ملتقى علمي رفيع المستوى: بين ضرورة الحاضر وتحديات المستقبل
احتضنت جامعة محمد البشير الإبراهيمي ببرج بوعريريج بالجزائر يومي 27 و28 أكتوبر 2025، الملتقى الدولي الأول حول الذكاء الاصطناعي والابتكار في المؤسسات الناشئة.
وقد جاء هذا الحدث البارز بتنظيم من كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، بالشراكة مع المجلس العربي للإبداع والابتكار، التابع للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة.

افتتاح بطابع علمي وتعاون عربي مميز
وشهدت الجلسة الافتتاحية التي ترأسها البروفيسور ” بوعزة خالد ” عميد الكلية ، كلمة ترحيبية ألقتها رئيسة الملتقى الدكتورة “وردية بوقابة”.
تلا ذلك المحاضرة الافتتاحية التي ألقاها الأستاذ رحيم حسين بعنوان: “الذكاء الاصطناعي والابتكار: رافعتان أساسيتان لتطوير الشركات الناشئة”.
كما ألقى الدكتور “محمد بن عيد السريحي” رئيس المجلس العربي للإبداع والابتكار وعضو الأمانة العامة للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، كلمة باسم الاتحاد، بدعم من الدكتور “أشرف عبد العزيز” الأمين العام للاتحاد والمشرف العام على المجالس المتخصصة، قدّم من خلالها مداخلة بعنوان: “استخدامات الذكاء الاصطناعي في دعم واستدامة المؤسسات الناشئة”. كما عُرض بعدها فيلم تعريفي بالمجلس والاتحاد، معلنا انطلاق الأشغال العلمية للملتقى.
ملتقى دولي للبحث والابتكار
وقد شكّل هذا اللقاء العلمي منصة دولية حقيقية جمعت نحو 80 مداخلة لباحثين بارزين، تم تقييمها من طرف خبراء من عدة جامعات جزائرية، أين تمحورت النقاشات حول ثمانية محاور رئيسية تناولت السياسات، والتطبيقات، والتحديات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي في المؤسسات الناشئة.
كما ناقش المشاركون سبل ضمان الابتكار في إطار احترام حقوق الملكية الفكرية والأمن الرقمي، مع تحليل تجارب دولية رائدة في هذا المجال. وقد أثرى الملتقى خبراء من تونس، ومصر، والمملكة العربية السعودية، والأردن، والعراق، وفرنسا، وليبيا من خلال مداخلاتهم ضمن جلسة خاصة خُصصت للتعاون العلمي الدولي.
الذكاء الاصطناعي وعلم الأحياء: تحالف في خدمة الحياة
هذا وقد تناول جانب مهم من المناقشات موضوع التكامل بين الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا، وهو مجال يشهد تطورًا متسارعًا، أين سلّط الباحثون الضوء على الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في نمذجة الكائنات الحية، واكتشاف الأدوية الجديدة، والتشخيص المبكر للأمراض، والتحليل الجيني الدقيق.
وبفضل خوارزميات قادرة على التعلم والتكيّف، أصبح بالإمكان معالجة ملايين البيانات البيولوجية في وقت قياسي، مما يمهّد الطريق أمام طب تنبؤي وشخصي. وقال الدكتور ”سليم بن لفقي” الباحث في علوم الأعصاب: “إن هذا التلاقي بين علوم الحياة والتقنيات الذكية يبشر بثورة علمية حقيقية: فهم أعمق لجسم الإنسان، التنبؤ بالأمراض، وتحسين طرق العلاج.”
وأكد المتدخلون على ضرورة وضع إطار أخلاقي وعلمي صارم لتنظيم هذه التطورات، مشددين على مسؤولية الباحثين واحترام الحياة والبيانات البيولوجية البشرية.
مشاركة أكاديمية رفيعة المستوى
وسجّل الملتقى أيضًا مشاركة شخصيات بارزة من بينها: الدكتورة “وفاء شعلال” العضو المؤسسة للمجلس العربي للإبداع والابتكار ومديرة كرسي الألكسو، التي شددت في مداخلتها على الدور الحاسم للذكاء الاصطناعي في البحث العلمي الحديث. وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يُحدث تحولًا عميقًا في طريقة تطور العلوم، إذ يُمكّن الباحثين من تحليل كميات هائلة من البيانات في وقت قياسي، ما يسمح لهم بفهم الظواهر المعقدة بسرعة أكبر وصياغة فرضيات علمية جديدة ذات قيمة عالية.
وبفضل قدراته القوية في النمذجة والتنبؤ يسرّع الذكاء الاصطناعي وتيرة تطوير الأدوية والعلاجات المبتكرة والتقنيات المتقدمة، كما يتيح اكتشاف علاقات خفية لا يمكن للعين البشرية إدراكها، مما يمهد الطريق لاكتشافات كبرى في مختلف المجالات، من الطب إلى الفيزياء.
وأكدت الدكتورة “شعلال” أن الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور الباحث، بل يعزز ذكاءه وإبداعه وقدرته على الابتكار، ليصبح بذلك محركًا حقيقيًا للتقدم العلمي والإنساني.
أما الأستاذة “أمال شوتري” أستاذة بجامعة ”محمد البشير الإبراهيمي” وممثلة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، فقد ذكّرت بالدور المهم لهذا الأداة الحديثة في خدمة التنمية المستدامة والتطور العلمي.
التكريم واختتام الأشغال

في ختام يومين حافلين ومثمرين، تسلّم الدكتور ”محمد بن عيد السريحي” درع الشرف لجامعة برج بوعريريج، الذي قدمته له كل من الدكتورة “وردية بوقابة” والبروفيسور “بوعزة خالد”.
وبالمقابل وباسم المجلس العربي للإبداع والابتكار والاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، قام الدكتور “السريحي” بتكريم كل من:
- البروفيسور ” بوعزة خالد” بدرع المجلس نظير دوره كمنسق عام للملتقى،
- والدكتورة ”وردية بوقابة” تقديرًا لجهودها المتميزة التي ساهمت في إنجاح هذا الحدث العلمي الدولي.
وقد شهد حفل الاختتام الإشادة بنجاح ملتقى جمع بين الصرامة الأكاديمية وروح الابتكار والتعاون الدولي، واضعًا أسسًا جديدة لمستقبل الشركات الناشئة في عصر الذكاء الاصطناعي.
تكريم لمجلة “صحتي، حياتي” : تقدير للتميز التحريري والانخراط المجتمعي

وعلى هامش الملتقى حرص الدكتور “محمد بن عيد السريحي” على تكريم مجلة “صحتي، حياتي”، مشيدًا بالجودة النموذجية لأعمالها، وانخراطها المستمر في الصحة العامة، ونشر المعرفة العلمية، والحفاظ على البيئة، وتعزيز الرفاهية الجماعية.
وهنأ الفريق التحريري على صرامته الصحفية، ورؤيته الإنسانية، ومساهمته القيمة في توعية الجمهور بالقضايا المجتمعية الكبرى.
وفي هذه المناسبة دعا رسميًا المجلة إلى التعاون مع المجلس العربي للإبداع والابتكار في إطار مبادرات مشتركة تهدف إلى تعزيز الحوار بين العلم والابتكار والتواصل المسؤول، خدمة للتنمية المستدامة والتقدم الإنساني.
كما سلّم الدكتور “السريحي” باسم المجلس والاتحاد، إلى الدكتور “سليم بن لفقي” محرر وعضو المجلس العلمي للمجلة، درع شرف المجلس العربي للإبداع والابتكار، تقديرًا لالتزامه النموذجي ومساهمته في نشر المعرفة وتعزيز الابتكار.
الذكاء الاصطناعي: محرك التقدم الإنساني
أبرز الملتقى حقيقة واضحة: الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل أداة تمكين، فعندما يتحالف مع العلم والبيولوجيا والأخلاقيات، يصبح رافعة قوية لبناء مستقبل أكثر استدامة وعدالة وإنسانية.
وقد أظهرت النقاشات بين الباحثين والمؤسسات وفاعلي الابتكار قدرة العالم العربي على التموقع كلاعب رئيسي في التحول الرقمي العالمي، أما فما يتجاوز الخوارزميات والتقنيات، هو الأفكار والإبداع والتعاون الإنساني، التي تبقى جوهر كل تقدم، وهذا بالضبط ما جسده ملتقى برج بوعريريج: علم في خدمة الحياة، وذكاء في خدمة الإنسان.
الكلمات المفتاحية: ملتقى؛ جامعة؛ بيولوجيا؛ شركات ناشئة؛ ذكاء اصطناعي؛ إبداع؛ صحة.
إقرأ أيضاً: