صحة جيدة لحياة أفضل

الصحة العمومية: إطلاق حملة واسعة ضد الممارسات الطبية غير القانونية 

حرر : شعبان بوعريسة | صحفي
25 أبريل 2025

أطلقت وزارة التجارة الداخلية وتنظيم السوق الوطني حملة وطنية واسعة لمراقبة الممارسات الطبية وشبه الطبية غير القانونية التي يمارسها أشخاص غير محترفين. وتمتد هذه العمليات إلى عدة قطاعات حساسة مثل صالونات الحلاقة، معاهد التجميل، مراكز العناية بالجسم، بالإضافة إلى المحلات التي تبيع مواد غذائية مشبوهة المصدر أو مستوردة بطرق غير قانونية.

وتأتي هذه الحملة استجابة لتعليمات مباشرة من الوزير ”الطيب زيتوني”، الذي حذر من الانتشار الخطير للممارسات العشوائية التي قد تهدد صحة المواطنين. وتهدف إلى تعزيز تنظيم السوق بالتنسيق مع مصالح الصحة، والبلديات، وجمعيات حماية المستهلكين.

كشفت عمليات التفتيش الميدانية عن حالات مقلقة، حيث يقوم أفراد غير حاصلين على شهادات أو تراخيص بممارسة أنشطة طبية وشبه طبية أحياناً تدخلية، في أماكن غير مناسبة كصالونات التجميل. ومن بين هذه الممارسات:

  • حقن البوتوكس أو حمض الهيالورونيك 
  • جلسات الميزوثيرابي 
  • علاجات بالليزر (إزالة الشعر، إزالة الوشم، علاجات جلدية) 

وتكمن الخطورة في أن هذه الأعمال الطبية قد تتسبب في التهابات، وحساسيات، وحروق، أو مضاعفات خطيرة إذا تمت بدون شروط النظافة الصارمة، والمعرفة الطبية اللازمة، والمتابعة الصحية. 

يجب أن تبقى هذه التدخلات حكراً على الأطباء المختصين، لما تتطلبه من معرفة دقيقة بالتشريح وعلم الأدوية وقواعد التعقيم.

وفي جانب آخر مثير للقلق يتمثل في البيع غير القانوني للمواد الغذائية المستوردة دون توفر شروط التتبع واحترام المعايير الصحية، وقد ضبطت مصالح الرقابة كميات كبيرة من:

  • منتجات منتهية الصلاحية 
  • مواد مجهولة المصدر أو غير موسومة 
  • أطعمة تحتوي على مواد ممنوعة مثل الكحول أو دهون حيوانية غير مطابقة أو إضافات مضرة 

وتشكل هذه المنتجات خطراً بالتسمم، أو التحسس الحاد، أو التلوث الجرثومي (كاللِستيريا والسالمونيلا)، وقد تؤدي إلى اضطرابات هضمية أو عصبية أو حتى إلى تلف في الكبد.

أعرب ”مصطفى زبدي” رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه عن دعمه الكامل لهذه الحملة، مؤكداً أهمية الرقابة خصوصاً في قطاع العلاجات التجميلية الذي يشهد طلباً متزايداً لكنه يفتقر أحياناً إلى التأطير.

كما شدد على أن بيع النظارات والعدسات يجب أن يبقى حصرياً على أيدي أخصائيي البصريات المؤهلين، لما قد يسببه سوء تجهيز البصر من صداع مزمن، وتدهور في الرؤية، بل وحتى إصابات خطيرة للأطفال وكبار السن.

رحب المجلس الوطني لهيئة أطباء الأسنان بمبادرة وزارة التجارة، مستنكراً ظاهرة انتشار تركيبات الأسنان العشوائية دون شهادات أو تراخيص. وأشار المجلس إلى أن هذه الممارسات التي تتم أحياناً في مرائب أو صالونات خاصة، تعرض المرضى لمخاطر التهابات خطيرة في الفم والأسنان، وتفاعلات سامة، وتشوهات لا رجعة فيها للفكين.

بالإضافة إلى صالونات التجميل، مراكز العناية بالجسم، والمتاجر غير القانونية، يطلق العديد من المهنيين في قطاع الصحة نداء استغاثة بشأن الأوضاع السائدة في الأسواق الشعبية. إذ تبقى هذه الأسواق التي غالباً ما تفتقر للرقابة، بؤراً رئيسية للممارسات الطبية غير القانونية ولبيع الأدوية المخالفة للمعايير.

ويتم العثور فيها بشكل متكرر على:

  • أدوية تباع بدون وصفة طبية أو رقابة صحية، 
  • أدوية مقلدة أو منتهية الصلاحية، 
  • علاجات تقليدية تُروّج على أنها “علاجات سحرية”، 
  • وأحياناً إجراءات طبية مرتجلة في عين المكان، مثل خلع الأسنان أو وصف علاجات عشبية دون أي أساس علمي، 
  • كبسولات للتنحيف أو الطاقة غير مصرح بها، 
  • مراهم يُزعم أنها “تشفي” الأكزيما أو السكري، 
  • قوارير بدون ملصقات واضحة، غالباً ما تكون منتهية الصلاحية أو مقلدة، 
  • علاجات عشبية ذات آثار غير معروفة.

وقد كشف الدكتور سليم ب.، طبيب عام بولاية البليدة قائلاً: «استقبلت عدة حالات لمرضى تعرضوا لمضاعفات خطيرة، كالتهابات جلدية أو اضطرابات كبدية، عقب استعمالهم كريمات اشتروها من الأسواق، أين كانوا يظنون أنهم يستخدمون منتجاً طبيعياً وآمناً.»

ويدعو المواطنون والمهنيون إلى فرض رقابة صارمة على هذه الفضاءات التجارية العشوائية، التي غالباً ما تفلت من رقابة أجهزة التفتيش، مطالبين بـ:

  • تدخلات منتظمة للجهات المختصة داخل الأسواق، 
  • تكثيف حملات التوعية للمستهلكين حول المخاطر الصحية، 
  • الإغلاق الفوري لنقاط البيع المتورطة في توزيع المنتجات الطبية غير المرخصة.

ويرى الخبراء أن الأمر يتعلق بتحدٍ صحي بالغ الخطورة، إذ إن هذه الممارسات تعرض السكان خصوصاً الفئات الهشة، للتسمم ولمضاعفات خطيرة بل وحتى الوفاة، بسبب استخدام مواد محظورة، أو جرعات خاطئة، أو سوء التخزين.

تحكي ”فاطمة” 37 سنة من قسنطينة، تجربتها المؤلمة قائلة: «اشتريت محلولاً لعلاج آلام المفاصل من سوق شعبي معروف، إذ أكد لي البائع أنه تركيبة “أمازيغية تقليدية”، وبعد يومين من الاستعمال، بدأت بشرتي بالاحتراق، وانتهى بي المطاف في المستشفى مصابة بالتهاب جلدي كيميائي شديد.»

ويطالب المهنيون السلطات بـ:

  • القيام بحملات مداهمة منتظمة في الأسواق، بالتنسيق مع مصالح الصحة، 
  • منع بيع أي منتج ذي غرض طبي بدون ترخيص صيدلاني، 
  • إطلاق حملات توعية موجهة للسكان، خصوصاً في المناطق الريفية والمحرومة.

وتضيف الدكتورة ”مونيا ز.” صيدلانية من الجزائر العاصمة: «ما لم يتم قطع الطريق أمام هذه المنتجات غير القانونية ومعاقبة البائعين بصرامة، ستستمر هذه الممارسات في تهديد حياة الآلاف من المواطنين.»

خلال اجتماع تنسيقي حديث دعا الوزير ”الطيب زيتوني” إلى مراجعة شاملة لكافة القطاعات المرتبطة بالعلاجات غير الطبية، وذلك بالتنسيق مع وزارات الصحة، التكوين المهني، والعدل.

الهدف من هذه الخطوة:

  • وضع معايير واضحة للتأهيل والمراقبة،
  • تحديد المهنيين المخولين بالعمل، 
  • حماية المستهلك، 
  • استعادة الثقة في الخدمات المؤطرة من قبل الدولة.

تشكل هذه العملية مرحلة أساسية في مكافحة الممارسات التجارية غير القانونية التي تترتب عليها عواقب صحية وخيمة. كما تعبر عن إرادة سياسية قوية للحفاظ على الصحة العامة، ومكافحة الأسواق الموازية، وحماية المستهلكين من التجاوزات والانحرافات.

وقد دعت السلطات المواطنين إلى الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه أو ممارسة مشكوك فيها، وعدم تعريض صحتهم أو غذائهم لخطر التعامل مع أشخاص غير مؤهلين.

الكلمات المفتاحية: دواء؛ عناية؛ تجارة؛ غير قانونية؛ طبي؛ ممارسة؛ صحة؛ عامة؛