الأعضاء الحيوية الأخرى كالكبد، المعدة، والأمعاء، وهو ما كان يشكل خطرًا وشيكًا على حياة الطفل. حجم الورم الكبير مقارنة بوزن الطفل الصغير خلق تحديات جراحية هائلة، خصوصًا أن هذا النوع من الأورام نادر ويستدعي مهارات عالية في التخطيط والتنفيذ، بالإضافة إلى دقة متناهية في كل مرحلة من مراحل التدخل.

من جهتهم واستعدادًا لهذا التحدي الطبي الصعب، اعتمد الفريق الطبي على مقاربة متعددة التخصصات، جمعت بين جراحي الأطفال المتخصصين، أطباء التخدير والإنعاش، وخبراء التصوير الطبي، بالإضافة إلى فريق متمرس من الممرضين العاملين في العناية المركزة. تم التنسيق بدقة متناهية بين كل هذه التخصصات لضمان نجاح العملية وتجنب أية مضاعفات قد تهدد حياة الطفل أثناء أو بعد التدخل. استغرقت العملية عدة ساعات طويلة، نُفذت خلالها كل خطوة بحذر شديد، مع مراقبة دقيقة لوضع الطفل الصحي أثناء الجراحة. وتمكن الفريق، بفضل كفاءته وخبرته، من استئصال الورم بالكامل دون التسبب في أي ضرر يُذكر للأعضاء الداخلية المجاورة، ما يُعد إنجازًا طبيًا حقيقيًا بكل المقاييس ويبرهن على مستوى التحضير والاحترافية داخل المؤسسة.

وفي ذات السياق بعد انتهاء العملية الجراحية بنجاح، تم تحويل الطفل مباشرة إلى قسم الإنعاش، حيث تلقى متابعة طبية مكثفة لضمان استقرار حالته الصحية ومراقبة المؤشرات الحيوية بشكل مستمر. الأيام التالية للجراحة مرّت بسلاسة، دون ظهور أية مضاعفات أو علامات تدهور، وهو ما دلّ على نجاح العملية بشكل كامل، ليس فقط من الناحية التقنية، بل أيضًا من ناحية سرعة التعافي. ومن المثير للاهتمام أن الطفل، وبفضل استجابته السريعة للعلاج ورعاية الفريق الطبي والتمريضي، تمكن من مغادرة المستشفى بعد خمسة أيام فقط من الجراحة، وهو زمن قياسي مقارنة بحجم الورم وتعقيد التدخل، ما يعكس مستوى العناية المتميزة التي تلقاها داخل المستشفى.

ولا يعد هذا التدخل الجراحي الناجح فقط إنقاذًا لحياة طفل، بل هو مثال واقعي على النقلة النوعية التي تشهدها المنظومة الصحية الجزائرية في السنوات الأخيرة، وخاصة في ما يتعلق بالتعامل مع الحالات الطبية الصعبة والمعقدة. يعكس هذا النجاح أهمية التكوين المستمر للأطباء، وفعالية التنسيق بين مختلف التخصصات، إلى جانب توفر الإمكانات والوسائل الطبية الضرورية داخل المؤسسات الاستشفائية العمومية. وقد برهن المركز الاستشفائي الجامعي باب الوادي، مرة أخرى، على كونه مرجعًا وطنيًا في تقديم رعاية صحية عالية المستوى، تتماشى مع المعايير الدولية، ما يقلل الحاجة إلى إرسال المرضى للعلاج بالخارج ويوفر على الدولة والعائلات أعباءً مادية ومعنوية ضخمة.

وفي ظل الطلب المتزايد على الخدمات الطبية المتخصصة وارتفاع التحديات الصحية، تؤكد هذه النجاحات ضرورة الاستمرار في دعم القطاع الصحي العمومي، سواء من حيث تطوير البنية التحتية، أو تعزيز قدرات الطواقم الطبية من خلال التكوين المتواصل، أو دعم البحث العلمي الطبي الذي يشكل ركيزة أساسية في تحسين الأداء. العملية التي أُجريت في مستشفى باب الوادي تبرهن على أن الإرادة الصادقة والوسائل المناسبة يمكن أن تصنع فرقًا حقيقيًا، وتُحدث تغييرًا ملموسًا في واقع الصحة في الجزائر، وتفتح آفاقًا جديدة في تقديم العلاج داخل الوطن.

ويتجاوز هذا النجاح الطابع الطبي ليشكل مصدر فخر واعتزاز لكل الجزائريين، خاصة لعائلات المرضى الذين يبحثون عن الأمل داخل وطنهم دون الحاجة للاغتراب بحثًا عن العلاج. إن هذه التجربة تعيد بناء الثقة في المستشفيات الوطنية، وتقدم نموذجًا يحتذى به في التفاني والالتزام. نجاح العملية لم يكن ليُحقق لولا تكاتف جهود مختلف أفراد الفريق الطبي والتمريضي، وشجاعة الطفل المصاب، وصبر عائلته، لتبقى هذه القصة شاهدًا حيًا على ما يمكن للطب الجزائري أن ينجزه عندما تتوفر الإرادة، الكفاءة، والتنسيق.

الكلمات المفتاحية: مستشفى باب الوادي، جراحة ، ورم بطني عملاق، تدخل جراحي دقيق، الطب العام، مستشفى جامعي.

إقرأ أيضاً: