أشرف وزير الصحة ”عبد الحق سايحي” على التنصيب الرسمي للجنة الوطنية لأخلاقيات الصحة، وهي هيئة استشارية استراتيجية تُعنى بتأطير البحث الطبي الحيوي، وضمان احترام المبادئ الأخلاقية في الممارسات الطبية، ومواكبة التطورات التكنولوجية في مجال الصحة.
استجابة منظمة لتحولات القطاع الطبي
وفي وقت تتطور فيه الممارسات الطبية بوتيرة متسارعة بفعل التقدم العلمي والتكنولوجي والوراثي، تصبح الأسئلة الأخلاقية في صلب الاهتمامات. وأكد الوزير على ضرورة وجود هيئة وطنية قادرة على مواكبة هذا التحول، مع ضمان سلامة المرضى وكرامتهم وأمنهم الصحي.
ويأتي تنصيب هذه اللجنة في إطار استراتيجية شاملة لتحديث المنظومة الصحية الجزائرية، فيما لا تهدف فقط إلى تحسين نوعية العلاج، بل أيضًا إلى تعزيز الحوكمة الأخلاقية للممارسات الطبية، لا سيما في المجالات الحساسة.
تأطير البحث وحماية المرضى
وتتمثل المهمة الأساسية للجنة في تقييم بروتوكولات البحث العلمي والطبي، وضمان مطابقتها للمعايير الأخلاقية الوطنية والدولية. وستتدخل في المراحل الأولية للمشاريع البحثية للتأكد من احترام مبدأ الموافقة المستنيرة، وحماية المعطيات الشخصية، وتحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر بالنسبة للمشاركين.
كما ستساهم اللجنة في ترسيخ المبادئ الأخلاقية داخل المستشفيات ومراكز العلاج والمخابر البحثية، بهدف دعم المهنيين الصحيين في اتخاذ قرارات معقدة، خاصة في سياقات حرجة مثل الرعاية التلطيفية، وزراعة الأعضاء، والوصول إلى العلاجات التجريبية.
زراعة الأعضاء، التجارب السريرية، علم الوراثة: تحديات كبرى
ويطرح التقدم المحرز في مجالات زراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا، والتجارب السريرية للأدوية المبتكرة، والتقنيات الحديثة في علم الوراثة والتكاثر، إشكالات أخلاقية غير مسبوقة.
وقد شدد الوزير على أن هذه الممارسات رغم ما تحمله من آمال قد تنطوي على مخاطر الانحراف أو سوء الاستخدام إن لم تكن خاضعة لإطار صارم، مما يستدعي وجود هيئة للرصد والاستشارة والتنظيم الأخلاقي.
هيئة استشارية في خدمة الصحة العمومية
هذا ولن تقتصر مهام اللجنة على الجوانب التقنية فحسب، بل سيكون لها دور في التفكير العميق حول القضايا الكبرى للصحة العمومية، من خلال تقديم توصيات للسلطات العليا. كما ستشارك في تفعيل الآليات التي ينص عليها قانون الصحة، لا سيما فيما يتعلق بالبحث الطبي والابتكار وحقوق المرضى.
ويمكن للجنة أن يتم استشارتها لإبداء الرأي في حالات خاصة أو مشاريع تنظيمية تتعلق بالتقنيات البيولوجية، أو نهاية الحياة، أو التلقيح الصناعي، أو الذكاء الاصطناعي المطبق على الطب.
مهام موسعة لمواجهة التحديات التكنولوجية
من جهتها أكدت رئيسة اللجنة البروفسورة ”لويزة شاشوة” وهي خبيرة مرموقة في مجال الأخلاقيات الحيوية، أن هذه الهيئة ستكون أمام تحديات كبيرة. وأوضحت أن تأطير الطب الحديث يتطلب كفاءات متعددة التخصصات من أطباء وباحثين وقانونيين وفلاسفة وعلماء اجتماع وممثلين عن المجتمع المدني.
وأشارت إلى أن اللجنة ستركز في البداية على تنظيم ممارسات زراعة الأعضاء، ومراقبة التجارب السريرية، وتطوير قواعد واضحة لأخلاقيات البحث العلمي، بما يتماشى مع التقدم التكنولوجي والمعايير الدولية.
نحو طب جزائري أكثر إنسانية وأمانًا
ومن خلال تأسيس هذه اللجنة الوطنية تعزز الجزائر منظومتها لحماية المرضى، وتدعم في الوقت نفسه البحث الطبي المسؤول والمبتكر. وستُسهم هذه الهيئة أيضًا في تعزيز الثقة بين المواطن ومنظومة الصحة، عبر ضمان الشفافية واليقظة واحترام حقوق الإنسان في جميع إجراءات الرعاية والبحث.
وتعتبر هذه الخطوة حاسمة نحو طب أكثر إنسانية وأخلاقا، وأكثر توافقًا مع تطلعات المجتمع العصري.
الكلمات المفتاحية: الصحة؛ سايحي؛ الأخلاقيات؛ الطب؛ المريض؛ الحقوق؛ اللجنة.