اكتشف باحثون أمريكيون مؤخرًا أن خطر الإصابة بالسرطان المرتبط بالمبيدات الحشرية قد يكون أحيانًا مشابهًا لخطر التدخين، وقد نُشرت هذه النتيجة المريرة في 25 جوان في مجلة “Frontiers in Cancer Control and Society”.
التدخين والتعرض للمبيدات: هل هناك مخاطر صحية متشابهة؟
وفي بيان للمؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور ” إيساين زاباتا ” كشف عن ملاحظة تأثير استخدام المبيدات الزراعية على بعض أنواع السرطان يشبه تأثير التدخين .
هذا وقد لاحظ الباحثون أن حتى غير المزارعين الذين يعيشون في مناطق ذات زراعة تقليدية مكثفة يتعرضون لمستويات كبيرة من المبيدات، مع حالات إصابة بالسرطان مرتبطة بالمبيدات تنافس تلك المرتبطة بالتدخين، في حين كانت الروابط الأبرز ملحوظة مع اللمفومة اللاهودجكيِنية ( lymphome non hodgkinien ) وسرطان الدم وكذا سرطان المثانة، أما بالنسبة لهذه الأنواع من السرطان، فقد كانت تأثيرات التعرض للمبيدات أكثر وضوحًا من تلك المرتبطة بالتدخين.
تأثير استخدام التركيبات المتعددة للمبيدات مقارنةً بالعوامل الفردية
يوضح مؤلفو الدراسة أنه على الرغم من أن المبيدات الرئيسية التي تساهم في بعض أنواع السرطان المحددة، إلا أن التركيبة المتعددة لهذه المبيدات هي العامل الحاسم، وليس مبيدًا فرديًا، وفي الواقع فإنه نادرًا ما تُستخدم المبيدات بشكل منفصل، مما يجعل من غير المرجح أن يكون مبيد واحد مسؤولًا عن الملاحظات التي تم إجراؤها.
ووفقًا لما أكده الدكتور “زاباتا ” فإنه من غير المحتمل أن يتعرض الناس لمبيد واحد فقط، بل لمزيج من المبيدات في بيئتهم المحلية.
التأثير الجغرافي: المبيدات وخطر الإصابة بالسرطان
هذا وقد وجد الباحثون أن الموقع الجغرافي يؤثر بشكل كبير على خطر الإصابة بالسرطان المرتبط برش المبيدات: حيث أن العلاقة بين المبيدات والسرطان تكون أكثر وضوحًا في المناطق ذات النشاط الزراعي الكثيف، مثل منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة المشهورة بإنتاج الذرة.
المبيدات الأكثر انتشارًا في الزراعة
هناك العديد من المبيدات المستخدمة في الزراعة، ولكل منها خصائص محددة للتحكم في الآفات والأمراض والأعشاب الضارة.
- المبيدات الحشرية: تُستخدم لقتل الحشرات الضارة، مثل: الفوسفات العضوي (مثل المالاثيون malathion)، البيريثرويدات الاصطناعية pyréthroïdes (مثل البيرمثرين perméthrine)، النيكوتينويدات الجديدة néonicotinoïdes (مثل الإيميداكلوبريد l’imidaclopride).
- المبيدات الفطرية: تهدف إلى الوقاية أو علاج الأمراض الفطرية في المحاصيل، ومن أمثلة ذلك: التريازول triazoles (مثل التيبوكونازول tebuconazole)، الستروبيلورينات strobilurines (مثل الأزوكسيستروبين azoxystrobine )، الكاربامات carbamates (مثل البروبكونازول propiconazole ).
- مبيدات الأعشاب: تُستخدم للتحكم في الأعشاب الضارة. أمثلة: الجليفوسات glyphosate ، الأترازين atrazine ، والمركب الكيميائي 2,4-D.
- مبيدات النيماتودا: تُستخدم للتحكم في الديدان الخيطية الطفيلية في التربة. أمثلة: الفوستيازيت fosthiazate ، ألديكارب aldicarb .
- مبيدات القوارض: تُستخدم للتحكم في القوارض الضارة، وأمثلة ذلك : الوارفارين warfarine ، البروماديولون bromadiolone .
لماذا نستخدم المبيدات؟
تُستخدم المبيدات الحشرية بشكل أساسي في الزراعة لعدة أسباب أساسية:
- مكافحة الآفات: تُستخدم المبيدات للسيطرة وتقليل أعداد الحشرات والفطريات والأعشاب الضارة والديدان الخيطية وغيرها من الكائنات الضارة التي قد تُلحق الضرر بالمحاصيل وتُقلل من الإنتاجية.
- الوقاية من الأمراض: تُستخدم المبيدات أيضًا للوقاية من أمراض النباتات ومعالجتها، والتي تسببها مسببات الأمراض مثل الفطريات والبكتيريا والفيروسات، كما يساعد ذلك في الحفاظ على صحة المحاصيل وتجنب الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأمراض.
- زيادة الإنتاجية: من خلال حماية المحاصيل من الآفات والأمراض، تساهم المبيدات في زيادة الإنتاج الزراعي، وهذا أمر بالغ الأهمية في ظل تزايد الطلب العالمي على الغذاء.
- الحفاظ على جودة المحاصيل: تساعد المبيدات في الحفاظ على الجودة البصرية والغذائية للمحاصيل عن طريق تقليل الأضرار الناجمة عن الآفات والأمراض، وهذا مهم بشكل خاص للمحاصيل المخصصة للاستهلاك البشري المباشر.
- الربحية والاستدامة: يمكن أن يكون استخدام المبيدات مجديًا اقتصاديًا من خلال تقليل خسائر المحصول وتقليل التكاليف المرتبطة بإدارة المحاصيل، وبالإضافة إلى ذلك، تتيح الممارسات الزراعية المتكاملة استخدام المبيدات بشكل مسؤول، مما يقلل من تأثيرها على البيئة وصحة الإنسان.
وعي المواطن بخطر المبيدات: دعوة للتفكير
بالإضافة إلى زيادة الوعي لدى السلطات بشأن المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرض للمبيدات، يسعى الباحثون أيضًا إلى تحفيز المواطنين على التفكير في استخدام المبيدات وعواقبها، أين أكد الدكتور ”زاباتا” أنه و: “في كل مرة أشتري فيها الطعام من السوبرماركت، أفكر في المزارع الذي ساهم في إنتاجه، هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يتحملون المخاطر من أجل راحتي، مما يؤثر على نظرتي للمنتج، وبالتأكيد يؤثر ذلك على مشاعري عندما أضطر إلى التخلص من طماطم منسية في الثلاجة.”
تفضيل الزراعة العضوية: حماية صحة المزارعين والحفاظ على البيئة
يُعتبر شراء الأطعمة من الزراعة العضوية أو الزراعة المتكاملة خطوة ملموسة لدعم صحة المزارعين والمزارعات، حيث تقلل هذه الممارسات الزراعية من التعرض للمبيدات والمواد الكيميائية الضارة، مما يقلل من المخاطر الصحية للعاملين في الزراعة وعائلاتهم، كما أنه وباختيار هذه المنتجات، يشجع المستهلكون أيضًا على اتباع أساليب زراعة تحترم البيئة وتساهم في استدامة نظم الغذاء على المدى الطويل ، في حين أنها طريقة استباقية للمساهمة في حماية الصحة العامة مع دعم زراعة أكثر احترامًا للإنسان والطبيعة.
ش.ب